باحثون يمنيون وعرب:

مجزرة “تنومة” لعنة ستظل تطارد النظام السعودي الإجرامي عبر التاريخ

الدكتور الأهنومي: حمل الوهابيون وقتها جينات وبذور ما يعرفه العالمُ اليوم باسم (داعش)
العراقي عبد الرضا: لارتباط اليمنيين ارتباطًا وثيقًا وتاريخيًا بالحرمين الشريفين أرادت بريطانيا وابن سعود قمع هذا الارتباط
الجزائري أبو منجل:   النهج الدموي الذي تأسس عليه الحكم السعودي بدعم استعماري هو نهج مستمر
السوري العظم:  النظام السعودي هو المسؤول الأول عن هذه المجزرة جنائياً وسياسياً وأخلاقياً

 

كيف للنظام السعودي أن يتصور أن الشعب اليمني سينسى جرائمه بحق اليمنيين أطفالا ونساء طيلة أكثر ثمانية أعوام من العدوان، وأن يتنازل عن حقه وهو الذي لا يزال يتذكر مجزرة بشعة ارتكبها هذا النظام قبل أكثر من 100 عام، عندما أقدم هذا النظام الوهابي المجرم في بداية العام 1342هجرية الموافق 1923 ميلادي، على ارتكاب مجزرة في غاية الوحشية بحق آلاف الحجيج اليمنيين على أيدي جيش كوّنه من وحوش بشرية، تمركزوا على قمم الجبال، ليقتلوا حينها أكثر من ثلاثة آلاف من الحجاج المحرِمين القاصدين بيت الله الحرام، وهم في طريقهم لأداء مناسك الركن الخامس من أركان الإسلام.

مذبحة كبرى عكست قُبحَ النظام المتوحش وتاريخَه الأسودَ على مدى الأزمنة،

“الثورة” تستعرض أبرز ما كتبه الباحثون في الداخل والخارج عن تلك المجزرة الوحشية…

الثورة / أحمد السعيدي

يوم أسود حدث للحجاج ذوي الرداء الأبيض، الذين سقطوا على الأرض القاحلة إثر وابل من رصاص الحقد انهالت عليهم من كُـلّ صوب، والتي كانت تخترق الأجساد من الرجال والنساء، فتسقط تلك الأجساد مضرجةً بدمائها الطاهرة، وكأنها وهي تسيل فوق تراب الأرض ترسم الصورة الوحشية القذرة لنظام قمعي استبدادي عميل، سخر نفسه ومقدراته لحرب الله ودينه، ومع الهجمات الغادرة التي تعرض لها الحجيج، أدانت تلك الأرض هذا العمل الجبان الآثم وتحولت إلى أرض حمراء من دمائهم المسفوكة بدون وجه حق ولا ذنب، إلا أنهم قطعوا مسافات شاسعة مشياً على الأقدام وهم في شوق كبير لمعانقة بيت الله الحرام.

يرى باحثون، أن تلك الحادثة كشفت من جانب مستوى الحقد والخبث الذي يكنّه النظام السعوديّ ومَن يقفون وراءَه على الشعب اليمني، ومن جانب آخر كشفت حقيقة وروحية ومهمة المشروع التكفيري الوحشي الخبيث الذي أنتجته أروقة المخابرات البريطانية.

بداية مجازر آل سعود

الدكتور حمود الأهنومي، باحث ومؤرخ ديني يمني تناول هذه الجريمة على أنها بداية مجازر آل سعود:

“يشاء السعوديون أن يعرِفَهم اليمنيون من أول يوم بأنهم مجرمون وقتلة، وذلك من خلال جريمة مروِّعة ذهب ضحيتها آلاف الحجاج اليمنيين، فيما عرف بمجزرة تنومة عام1922م الموافق 1430هـ، في منطقة عسير بين بلاد بن لسْمر وبن لحْمر، فحينما كانوا يجتازون وادي تنومة كانت قد ترصّدتهم مجموعات تكفيرية (داعشية) من جيش عبدالعزيز آل سعود في رؤوس الجبال المطلة على الوادي، يقال لهم الغُطْغُط، بقيادة التكفيري الوهابي سلطان بن بجاد العتيبي، فانقضُّوا عليهم بوحشية منقطعة النظير، وهم عُزّل من السلاح، ومعهم نساء، فتقربوا إلى الله بزعمهم بقتل هؤلاء الحجاج اليمنيين جميعاً رجالا ونساء؛ لأنهم – بحسب عقيدتهم – كفار مباحو الدماء والأعراض، لقد كان الوهابيون من أتباع قرن الشيطان ولا زالوا يحملون جينات وبذور ما عرفه العالمُ اليوم باسم (داعش)، بلغ بأولئك أن هنَّأ بعضُهم البعضَ الآخر بكثرة من قُتِل من الحجاج، فمن قتل حاجًّا واحداً بشّروه بقصرٍ في الجنة، ومن قتل اثنين بشَّروه بقصرين، وهكذا. وبعد ذلك سطوا على دوابهم وقافلتهم التي كانت تحمل الحبوب والدقيق والسمن واحتياجاتهم التموينية التي كانت أيضاً سبباً في سيلان لعاب هؤلاء الوهابيين التكفيريين. ولأن مملكة قرن الشيطان تمضي على نهج الشيطان في التضليل، فقد نحت باللائمة على بعض فرق جيشها بحجة أنهم التبسوا في الحجاج بأنهم مدَدٌ عسكري لشريف مكة، تضليلاً للرأي العام وتنصُّلا من عار وشين الجريمة المروِّعة أمام العالم الإسلامي، لكن القاضي العلامة الحسين بن أحمد بن محمد السياغي في كتابه (قواعد المذهب الزيدي) – والذي كان أبوه العالم والمدرِّس في الجامع الكبير أحدَ شهداء هذه المجزرة – لخِّص تعامل الملك عبدالعزيز مع هذه القضية بقوله: “استفتح الملك عبدالعزيز الحجاز بقتلهم، وباء بدمائهم وأموالهم، ولم يتخلّص منهم إلى أن توفي”. قضى في هذه المجزرة خيرة أعلام اليمن، وكان من استشهد فيها السيد العلامة الحسين بن يحيى حورية المؤيدي، والسيد العلامة يحيى بن أحمد بن قاسم حميد الدين، والحاج حسين القريطي – والد الشيخ المقرئ محمد حسين القريطي رحمهما الله، الذي ولد في نفس العام، والحاج محمد مصلح الوشاح، أحد أهالي صنعاء، وعمّ السخط والحزن أرض اليمن، وحين وصل الرحالة نزيه مؤيد العظم إلى اليمن وجد الحزن والأسى يعم أهلها، ورثاهم الشعراء والأعيان، وعلى رأسهم القاضي العلامة المؤرخ الجغرافي محمد بن أحمد الحجري، وقال القاضي العلامة يحيى بن محمد الإرياني، والد الرئيس الأسبق القاضي عبدالرحمن الإرياني: جنيت على الإسلام يا ابن سعود… جناية ذي كُفْرٍ به وجحود.. جناية من لم يدر ما شرعُ أحمدٍ… ولا فاز من عذب الهدى بورود.. ولما حضر الموتُ السيدَ العلامة يحيى بن علي الذاري – رحمه الله – أسِف على أمرين لم يوفّق فيهما، وهو أنه لم يقاتل الصهاينة في فلسطين، والثاني أنه لم يجاهد آل سعود اقتصاصا لشهداء مجزرة تنومة.

أبشع المجازر

بدوره، اعتبر الدكتور منير الشامي –باحث وناشط ثقافي يمني الجريمة من أبشع المجازر التي حدثت على سطح الأرض:

“من مجزرة تنومة عام (1923م) إلى اليوم قرن من الزمان مضى لم يتوقف فيه الإجرام السعودي ضد اليمن، فتلك المجزرة البشعة والمذبحة الدامية التي ارتكبتها عصابات الإجرام التابعة لمجرم نجد عبدالعزيز بن سعود واستهدفوا بها أكثر من 3000 مواطن يمني، كانوا قاصدين بيت الله الحرام لأداء مناسك الحج، استهدفوهم غدراً وهم محرمين مهللين ومكبرين ومستجيبين لله وملبّين لدعوته وفي الأشهر الحرم، وصوبوا بنادقهم إلى صدورهم العارية ورؤوسهم المكشوفة ليرتقوا شهداء وتصعد أرواحهم الطاهرة إلى بارئها ومهاجرة إليه، وتعد تلك المذبحة البشعة من أبشع المجازر التي حدثت على سطح الأرض وقد مثلت جريمة مرّكبة وبوتقة واحدة لعدد من الجرائم والكبائر التي لا تغتفر، حيث اجتمع فيها المكر والخداع وتجسد فيها سبق الإصرار والترصد وعكست الكبائر التالية: ( سفك الدماء المعصومة-سلب الأموال المحرمة- الصد عن بيت الله الحرام – محاربة الله ورسوله-الإفساد في الأرض) …إلى غير ذلك من الجرائم والكبائر التي توجب على مرتكبها لعنة الله وغضبه والخلود في عذابه، ولو لم يقترف النظام السعودي في تاريخه إلا هذه المذبحة البشعة لكفته ليحل عليه غضب الله هو وكل من والاه،ولقد تزامنت تلك المذبحة الدامية مع بداية نشأة نظام آل سعود الإرهابي المجرم الذي اتخذ من دماءهم الزكية المسفوكة شعاره وكتب بها أهداف مملكته ونهجها وعمّد بها أركان حكمه وإرهابه وتقرب بأجسادهم للشيطان الرجيم، فسَرّ خاطره ونال رضاه، وزاد فخره وضاعف قواه، فنبت قرنه وتجسد ذلك القرن الخبيث على الواقع بذلك النظام الشيطاني وتلك الأسرة الطاغية على الأرض وصار المجرم عبدالعزيز بن سعود ومن بعده أولاده بعد تلك المجزرة أياد الشيطان التي تفسد في الأرض وتهلك الحرث والنسل في أرض الحرمين وفي مشارق الأرض ومغاربها من ذلك التاريخ وإلى اليوم وسيبقى هذا حالهم حتى زوالهم الذي قد آن أوانه ودنى يومه”

المجزرة المنسية

الكاتب الجزائري علي بومنجل، شارك في الحديث عن هذه المجزرة بمقال في موقع المغرب العربي:

“ارتكبت عصابات عبد العزيز بن سعود مجزرة بحق الحجاج اليمنيين في تنومة وسدوان بمنطقة عسير السعودية وهم في طريقهم لأداء فريضة الحج. لم يتم تحقيق العدالة حتى يومنا هذا. في عام 1923، قتلت عصابات تابعة لمؤسس المملكة العربية السعودية عبد العزيز بن سعود بالرصاص أكثر من 3000 حاج يمني كانوا متجهين نحو مكة لأداء فريضة الحج السنوية عندما وصلوا إلى تنومة وسدوان في عسير بالسعودية، بدأت العصابات المسماة الغاطغات بإطلاق النار على الحجاج وقتلت 3105 حاجاً مسالمين، النهج الدموي الذي تأسس عليه الحكم السعودي بدعم استعماري منذ ما يسمى بالدولة السعودية الأولى هو نهج مستمر، وما نسميه اليوم سلوك داعش البشع والمروع تجاه المعارضين هو السلوك الذي تنتهجه أسرة آل سعود وسلطتهم. المعتمد منذ اليوم الأول. عندما أطلق جنود آل سعود النار وقتلوا هؤلاء الحجاج [اليمنيين] في كمين وهم بأمان، ثم ذبحوهم بالسيوف والسكاكين وفصلوا رؤوسهم عن أجسادهم، كما ثبت من الوثائق العديدة التي تلقيناها، و وقعت أحداث مماثلة قبل ذلك وبعده مثل قتل النظام السعودي خاشقجي الذي عاش حياته كداعية للنظام السعودي، لكن عندما بدأ يوجه بعض نصائحه إليهم قاموا بقطع أوصاله، ما يؤكد أن النهج السعودي الدموي سلوك متجذر وراثيا داخل هذا الكيان الدموي بوظيفة استعمارية”

التستر على الجريمة

يواصل الباحث الجزائري السرد:

“كيف استطاع ابن سعود التستر على هذه الجريمة ودفنها، وما هو موقف أمريكا وبريطانيا من هذه المجزرة؟ استطاع ابن سعود التستر على المجزرة ودفنها من خلال أربعة أمور:

1 – استثمار الكثير من الأموال المتدفقة من النفط لتنظيف وسخ النظام وقذارته، وخلق بيئة محلية وإقليمية وعالمية لا تظهر إلا المزايا، وكثير منها مبالغ فيه، وتعمل على دفن جميع الجرائم المرتكبة على يد الكيان السعودي.

2 – وجّه حكام آل سعود جامعاتهم ومراكزهم لعقد مؤتمرات وندوات دولية يستدعي فيها عادة العديد من الباحثين والأكاديميين، ويُغدق عليهم الكثير من المال، بشرط أن يكتبوا الثناء والتسامح على حكام البلاد. آل سعود، ودفن كل نواقصهم، ما أنتج جيوشاً كثيرة من الكتبة والباحثين والمراكز والجامعات مهمتها التزلف على آل سعود، وهذا معروف في الأوساط الأكاديمية.

3 – عاقبوا كل من كتب عن الحق وحرموه من أمواله. وعلاوة على ذلك، فقد عاقبوا صائدي الحقيقة بحرمانهم من الحج والعمرة طوال حياتهم، كما حدث لأستاذ التاريخ الحديث والمعاصر الأستاذ سيد مصطفى سالم رحمه الله، الذي نظر إليه السعوديون بازدراء لكن السعوديين لم يقبلوه إلا إذا كان من السرب، وإلا فلا يدخل السعودية للحج والعمرة.

4 -عندما استولى آل سعود على الحاكم بولي قرارات ثقافية وتربوية وثقافية في اليمن، ووضعت حكام اليمن ضمن اللجنة السعودية الخاصة، ودفعوا رواتبهم، وتم ممارسة الكثير من الضغط المستمر على جميع الكتابات والصحف والمجلات والجامعات التي يمكن أن تنتج شيئًا من حقيقة”

دافع ارتكاب الجريمة

الباحث العراقي المعروف محمد عبد الرضا تسائل قائلاً: “ما الذي دفع ابن سعود إلى ارتكاب هذه المجزرة بحق الحجاج المسالمين بقبح لا مثيل له؟

وقال: كانت الحكومة اليمنية في ذلك الوقت مقاومة لبريطانيا، ورفض الإمام يحيى حميد الدين الدخول في الحرب العالمية الأولى مع بريطانيا ضد تركيا، رغم أنه كان من قاد الثورة اليمنية ضد الاحتلال التركي، لأنه رأى ذلك. لا يجوز نصرة دولة استعمارية كافرة ضد دولة إسلامية، فقد امتنع عن المشاركة، على عكس ابن سعود وشريف مكة. ثم حاولت بريطانيا معاقبة اليمن باحتلالها للحديدة من عام 1918 إلى عام 1921، ثم سلّمتها إلى موكلها محمد الإدريسي. وكان الإمام يحيى يسعى بين الحين والآخر لإعادة المناطق المحتلة جنوب اليمن، وكان يُطلق تصريحات مقلقة ضد بريطانيا في هذا الصدد. في الوقت نفسه كان ابن سعود يحتل أجزاء من عسير باليمن، وكان الإمام يطلب منه إخلاءها لكونها أرض يمنية. في ذلك الوقت، كانت بريطانيا تُعد ابن سعود ليكون الرجل الأول ووكيلها الأساسي في المنطقة، الذي سينفذ مشروعها التخريبي والمميز، لكنها أرادت منه إجراء اختبار قبول يؤهله ليكون رجلها القادر على ذلك. يقوم بأي شيء قبيح يُطلبه منه. ونظرًا لارتباط اليمنيين ارتباطًا وثيقًا وتاريخيًا بالحرمين الشريفين، فقد أرادت بريطانيا وابن سعود قمع أي توجه يمني لليمنيين لدعم الحرمين الشريفين عندما ينفذ البريطانيون والسعوديون خطتهم للاستيلاء على الحرمين الشريفين بسبب وجودهم الجديد. ووكيلها الرئيسي ابن سعود. هذا ما حدث بالفعل، حيث حدثت مذبحة تنومة عام 1923، واقتحام ابن سعود للحرمين الشريفين بدعم بريطاني عام 1924، بعد أن نجحوا في إرسال رسالة وحشية ومرعبة لجميع اليمنيين الذين يرحلون من الحرمين الشريفين بأننا قادمون لنذبحكم وقتلكم بهذه الطريقة التي قتلنا بها الحجاج. لذلك أمرت بريطانيا ابن سعود بارتكاب هذه الجريمة، ولكن على يد جماعة فكرية ووهابية عسكرية تسمى “الغتغات” والتي رأت في عموم المسلمين أنهم مشركون وكفار يجب قتلهم ونهب أموالهم، بينما رؤية مثل هذه الأعمال الشائنة كمكافأة يمكن أن تقربهم من الله.

كيف رد إمام اليمن على هذه المجزرة؟

لسوء الحظ، كانت خطة بريطانيا وابن سعود هي ارتكاب المجزرة وإلقاء اللوم على طرف ثالث لم تستطع الحكومة اليمنية الوصول إليه. وبمجرد وقوع الجريمة، أرسل ابن سعود خطابًا ينفي فيه الجريمة، ولا علاقة له بها. طلب الإمام من ابن سعود أن يحكم على القتلة بحكم الله، معتبراً أنهم من جنوده الذين تحت إمرته، وكان الإمام يأمل أن ينزل فيهم القصاص، لكن ابن سعود هو الذي أمر بالمجزرة. استعصى ابن سعود في البداية ووعد بحل المشكلة. كان الإمام في ذلك الوقت يعاني من بعض التمردات الداخلية، وكان منشغلاً ببناء دولته الجديدة، ولكن بمجرد أن أصبح موقف ابن سعود العسكري والاقتصادي قوياً، انقلب علناً على الإمام وبدأ في مخاطبته بعدم الاحترام في مراسلاته. وعلى الرغم من استمرار حكومة الإمام في رفع تظلمات شهداء تنومة في الاجتماعات الثنائية والمؤتمرات والوساطات العربية، إلا أن ابن سعود تبرأ من الجريمة في النهاية تمامًا، ورفض علاجها، ورفض تعويض أسر الضحايا؛ لأنه كان يرى أن هذا من شأنه أن يشكل اعترافاً بالجريمة. ثم اندلعت الحرب [بين اليمن والسعودية] عام 1934 وانتهت بمعاهدة الطائف، وكانت هذه المذبحة من أسباب الحرب”، حسب الباحث.

عدد الشهداء

بينما ذكر الرحالة والمؤرخ السوري نزيه مؤيد العظم، الذي زار اليمن عام 1927، في كتابه “رحلة في الجزيرة العربية السعيدة” أن عدد شهداء هذه المجزرة تراوح بين 5000 و6000.

ما هو العدد الدقيق للشهداء ؟

وبسبب عدم وجود إحصائيات دقيقة عن الحجاج في ذلك الوقت، صدرت روايات متعددة من قبل المؤرخين حول عددهم، لكن الرقم الذي استقر على الطرفين اليمني والسعودي في ذلك الوقت من خلال مراسلاتهم ووثائقهم قالوا إنهم تجاوزوا ثلاثة آلاف شهيد، وتلقينا إحصائية دقيقة نقلها الأستاذ يحيى بن علي الضاري في مخطوطة في المسجد الكبير [بصنعاء]، أن أحد العلماء، وهو أحمد الوشلي، وصل من مكة، وذكر أن بلغ عدد الحجاج 3105 حاج. يذكر العظم في كتابه، أن الذين نجوا من المذبحة تراوحت أعمارهم بين سبعة وخمسة أعوام.. ذكرت المخطوطة المذكورة أن عدد الناجين بلغ حوالي 500 شخص، منهم 150 واصلوا طريقهم إلى الحج بعد فرارهم إلى تهامة عسير، وركبوا إلى جدة، وهو عدد معقول للغاية، مع الأدلة التي تمكنا من الحصول عليها. أسماء العشرات من هؤلاء الناجين من أبنائهم وأحفادهم لم نلتق بأي من الناجين، لكننا قابلنا العشرات من أبنائهم وأحفادهم، ووثقنا خبرهم في كتابي “مذبحة الحجاج الكبرى”، ولا يزال العمل جارياً لتوثيق أكبر عدد ممكن من الشهداء والناجين..

بعد 99 عاما من المجزرة..

ما الذي يمكن عمله حتى يتحرك المجتمع الدولي للاعتراف بهذه المجزرة وضمان عدم إفلات السعودية من العقاب؟ يعترف الجميع بأن أكثر من 3000 شهيد من الحجاج اليمنيين قتلوا على يد تشكيل عسكري أيديولوجي سعودي، بأمر من ابن سعود، وبالتالي فإن النظام السعودي هو المسؤول الأول عن هذه المجزرة جنائياً وسياسياً وأخلاقياً، والتي يصنفها المحامون على أنها جريمة ضد الإنسانية. لقد حدث في سياق الأمن والسلام، وليس في ظل حرب، وهذا النوع من الجرائم يعد جريمة لا تسقط بالتقادم، حيث توجد إمكانية، وفقًا لخبراء قانونيين، لرفع دعاوى ضد النظام السعودي أمام المحاكم الدولية، وهذا يحتاج إلى دعم الدولة والمحامين ومنظمات حقوق الإنسان ودعم أسر الضحايا.. كما نطالب بإصدار قانون ينظم رفع الدعاوى أمام المحاكم اليمنية، وإنشاء محكمة خاصة بهذه الجريمة، وإصدار أحكام فيها، وقريبًا سيأتي اليوم الذي يفرض فيه اليمنيون على السعودية نظام تنفيذ هذه الأحكام وبشكل عام، يتمتع اليمنيون بشرعية قرآنية في معالجة أنفسهم وتحقيق العدالة بأيديهم لضحاياهم”

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا