نشر على صفحته بشبكة التواصل الاجتماعي آخر منشور له جملة مفادها أنه سيدخل العمليات لإجراء عملية قلب مفتوح.. طالبا متابعيه الدعاء له بنجاح العملية والخروج من غرفة العمليات مصحوبا بالصحة والعافية.
كثير من أهله وزملائه وأصدقائه وطلابه -وأنا أحدهم- علق على منشوره بالدعاء له وبعضهم قرأ سورة الفاتحة بنية نجاح العملية والشفاء.. معبرين عن أملهم الكبير في الله أن يعود إلى أهله وأولاده بتلك الابتسامة التي لا تفارقه مذ عرفناه.
في عصر ذلك اليوم اتصلت بابن عمه الأخ والزميل “خليل”.. وسألته: كيف الأستاذ “إبراهيم”؟ هل أجرى العملية؟.. فقال: لا يزال في غرفة العمليات.. فقلت له: رجاء طمني حين ينتهي الأطباء من إجراء العملية.
لم يطمئن قلبي.. انتظرت إلى الليل وأعدت الاتصال لخليل.. هاااا يا خليل طمني خرج الأستاذ إبراهيم؟.. فأجاب: نعم.. لكنه لا يزال تحت الرعاية الطبية؛ والطبيب قال إنه لن يذهب حتى يصحو الأستاذ إبراهيم من المخدر الذي أعطي له قبل إجراء العملية.. وأشار في حديثه إلى أنه حصلت له مضاعفات أثناء إجراء العملية أدت إلى جلطة خفيفة في الدماغ!!.
الأستاذ إبراهيم عبدالرحمن سليمان المعلمي في تمام اللحظة كان أمامي في شريط ذكريات يمر سريعا.. محطات مختلفة تحدثت معه وجلست معه.. تعلمت الكثير منه في المجال الصحفي.. كان كثيرا ما يكلفني بالمهام الصحفية خصوصا اللقاءات التي كانت مطلوبة بشكل عاجل.
كان جميع الزملاء قلقين على حالة الأستاذ إبراهيم المعلمي وينتظرون خبر شفائه بفارغ الصبر.. وفي صباح اليوم التالي اتصل بي أخي “إبراهيم” وأخبرني مباشرة بوفاة الأستاذ إبراهيم.. شعرت بشيء داخلي سكب عليه ماء بارد ولم أستطع الكلام قائلا “إنا لله وإنا إليه راجعون” رحمة الله تغشاه.
موقف حصل بعد هذا الاتصال بدقائق.. خفف عني وجع خبر وفاة الأستاذ إبراهيم المعلمي.. حين تلقيت اتصالا من الزميل محمود الإبارة وهو أحد الزملاء في الإدارة التجارية بمؤسسة الثورة.. ولم يكن يعلم بعد بوفاة الأستاذ إبراهيم.. قال لي: يا أستاذ حسن أمس رأيت في المنام الأستاذ المرحوم محمد المنصور؛ وقال لي يا محمود أسأل حسن شرف الدين أين الماء؟ تأخر علينا؟.. فقلت لمحمود: أخبر الأستاذ محمد بأن الماء وصل له اليوم.. لقد توفى الأستاذ إبراهيم المعلمي قبل قليل.. “حسبنا الله ونعم الوكيل”.
لمن لا يعرف الأستاذ إبراهيم المعلمي فهو أستاذ في الصحافة حاصل على الماجستير في الصحافة من جمهورية التشيك عام 1990م وانخرط في مجال الصحافة منذ العام 1991م حين التحق بصحيفة الثورة ولم يغادرها؛ وقد تدرج في المناصب الإدارية من مدير التحقيقات الصحفية ثم مساعد سكرتير التحرير ثم سكرتير التحرير ثم مديرا لتحرير صحيفة الثورة.. إضافة إلى أعماله الأخرى كمدير تحرير صحيفة الوحدة ومجلة معين ومجلات وصحف أخرى.. وخلال تلك الفترة عمل مع زملائه في صحيفة الثورة اللذين لم يكونوا يشعرون بدخوله وخروجه.. فقط يرون أعماله تنجز أولا بأول دون تأخير أو تباطؤ.. أيضا كان ذلك الرجل المبتسم دائما بشوش الوجه إذا التقيته ابتسم في وجهك وإذا صافحته سأل عن أحوالك وأخبارك وإذا جالسته في مقيل كان ذلك الرجل الخلوق يمتلك من الأخلاق ما يمنعه من الغيبة والنميمة في المجالس.. كان يصمت عند الغيبة ويتحدث عند النقاش والحوار في مختلف المواضيع والقضايا الاجتماعية أو السياسية.
إن وفاة الأستاذ إبراهيم المعلمي شكل فراغا كبيرا فقد فقدت اليمن أحد أبنائها البارين بها المدافعين عنها.. كان حريصا على وحدة الصف الداخلي رافضا تماما العدوان الخارجي.. كان موقفه ثابتا لم يتغير.. صبر كغيره من الأوفياء لبلدهم حتى توفاه الله تعالى.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الطب في اليمن لا زال بحاجة إلى الاهتمام والرعاية وأيضا الأطباء والممرضين لابد أن يكونوا أكثر اهتماما ورعاية بمرضاهم.. فكما يبدو من الحالة التي مر بها فقيدنا الأستاذ إبراهيم المعلمي فإنها لم تخل من الإهمال الطبي سواء أثناء إجراء العملية أو بعد إجراء العملية والتي أدت إلى حدوث جلطة في الدماغ أدت إلى وفاته.
رحمة الله تغشى الأستاذ إبراهيم المعلمي ونسأل الله تعالى له الرحمة والمغفرة وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.. “إنا لله وإنا إليه راجعون”.. وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون.