“أمريكا” نحو الإفلاس لصناعة الأزمات- ديون أمريكا 31 تريليون دولار – ثلاثة أيام على انتهاء المخزون – سقف الدين مشروع لتمويل الحروب

 

توقعات سوداء لمستقبل أمريكا – توقع أزمة دستورية واقتصادية – سيناريوهات وركود وإفلاس – أسعار الفائدة وراء عجز الموازنة “الربا” – الإنفاق أكثر من الدخل – ماهي خيارات بايدن ؟ – ما حقيقة أزمة الديون ؟ – من أين ستحصل أمريكا على المال لسداد الدين ؟

الثورة / متابعة / محمد الجبلي

ثلاثة أيام فقط على نفاد المال
رغم اقتراب حلول الأول يونيو، الموعد الذي أعلنت وزيرة الخزانة، جانيت يلين، أن وزارتها قد تشهد به نفاد النقد الكافي، لم يُعلن حتى الآن عن التوصل لاتفاق بين الرئيس، جو بايدن، ورئيس مجلس النواب، كيفن مكارثي، بشأن رفع سقف الدين الفيدرالي.
– في 13 يناير 2023 بلغت الولايات المتحدة الأمريكية سقف الدين، الذي حدده الكونغرس عند 31 ترليون و 400 مليار دولار.

لمحة تاريخية
بدأت القصة عام 1917 ،عندما اتخذ الكونغرس إجراء قانوني للمرة الأولى، بموجبه يحدد أكبر مبلغ مسموح الولايات المتحدة استدانته للإنفاق على استمرار تقديم الخدمات الحكومية مثل تمويل الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية ودفع رواتب العسكريين ومدفوعات أخرى.
وعند الوصول إلى هذا المبلغ يتعين على الكونغرس رفع سقف الدين.
في معظم السنوات يتجاوز حجم إنفاق الحكومة مجموع إيراداتها، لذلك يتعين على الحكومة اقتراض الأموال لتغطية النقص عن طريق إصدار السندات .

ما هي أزمة سقف الديون؟
تم وضع سقف الدين في عام 1917 لتمويل الحرب العالمية الأولى من خلال تجميع السندات المختلفة، وفي عام 1939، مع اقتراب الحرب العالمية الثانية، أنشأ الكونغرس أول سقف إجمالي للديون.
و»الكونغرس» هو الذي يحدد سقف الدين، وتم رفع السقف 78 مرة منذ عام 1960، بما في ذلك 20 مرة منذ عام 2001. وعادة ما يرفع الكونغرس (أو يعلق) سقف الدين قبل الوصول إليه، وعادة يقوم الحزب الذي خرج من السلطة بإلقاء اللوم على الطرف الآخر في تبذيره.
وتم رفع حد السقف في 2021 ليصل إلى 31 تريليون دولار، وهو ما يعني أنه لا يجب أن يزيد إجمالي قروض الحكومة الأمريكية عن هذا الحد

لماذا تضع أمريكا حداً للدين إذن؟
قبل الحرب العالمية الأولى، كان الكونغرس بحاجة إلى موافقة المشرعين على كل إصدار للسندات، ولذلك، اعتمدت البلاد نظام حد الدين، كحل بديل لتمويل المجهود الحربي دون الحاجة إلى سلسلة ثابتة من عمليات التصويت.
منذ ذلك الحين، أصبحت الأداة التي تم إنشاؤها لتسهيل عمل الحكومة مصدراً للخلل، ما أدى إلى تأجيج الخلاف الحزبي وخلق مخاطر اقتصادية مع زيادة حجم الدين على مدار العشرين عاما الماضية.
– بعد أن أصبح دونالد ترامب رئيساً في عام 2017، غذى المشرعون الجمهوريون المزيد من الزيادات في الديون من خلال تمرير تخفيضات ضريبية ممولة بالعجز، وتسارعت الديون بشكل أكبر مع بداية جائحة فيروس كورونا في عام 2020، ما تسبب في اقتراض حكومي ضخم لإخراج الولايات المتحدة من ركود عميق.
قدر مكتب الميزانية في الكونغرس، العام الماضي، أن الدين الأمريكي سيتجاوز 40 تريليون دولار في عام 2032، ارتفاعا مما يزيد على 31 تريليون دولار سجلها في أواخر العام الماضي.
تستدين الحكومة الأمريكية لتغطية فجوة حجم نفقاتها الذي يزيد عن حجم إيراداتها السنوية، في الاستدانة المنتظمة قبل أكثر من 100 عام.
ووفقا لأحد المقاييس، كان الدَّين نتاج سياسات الحزبين، فقد نما بمقدار 12.7 تريليون دولار في عهدي بوش وترامب، وكلاهما جمهوريان توليا الرئاسة الأميركية، وبمقدار 13 تريليون دولار في ظل الإدارات الديمقراطية لأوباما وبايدن.

المواجهة الحزبية قد تتحول إلى أزمة دستورية أو اقتصادية
أكدت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني أنها ربما تخفض التصنيفات الائتمانية الأميركية انعكاساً للنزاع السياسي المتفاقم الذي يمنع إبرام اتفاق لتسوية أزمة سقف ديون البلاد.
أضافت وكالة التصنيف في بيان: «يعكس وضع أميركا قيد مراجعة التصنيف السلبية تفاقم الانقسام الحزبي الذي يعرقل التوصل لحل لزيادة أو تعليق العمل بسقف الدين رغم الاقتراب السريع من حلول الموعد النهائي» في إشارة إلى مرحلة نفاد السيولة النقدية لدى الحكومة.
يصرّ الجمهوريون على خفض النفقات مقابل رفع سقف الدين لصالح رئيس ديمقراطي.
بالنسبة للمحافظين، يمنحهم الجدل المثار حول سقف الدين فرصة مهمة قبيل انتخابات 2024 لتصوير الديمقراطيين كمبذرين للإنفاق الحكومي يسهمون في زيادة التضخم. للقيام بذلك، هم بحاجة لافتعال أزمة أشدّ وطأة، بما أن 3% من الأميركيين فقط اعتبروا أن الدين أو العجز الاتحادي هو المسألة الأكثر إلحاحاً التي تواجهها البلاد بحسب استطلاع من شركة «غالوب» في فبراير، مقارنةً بـ17% في 2011. بالنسبة للديمقراطيين، رفض الجمهوريين تقديم تنازلات وتهديدهم بالتالي للأهلية الائتمانية للبلاد يدعم جهودهم لتصوير الحزب الجمهوري على أنه طرف متهوّر ومتطرف متحالف مع الرئيس السابق دونالد ترمب.

سيناريو التخلّف عن سداد الديون
في حال تخلفت أمريكا عن سداد ديونها فستكون سابقة تاريخية وستحدث هزة في الاقتصاد المحلي والعالمي.
وفي حال فشل الكونغرس في تحديد السقف ستكون خيارات الحكومة تقشفية والاعتماد على مبدأ الأولوية مثل نفقات الضمان والصحة ومدفوعات الفوائد، وبهذا لن تستطيع الاقتراض أو إصدار أي سندات جديدة.
أما القطاعات التي تعتمد على قروض حكومية فسوف تعاني وتغلق أبوابها مثل الشركات الصغيرة والمتوسطة.
مع هذا السيناريو فإن الاقتصاد الأمريكي سيعاني من زيادة كبيرة في الفائدة على السندات، وستتكبد الأسواق المالية الأمريكية والعالمية خسائر فادحة، حينها سيقع الاقتصاد الأمريكي في حالة الركود، وستفقد الأسواق الأمريكية الموثوقية الدولية وسيهبط سعر الدولار.
كما سيكلف الاقتصاد الأمريكي فقدان 6 ملايين وظيفة، وسيستنزف مايصل إلى 15 ترليون دولار من دخل الأسر
عجز الميزانية الأميركية يقفز إلى 421 مليار دولار في 3 أشهر
بالنسبة للأميركيين الذين يرزحون أصلاً تحت وطأة ارتفاع أسعار الفائدة، فإن تخلّف الولايات المتحدة عن السداد سيرفع كافة تكاليف الاقتراض، من الرهون العقارية إلى بطاقات الائتمان وقروض السيارات. كما أن محافظ خطط التقاعد (401 k) المتهالكة أصلاً ستكون عرضة لمزيد من الضربات.
لكن الدكتور آرثر جون رئيس وحدة التحليل المالي السابق في بنك إنجلترا يقول لصحيفة الاقتصادية، “ على المدى الطويل، فإن الأمر قد يكون خطيرا للغاية، حيث إن جزءا متزايد من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي سيذهب إلى خدمة فوائد الدين، ويمكن أن يبعد ذلك الاستثمار عن المجالات الحيوية، مثل البنية التحتية والتعليم والبحث العلمي، وإذا زادت معدلات الفائدة ازداد الوضع سوءاً فيما يتعلق بالديون الجديدة، ويؤدي هذا إلى بطء النمو الاقتصادي، كما أن تنامي الدين كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي يرفع من مخاطر الإقراض، ويؤدي إلى انخفاض الطلب على سندات الخزانة الأمريكية، وهذا يوجد ضغطا هبوطيا على قيمة الدولار”.

النفقات أكثر من الإيرادات – عجز الموازنة
رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول، حذّر في فبراير قائلاً: «لا يجب لأحد أن يفترض أن الاحتياطي الفيدرالي سيستطيع أن يحمي الاقتصاد من تبعات الإخفاق باتخاذ الخطوات اللازمة في الوقت المناسب» بشأن سقف الدين
حتى إن حصلت سندات الخزانة على حماية كاملة، فإن التوقف عن الدفع لملايين الموظفين الحكوميين والمستفيدين من الإعانات، سيؤدي إلى ركود اقتصادي شبه فوري.
أظهرت دراسة محاكاة أجراها محللون لدى بنك «باركليز» أنه يتعين على وزارة الخزانة خفض نفقاتها بنحو 200 مليار دولار في أغسطس إن بقيت حاجتها للاقتراض عند مستواها في أغسطس 2021.
اتسع عجز موازنة الحكومة الفيدرالية الأميركية في فبراير بقيمة 262 مليار دولار، ليرتفع العجز في الأشهر الخمسة الأولى من السنة المالية إلى 723 مليار دولار.
مرة أخرى، كانت المبالغ التي تدفعها الحكومة في صورة فائدة على الديون المستحقة هي القوة الدافعة الرئيسية في زيادة عجز الموازنة، وفقاً للأرقام الشهرية الصادرة يوم الجمعة عن وزارة الخزانة. وبلغت فاتورة فوائد الديون 46 مليار دولار عن شهر فبراير ونحو 307 مليارات دولار في السنة المالية حتى الآن- وهو ما يمثل قفزة بنسبة 29% عن العام الماضي.
وقد يؤدي الإخفاق في رفع سقف الدين إلى ما بعد الحد الأقصى الحالي البالغ 31.4 تريليون دولار بحلول شهر يونيو/حزيران إلى تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها.
ويعني ذلك أن الحكومة لا تستطيع اقتراض المزيد من المال أو دفع جميع فواتيرها، كما يهدد بحدوث فوضى في الاقتصاد العالمي، مما يؤثر على الأسعار ومعدلات الرهن العقاري في الدول الأخرى.
ويرفض الديمقراطيون الخطوة، ويعرضون بدلاً من ذلك الاستمرار في الإنفاق دون تغيير.

– خيارات إجبارية
في حال تمسك الجمهوريون ورفضوا الموافقة على تحديد سقف للدين، لدى الرئيس الأمريكي خياران لكبح جماحهم، الأول لم يقدم عليه أي رئيس من قبل وهو اللجوء إلى التعديل الرابع عشر في الدستور الذي يمنحه القفز على الكونغرس.
ترى معظم الشبكات القانونية أن تحديد سقف الدين ينتهك التعديل الرابع عشر لدستور الولايات المتحدة، حيث تنص الفقرة الرابعة على أنه «لا يجوز الطعن في صحة دين عام على الولايات المتحدة أجازه القانون.» جادل المدافعون عن القانون بأن التعديل، الذي أقر في أعقاب الحرب الأهلية، يخول الرئيس سلطة سداد جميع ديون الولايات المتحدة. لكن القضاء لم يفصل في مثل هذه المسألة القانونية. فما الذي يمكن توصيفه بأنه دين أميركي؟ إذ يخصص الكونغرس معظم نفقات الحكومة الشهرية ولا تأتي من مدفوعات العوائد على السندات.

فهل ستكون هناك دعوى قضائية للفصل في الأمر؟ وما ذا سيكون قرار المحكمة العليا؟.
الخيار الآخر
لكبح جماح الديون الأمريكية لا بد من خفض الإنفاق جذرياً، إلا أن هذا الحل يصطدم بعديد من العقبات، حيث يتضمن خفض الإنفاق العسكري، وهذا يحمل في طياته احتمالية تراجع مكانة الولايات المتحدة الدولية، وإذا تم خفض مدفوعات الرعاية الصحية والطبية والضمان الاجتماعي على أساس مستدام من خلال خفض بعض المزايا ورفع سن التقاعد، فإن ذلك سيؤدي إلى تقلص شعبية متخذ القرار.

– ما حقيقة أزمة الديون الأمريكية ؟
الخبير الاقتصادي الدكتور وليد جاب الله، يقول إن «أزمة الديون هي صناعة أمريكية في الأساس حيث قامت الولايات المتحدة بضخ حزم مساندة بتريليونات الدولارات خلال فترة مواجهة تداعيات أزمة فيروس كورونا الجديد (كوفيد – 19) وتقوم الآن من خلال الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة بصورة كبيرة جدا لامتصاص السيولة من داخل وخارج أمريكا».
ويعتمد الاقتصاد الأمريكي إلى حد كبير على التوسع في الاقتراض، حيث اقترضت الحكومة الأمريكية مبالغ كبيرة من أجل التعامل مع أزمة كوفيد 19 وتحفيز النمو الاقتصادي، إذ بلغت الديون الوطنية الأمريكية 23 تريليون دولار في بداية 2020 مقابل نحو 31.4 تريليون دولار اليوم.
وأضاف جاب الله، وهو عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن «أمريكا هي التي وضعت نفسها في هذا الموقف وهي التي تراهن على إنهاك العالم قبل أن يتم إنهاكها والمسألة تتعلق بصراعات إدارة اقتصادية تتأثر بصراعات وتجاذبات سياسية» بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

ماهي التوقعات…؟
يجمع الخبراء على أن أمريكا غارقة ولا تستطيع أن تسبح أو تناور أمام القوى العظمى الصاعدة في العالم.
يتوقعون وصول الدين الأمريكي إلى 117 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2025 ، في حال كان الانتعاش الاقتصادي بطيئا.
وهناك عوامل أخرى مؤثرة، فالشيخوخة المتزايد لسكان الولايات المتحدة ترفع من النفقات الصحية، وتزيد من التزامات الضمان الاجتماعي على الحكومة، وسترتفع تلك الالتزامات التي تمثل حاليا 47 % من إجمالي الإنفاق الفيدرالي مستقبلا”.
بالطبع، يضاف إلى ذلك تزايد مدفوعات فوائد الدين التي تمثل الآن 8 % من الميزانية الأمريكية.
– اعتقد أن الجميع يبحث عن جواب لسؤال واحد وهو: من أين ستحصل أمريكا على أموال لتغطية العجز..؟
الجواب للخبير الاقتصادي ألكسندر نارازوف.
يقول: يبلغ عجز الميزانية الأمريكية الحالية حوالي 8 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
وفقًا لبنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك ، فإن احتمال حدوث ركود هذا العام هو 60 ٪.
يمكن أن يصل عجز الميزانية إلى قيم هائلة تتراوح بين 14 و 20 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي. اسمحوا لي أن أذكركم بأن كل إنفاق الحكومة الأمريكية في عام 2022 كان حوالي 25 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي.

من أين ستحصل أمريكا على الأموال لتغطية العجز؟
أكبر دائني الولايات المتحدة – الصين واليابان والعديد من البلدان الأخرى يخفضون من استثماراتهم في ديون الولايات المتحدة. ليس لدى الولايات المتحدة خيار آخر سوى استئناف طباعة النقود غير المضمونة على نطاق واسع ، مما سيضعف الدولار مقابل العملات الأخرى ويؤدي إلى ارتفاع التضخم.
السؤال الوحيد هو ما إذا كان سيكون في عام 2023 أو 2024. أعتقد أن هذا العام في الخريف. ربما يقوم الاحتياطي الفيدرالي بتشغيل الطابعة في وقت أقرب إذا تطورت الأزمة المصرفية بشكل أسرع.
– من خلال متابعتي للوضع الداخلي الأمريكي، نجد أن واشنطن بدأت بالنزول التدريجي من قمة الجبل متكأة على فرامل أضعف من حملها، في أي لحظة قد تهرول بقوة إلى الأسفل.
قرن و 6 سنوات على تشريع قانون سقف الدين.
وصول أمريكا إلى أعلى مستوى، ومحاولة رفع السقف للمرة الأولى فوق المحدد القانوني، والذي يعد انتهاكاً للدستور، إن تم فيعني هذا انتقال أمريكا لمرحلة جديدة بداية لانهيار تدريجي.
رفع سقف الدين يعني وإن بدى في ظاهرة عملية إنقاذ فهو في نفس الوقت على المدى البعيد عملية إنهيار.
طباعة الدولار دون غطاء، والمعالجات المتبعة مثل رفع سعر الفائدة لمواجهة التضخم، كان أحد أسباب عجز الحكومة عن تسديد الديون.
الخلاصة: كل دول العالم التي تقع تحت إطار الربا والتعاملات الأمريكية ستتأثر بقوة، لذلك أغلب الدول اتجهت لشراء الذهب بكثافة تحسباً لحدوث مثل هذه اللحظة.

قد يعجبك ايضا