” الوحدة ” خيار شعب

يكتبها اليوم / أحمد يحيى الديلمي

أحمد يحيى الديلمي

 

رغم الأصوات النشاز التي تتعالى هنا وهناك، إلا أن ما يُثلج الصدور أن غالبية أبناء الشعب يتمسكون بالوحدة ويعتبرونها خياراً أزلياً لا يمكن التنازل عنه أو التفريط به، بحسب ما سمعته من رجل مُسن من أبناء حضرموت الأبية، فلقد سأله المذيع عن رأيه في تصريحات أحد عملاء المحتلين وهو يتحدث عمّا يُسميه دولة الجنوب العربي، قال الرجل بحماس وبقوة ( لا تصدق هذه الأصوات النشاز الوحدة خيار شعب )، قال الكلمة وهو في مدينة الشحر على بُعد مسافة قريبة من المكان الذي يلتقي فيه المدعو الزُبيدي مع مرتزقة الانفصال، الحقيقة أن كلام الرجل فعلاً بعث عندي الحماس لكي أتحدث للأجيال عن الدور المشبوه لكل من السعودية والإمارات في محاربة الوحدة، وسأكتفي هُنا بذكر موقفين رُبما يجهلهما الكثيرون، الأول بعد توقيع اتفاق 30 نوفمبر 1989م في عدن عندما قطع الأمير سعود الفيصل زيارته لدولة أفريقية ووصل إلى عدن فجأة وعرض عليهم مشاريع كثيرة إلى جانب 400$ مليون دولار كاش فقط لكي يتراجعوا عن اتفاق الوحدة، لكن هذا الأمر تصدى له الأستاذ علي سالم البيض الذي يُعتبر فعلاً من أبطال الوحدة، وهذا بحسب إفادة الكثير من القادة العرب في قمة بغداد، أما الموقف الثاني فلقد أخبرنا عنه المرحوم الدكتور حسن محمد مكي عقب عودته من الإمارات قال أنه عندما سلم الشيخ زايد الرسالة من الرئيس صالح بمجرد أن قرأها اكفهر وجهه وأسود لونه وقال (منكم صدق أتتوحدوا، والله لنقسم اليمن إلى أربع دول )، قال مكي الموقف استفزني كثير وقلت له ( نحن سنتوحد إن شاء الله ) بعدها لم يأخذني إلى المطار إلا السفير، فلقد تخلى عني الإماراتيون نهائياً بعد أن قلت هذا الكلام للشيخ زايد رغم أنه كان صديقي، من هذين الموقفين نعرف من هم الأعداء الحقيقيون للوحدة ولليمن فأبناء الشيخ زايد يبدو أنهم مُصرون على تنفيذ وصية والدهم الذي كُنا نحترمه ونعتبره مخلص للعروبة ولليمن بالذات، لكنه في هذا الموقف كشف عن وجهه القبيح، وها هم أولاده يكملون المشوار بنفس الصلافة وعدم الاحترام للذات .
المهم أن الوحدة تمت بحمد الله بعد أن حاول السعوديون استخدام أدواتهم في الداخل من الإخوان المسلمين وبعض المشايخ الذين كانوا يتقاضون منهم مقررات شهرية، وهذه أيضاً فشلت واستمرت الوحدة وستستمر إن شاء الله إلى أبد الآبدين .
* لكي لا ننسى
أُذكر قناة يمن شباب وسهيل ومن على شاكلتهما أن الشهيد حسين بدر الدين الحوثي كان من أوائل المؤيدين للوحدة وحمل لواء التأييد من خلال التحشيد للاستفتاء الشعبي على الدستور، وفي حرب 1994م كان الوحيد الذي أعلن بصوت مسموع رفضه المطلق للحرب والتحذير من مخاطرها على الوحدة، أما الإخوان والشيخ فلقد كانوا من ألد أعداء الوحدة وهم الذين عارضوا الدستور واعتبروا الوحدة فاحشة كبرى لا يمكن احتمالها، بل وناصبوا العداء للوحدة، وهيأوا البلاد بخطوات عملية للاحتراب، والغريب أن نسمع اليوم أصواتاً تقول إن هؤلاء هم صُناع الوحدة، نقول لهم هذه الوحدة لا نريدها، نحن مع الوحدة التي صنعها الشعب وناضل من أجلها الشهيد عمر الجاوي “رحمه الله” فهو الرجل الوحيد الذي لا يمكن أن يختلف عليه اثنان أنه من حمل راية الوحدة حتى تحققت، وحاول خفافيش الظلام اغتياله في ذلك الحادث الأليم الذي راح ضحيته المهندس حسن الحريبي وأُصيب الجاوي بجراحات خطيرة نُقل على أثرها إلى المستشفى.
كل ما أسلفت مجرد خواطر لتذكير الأجيال وعدم السماح لمثل تلك الزعانف الغبية التي تحاول تزييف الوعي لأن تحقق رغباتها الخبيثة، فالشعب شب عن الطوق وعلينا أن نُبصِّر الأجيال القادمة بكل ما حدث حتى لا تقع في مزالق أولئك الحاقدين الذين يتسكعون في دهاليز المعتدين اليوم.
أخيراً أكرر ما قاله ذلك الحضرمي البسيط ( الوحدة خيار شعب ولقد وجدت لتبقى وستظل إلى أبد الآبدين إن شاء الله ) والله من وراء القصد ..

قد يعجبك ايضا