-كان يوما جميلا وزاخرا بالسعادة والأمل والتفاؤل، وكانت ساعاته ودقائقه من اللحظات التي لا تُنسى ولا تنمحي من حياة ومن ذاكرة ووجدان اليمنيين في تاريخهم المعاصر.
-قبل ثلاثة وثلاثين عاما رُفعت في مثل هذا اليوم الـ 22مايو، راية الجمهورية اليمنية وأعيد لم الشمل بين أبناء الشعب الواحد بعد قرون من الفرقة والشتات وعقود من الصراعات والاقتتال والخصومة المصطنعة بأيادي الأعداء والطغاة ومصاصي دماء وثروات الشعوب.
-بدأ يومها كأن الزمن ابتسم من جديد لأبناء اليمن فأطلقوا العنان لأحلامهم وأمانيهم وتطلعاتهم نحو مستقبل واعد يحمل الخير والسلام والازدهار وتعويض سنين القهر والحرمان والتشظّي، لكن سرعان ما ولغت كلاب الفساد والعمالة في الشمال والجنوب في إناء الوحدة الذهبي الجميل، وأحالت ألقه وأنوار صباحاته إلى ظلمات بعضها فوق بعض، لتصل بهذا الإنجاز والاستحقاق العظيم في زماننا إلى أسوأ مراحله، إذ تم تسليم مصيره إلى أيدي ألدّ أعدائه على الإطلاق، فراحوا ينهشون فيه بلا رحمة ويسلطون عليه من وُضع على هرم السلطة من أبنائه ليقوم بمهمة تقسيم اليمن وهي الوظيفة الرئيسية لما يُسمى مجلس القيادة الرئاسي كما يقول عبدالعزيز جباري نائب رئيس البرلمان التابع لتحالف العدوان في أحدث تصريحاته قبل ساعات.
-تمكّن أعداء اليمن التاريخيون بأموالهم وبجبال من الأحقاد المتراكمة زرع الكثير من العداوة والبغضاء في نفوس البعض من عديمي الضمائر من أبناء اليمن وجعلوا منهم أبواقا لا تكلّ ولا تملّ في بث سموم العداء والخصومة لإخوانهم في المحافظات الشمالية ولكل ما له صلة بالوحدة وأمدّوهم بكل وسائل القوة وأنشأوا المليشيات المسلحة وأطلقوا الوسائل الإعلامية واوجدوا كل ما يعينهم لأداء وظيفتهم في النيل من الوحدة والتحقير من شأنها وزلزلة أركانها وزعزعة مكانتها في نفوس اليمنيين، حتى بات الكثيرون من أبناء الشمال قبل الجنوب يرون ألا جدوى من بقاء الوحدة وقد وصلت إلى هذا المستوى من الترنح والضعف، بحيث لم يتبق منها في المحافظات المحتلة الخاضعة لرغبات المحتل وأدواته الرخيصة غير الاسم وشبح شرعية هزيلة خانعة اقتصر دورها على شرعنة وتقنين تلك الرغبات والأهواء والتمهيد لتنفيذ المخططات الشيطانية للعدو.
-نقدّر كثيرا الموقف الوطني العظيم للسلطات القائمة في صنعاء وتأكيدها الدائم أن لا خوف على الوحدة بالنظر إلى حقائق التاريخ وتجارب الفشل الذريع التي منيت بها القوى التي حاولت قديما وحديثا نسف حقيقة واحدية الشعب اليمني. كما لا ننسى الثناء على أصوات الكثيرين من أبناء المحافظات الجنوبية وهي تجدّد تمسكها بالوحدة وتحذّر من مغبة عودة عصور الانقسام والتشظّي لأبناء الوطن الواحد، غير ان ذلك لا ينفي حقيقة أن الوحدة اليمنية تواجه اليوم خطرا داهما هو الأكبر في تاريخها المعاصر سيما أن العدو صار اللاعب الوحيد في المناطق المحتلة وهو مستعد لينفق المليارات وأضعاف ما قد أنفق للقضاء على الوحدة وجعلها أثرا بعد عين ولن يتوانى عن فعل أي شيء لبلوغ مراميه وأهدافه.
-الحفاظ على وحدة اليمن ووضع حد للممارسات التشطيرية في المناطق المحتلة يجب أن يُوضع في صدارة قائمة أهداف ومقاصد عمليات الردع في عمق العدو، إذ أن أي تهاون إزاء هذا الخطر أو التقليل من شأنه والركون فقط على تمسّك وعشق الشعب المغلوب على أمره للوحدة، ربما يكون خطأ آخر لن ندرك نتائجه وتبعاته، إلا بعد أن يقع الفأس على الرأس، وبعد أن يذهب حلم الوحدة الجميل أدراج الرياح.