ثأر الأحرار في فلسطين واليمن

يكتبها اليوم / عباس السيد

 

لليوم الرابع ، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي قصف غزة من شمالها إلى جنوبها الضحايا بالعشرات ، قادة ، ونساء وأطفالاً .
العربدة الإسرائيلية في فلسطين المحتلة وصلت ذروتها ، والمأساة التي يعيشها إخواننا الفلسطينيون كبيرة ، لكن المثير أن العرب شعوباً وأنظمة يتفرجون على هذه المأساة وكأنها فيلم سينمائي للمخرج اليهودي ستيفن سبيلبرج .
المجزرة الإسرائيلية المستمرة بدأت بعملية غادرة قتل فيها ثلاثة قادة مع نسائهم وأطفالهم ، لم يكن لهذه العملية الإرهابية مبررات عسكرية أو أمنية ، وقد كان دافعها الأساسي هو ترميم سمعة حكومة تضم غلاة المتطرفين والإرهابيين اليهود ، وهي محاولة لإدامة هذه الحكومة الآيلة للسقوط بفعل الاحتجاجات المستمرة ضدها من قبل الإسرائيليين أنفسهم منذ أكثر من ثلاثة أشهر .
يعرف قادة الائتلاف الإرهابي وعلى رأسهم نتنياهو ، بن غفير ، وسموتيرتش ، أن لا مخرج لهم ولا بقاء لحكومتهم إلا من خلال الدماء الفلسطينية . هذا هو المعيار الأول بالنسبة للشارع الإسرائيلي والناخب اليهودي : كم هي المجازر التي قادها أو شارك بها المرشح ضد الفلسطينيين ، كم عدد الأرواح التي أزهقها ومقدار الدماء التي أسالها في تاريخه ، وما هو برنامجه لتوطين المزيد من اليهود وتهجير المزيد من الفلسطينيين ؟. والمرشح الذي يتجرأ ويتحدث عن السلام وحل الدولتين يفشل أو يُقتل ، كما حدث لإسحاق رابين الذي لم يشفع له كل تاريخه الإرهابي ضد الفلسطينيين ، وعندما أبدى مؤشرات لمنح الفتات للفلسطينيين كان مصيره القتل في نوفمبر 1995.
يخوض الفلسطينيون معركة من أجل تحرير أرضهم منذ أكثر من سبعة عقود ، وفي ظل الخذلان والتواطؤ العربي ، في زمن التطبيع ، أصبحت معركتهم أصعب وأقسى ، لقد باتت دماؤهم حبرا لكتابة البرامج الانتخابية والسير الذاتية للقيادات الصهيونية .
يمارس كيان الاحتلال الإسرائيلي عملياته في القتل والتدمير في ظل صمت دولي وخذلان عربي غير مسبوق . يبدو أن تكرار المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين جعلتنا ننظر إلى ما يحدث بأنه أمر عادي ومألوف .. فقدنا المشاعر والإحساس ، نتحرك ونتحدث ونقوم بأعمالنا ووظائفنا ، لكن ، كالروبوتات ، لا دماء تسري في العروق ولا دمع يسيل من الأعين .!.
المواجهة التي تخوضها غزة هذه الأيام ليست الأولى ولن تكون الأخيرة .. في 10 مايو 2021 خاضت غزة مواجهة شرسة مع قوات الاحتلال استمرت 11 يوماً، اضطر الصهاينة إلى استجداء الوساطات والتدخلات لوقف إطلاق النار . وفي 10 مايو الجاري بدأوا معركتهم الحالية . لا تفسير لاختيارهم نفس التاريخ سوى أنهم يحاولون الانتقام من غزة وخصوصاً في ظل تحييد حركة حماس المكبلة بقيود عربية شقيقة للأسف .
حتى الآن لم يتم إعمار ما دمرته الآلة العسكرية في غزة في مايو 2021 رغم التعهدات والوعود العربية والدولية ، ولا يزال القرار الأخير مرهونا بالشروط الإسرائيلية .. إسرائيل تقتل وتدمر وتفرض شروطها للتعويض أو إعادة الاعمار ، فماذا ينتظرنا نحن العرب بعد هذا الهوان؟! .
المعركة مع كيان الاحتلال لا تعني الفلسطينيين وحدهم ، فالكيان الإسرائيلي يشكل خطراً داهماً لكل العرب ، وهو يستهدف كل الدول العربية من المحيط إلى الخليج ، يتوسع كالسرطان في البحر والبر . عام 1948، احتل الصهاينة قرية أم الرشراش جنوب النقب على ساحل خليج العقبة ، ساحل القرية التي تُعرف حالياً” إيلات ” ولا يتعدى بضعة كيلومترات، كان بوابة الكيان إلى البحر الأحمر ، ثم مضت دولة الكيان في مخططها لجعل البحر الأحمر بالكامل ” بحيرة يهودية ” . وفي زمن التطبيع ، وجدت من يحقق لها أكثر مما كان يحلم به الصهيوني المؤسس ” تيودور هرتزل ” فقادوها إلى سواحل الخليج وإلى جزيرة سقطرى اليمنية في المحيط الهندي .
معركة اليمنيين منذ أكثر من ثماني سنوات ، هي الأخرى لا تعني اليمنيين وحدهم ، فاستهداف اليمن وتمزيقه والسيطرة على مقدراته هو جزء من مخطط استعماري يستهدف المنطقة بكاملها .
وفي الحالتين أو المعركتين ، تحضَّر بعض الأنظمة العربية كرؤوس حراب مغروسة في ظهور الفلسطينيين واليمنيين لتنفيذ مخطط قوى الاستعمار . إنه العار الذي لن يوقف ثأر الأحرار في اليمن وفلسطين .
aassayed@gmail.com

قد يعجبك ايضا