فيما تؤكد المصادر انخفاض فاتورة استيراده إلى النصف:

أطراف الزراعة التعاقدية تعيق مسار تسويق محصول الثوم المحلي

 

 

قال ممثلون عن جمعيات البون الشمالية والشرقية وذيبين والجبل وخارف التعاونية الزراعية في عمران: “إنه في شهر صفر من العام 1444هـ، تم التعاقد مع مزارعين على زراعة 1800طن من محصول الثوم، وذلك عطفا على اتفاق لها مع شركة تلال اليمن بموجبه تقوم الشركة بشراء محاصيل الثوم المحلي وفق مواصفات جودة مشروطة”.
كما أشاروا إلى أن الكمية المطلوبة أنتجت من قبل المزارعين مطابقة لمواصفات الجودة التي وضعتها الشركة، وأنه تم فرز المحصول حسب طلبها إلى ثلاثة أحجام كبير ومتوسط وصغير، إلا أن الشركة- حسب تأكيدات الجمعيات- أخلت باتفاقها مع حال توريد الكمية مطابقة للجودة وبحسب المواصفات التي وضعتها الشركة ذاتها وبنسبة 100 %.
لإيضاح ما وراء الأكمة، جرت تفاصيل التحقيق التالي:

الثورة/ الحسين اليزيدي

مطابقة للمواصفات
في البداية، أوضح رئيس جمعية ذيبين التعاونية عبدالرحمن أبو ضربة، أن جودة المحصول المنتج سليمة ومطابقة لمواصفات الجودة المعدة من قبل الشركة، والمتضمنة في الشروط الموقعة مع الشركة والمزارعين، وبذلك بشهادة تقرير اللجنة المشكلة من الشركة والجهات الرسمية المعنية في صنعاء، والتي كلفت بالاطلاع على مخازن الجمعيات وتقييم جودة المنتج، والذي أثبت مطابقة المحصول للمواصفات المحددة من قبل الشركة.
مشيرا إلى أن الجمعيات بناء على قرار نقل المنتج إلى مخازن الشركة الصادر من قبل اللجنة آنفة الذكر، أوصلت 20 طنا من المنتج كمرحلة أولى إلى مخازن الشركة في صنعاء، لكن الشركة رفضت استلام الكمية، وقالت إن علينا القيام بتسليم المنتج إلى التجار مباشرة، في تخل واضح عن مسؤوليتها في الوفاء بما وقعت عليه في العقد، مؤكدا أن التجار بادروا إلى الرفض وعدم التجاوب في شراء المنتج، بحجة أننا لم نتعاقد معهم، وأن شراء المنتج من الجمعيات بموجب العقود هي مهمة الشركة.
نص ومفاجأة
لؤي عامر – أحد كوادر اللجنة الزراعية والسمكية العليا، أفاد بأن اللجنة توصلت بالتنسيق بين الأطراف إلى توقيع اتفاق بين الشركة والتجار في 2021م، قضى بخفض فاتورة الاستيراد من الثوم بنسب تدريجية تبدأ بـ 20 % كمرحلة أولى، على أن يتم في المرحلة الثانية خفض 50 % من فاتورة الاستيراد عن طريق الزراعة التعاقدية وشراء كميات المنتج المحلي كاملة.
وأكد عامر “على ضوء الاتفاق، تعاقدت الجمعيات التعاونية في عمران مع شركة تلال اليمن التي تضم مجموعة من التجار والوكلاء على إنتاج محصول الثوم”.
وأضاف أن الاتفاق نص على التزام الشركة بالتعاقد مع الجمعيات لتوفير كميات الثوم بموجب مواصفات لحجم الثوم؛ الدرجة الأولى 4 – 5سم، بسعر 1050ريالاً للكيلوجرام، والدرجة الثانية 3-4سم، بسعر 900 ريال، والدرجة الثالثة 1-2سم بسعر 600 ريال، وعلى ضوء ذلك، باشرت الجمعيات التعاقد مع المزارعين، وتحديدا في شهر يناير 2022م.
واستغرب عامر: “في الأشهر 6 – 7 فوجئنا في اللجنة الزراعية والسمكية العليا بإغراق السوق بكمية مستوردة قدرت بـ 7 آلاف طن من منتج الثوم الخارجي، تم استيرادها بتصريحات رسمية صادرة من الوزارة المختصة بناء على طلب مقدم من الشركة، وأن مخازن التجار أصبحت جاهزة لإغراق السوق بالثوم المستورد في التوقيت الذي يفترض فيه أن يكونوا مستعدين لاستلام وتسويق محصول المنتج المحلي المتعاقد على إنتاجه مع الجمعيات والمزارعين”.
الآلية هكذا!
من هنا تبدأ معاناة المزارعين، حيث أكد رؤساء الجمعيات “في نهاية شهر ديسمبر2022م ومطلع يناير2023م، كان المزارعون قد أوفوا بالتزاماتهم للجمعيات، التي بدورها بدأت في توريد ما يصلها من كميات الثوم أولاً باول إلى مخازن الشركة في صنعاء، لكنا فوجئنا برفض استلام الكميات”.
وكي تكون الصورة أكثر إيضاحا، كان لزاما علينا التواصل بالمدير التنفيذي لشركة تلال اليمن محمد علي شاش، والذي بدوره أوضح أن العقود وقعت بين الجمعيات والتجار مباشرة، وأن حضور الشركة لم يتجاوز كونها طرف ثالث ينظم إجراءات الاستلام والتسليم بين الجمعيات والتجار، مؤكدا أن هذه هي الآلية التي تم على ضوئها إنشاء شركة تلال اليمن، منوها بأن الآلية تلزم التجار بشراء كميات المنتج المحلي حتى لو كانت مليون طن.
وأضاف : هناك محضر اجتماع ضم التجار والجمعيات بإشراف اللجنة الزراعية، والمحضر موقع من قبل جميع الأطراف، وينص على التزام التجار بشراء إجمالي ما يتم إنتاجه من الثوم المحلي، بواقع 1050 ريال عن كل كيلوجرام حجم كبير، وحجم وسط بـ 900 ريال، وصغير بـ 600 ريالاً، لكن السوق، وخلافا لما جاء في المحضر، أغرق فجأة بـ 7 آلاف طن من الثوم المستورد.
وعما إذا كانت الشركة قد ساهمت بشكل أو بآخر في صفقة الثوم المستورد، أكد شاش أن الشركة لا تملك أحقية في توجيه التجار للشراء من أي طرف، وليس لديها الصلاحية بذلك، منوها بأن الشركة مستمرة في بذل قصارى جهدها في سبيل الوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف.
لوم ومبررات
وكي تكتمل حلقات السلسلة، ألتقينا التاجر عبدالله الحمادي، والذي من جهته كشف عن حقيقة قيام بعض من التجار باستيراد 3 آلاف طن على كميات كان آخرها في شهر ديسمبر 2022م، معترفا أنه لم يدخل سوى 900 طن، واستغرب من قيام الوزارة بالسماح لتجار في إدخال 3 آلاف طن، واصفا الإجراء بمحاولة احتكار السوق والسيطرة عليه.
وفيما يتعلق بعدم وفاء التجار بما تم التوقيع عليه من التزامات من قبلهم تجاه الجمعيات وشركة تلال اليمن، قال: “أرغمنا على توقيع محضر الاجتماع مع الشركة والجمعيات وممثلين عن الوزارة، والذي ينص على إلزامنا كتجار بشراء ما يتم التعاقد على إنتاجه بين الجمعيات والمزارعين من كميات محصول الثوم المحلي”.
من جانبه، برر وليد كحيل ممثل شركة أجرو وتاجر ثوم، أن استيراده للثوم بخلو السوق من المنتج نهائيا، مؤكدا أن عدم التزامه بالشراء من الجمعيات يرجع إلى عدم توحيد السعر الذي أُلزموا الشراء به.
ويواصل “طلبت من الجهات المختصة منع استيراد من الثوم بصورة نهائية وإن في غير الموسم، كونه صنف غير أساسي، ولأجل إنجاح الزراعة التعاقدية”، مؤكدا: “كنت أستورد 3 آلاف طن، ومن أجل مصلحة البلاد خفضت الكمية إلى 600 طن”.
سد فجوة
وفي تعليق لوزارة الزراعة والري، أكد مدير عام التسويق المهندس منير المحبشي، أن موجهات قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، يحفظه الله، وتوجيهات رئيس المجلس السياسي الأعلى كانت واضحة بضرورة توجه القطاع الخاص إلى دعم إنتاج وتسويق الحبوب والبقوليات والبهارات والمكسرات المحلية، وذلك في إطار أولويات الرؤية الوطنية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء والدواء والملبس.
وأضاف “بناء على ذلك، حددت الوزارة 17 صنفا، ليتم إدراجها في قائمة مشروع الزراعة التعاقدية، وتم التنسيق بين التجار لإنشاء شركات للزراعة التعاقدية، وشركة تلال اليمن هي إحدى تلك الشركات، والتي بدورها تعاقدت مع الجمعيات على إنتاج 1800 طن من محصول الثوم، ومن ثم تعاقدت مع التجار لاستيعاب الكمية في السوق المحلي وفق الرؤية المتفق عليها في خفض الاستيراد على مراحل، وتعاقدت الجمعيات مع المزارعين على إنتاج الكمية ووفق اشتراطات معينة.
مشيرا إلى حدوث خلاف أو سوء فهم بين الأطراف المتعاقدة، وجاري الجلوس بينهم للوصول إلى التوافق اللازم وفق ما تم التعاقد عليه، وقال “سنبذل بقصارى جهدنا لإزالة أي عوائق وإيجاد المعالجة اللازمة وبما يعود بالفائدة على الجميع، ويحقق ما تتطلع إليه البلاد من تحقيق للاكتفاء الذاتي”.
وأضاف: قال المحبشي : سعينا جاهدين في اللجنة والوزارة إلى تسويق أغلب الكميات المتنازع عليها إلى تجار ووكلاء بيع الثوم. لم يفصح عن هويتهم لأسباب فنية.
وعن حكاية سماح الوزارة باستيراد 7 آلاف طن من المحصول، في الوقت الذي يجري فيه حصاد المحصول المحلي، أوضح المحبشي، أن الجمهورية اليمنية كانت تستورد حوالي 13 ألف طن إلى ما قبل العام 2022م، لكن بحمد الله وعونه ثم تعاون السلطات المحلية واللجنة الزراعية ومؤسسة بنيان والشركة والجمعيات والتجار، تمكن المزارعون في صنعاء وعمران وبعض المناطق اليمنية، وفي خطوات مرحلية، من إنتاج حوالي 5 آلاف طن من المحصول محليا.
منوها بأن عملية استيراد 7 آلاف حدثت قبل مطلع ديسمبر 2022م، مؤكدا أن الوزارة منذ مطلع ديسمبر 2022م، وحتى اللحظة لم تصدر تصريحا واحدا لاستيراد أي كمية من محصول الثوم، مشيرا إلى أن الوزارة بصدد منع استيراد عدد من المحاصيل المقدور على إنتاجها محليا، والثوم أحد هذه المحاصيل.
حق الرد
في الختام، نؤكد أنه، ورغم فشل محاولاتنا المتعددة للتواصل ببعض التجار، والذين تفيد مصادر بأنهم أكثر المستوردين للثوم خلال الفترة الماضية، حيث قاموا باستيراد 3 آلاف طن على فترات بدأت من أغسطس وحتى ديسمبر، إلا أن باب التواصل وحق الرد لايزال متاحا أمام كل من أراد إيضاح أي ملابسات أو الكشف عن حقائق ما يجري على أرض الواقع.

قد يعجبك ايضا