من وعي محاضرات السيد القائد الرمضانية ” المحاضرة الــ 27”

عبدالفتاح حيدرة

 

 

في المحاضرة الرمضانية السابعة والعشرين للسيد القائد (عليه سلام الله ورضوانه) للعام 1444هـ، حول الهم المعيشي ومتطلبات الغذاء، الذي هو الهم الضابط لهموم وأعمال وتوجهات الناس، ومع صعوبة الظروف يتزايد هذا الهم وضغطه، ويحتاج الإنسان إلى أن يتعامل مع هذا برشد وحكمة وإيمان ويلتزم بالتقوى، وإلا فإن ذلك يترك أثرا خطيرا، والكثير يؤثر عليهم اليأس والجزع النفسي أو التهور في ارتكاب جرائم، وتوجه الأطماع البعض للاتجار بالمحرمات، والبعض يتجه لبيع الدين في مقايل أطماع الدنيا، كما هو حال من توجه مع الظالم والمعتدي على بلدهم وشعبهم من أجل المال، والبعض يتاجر ويستخدم السموم والمبيدات التي تقتل الناس، والبعض يجعل كل تجارته في الدخان، والسبب هو حالة الجزع واليأس الذي يسببه الطمع، والله سبحانه وتعالى قدم المعالجات لهذه الحالة، وأولها هو أن الله هو الرزاق، وهذا أكبر ضمانة، وأيضاً رسم الطريق للرزق الحلال الذي فيه الخير والبركة، والله قد انعم على عباده بفروع النعم وأصولها، والثقة بالله والتزام التقوى هما سكينة للخير، إضافة إلى أن الإسلام يعالج الطمع بالقناعة على ما تيسر، ويعلمنا الرشد في النفقات، ويحرم علينا التبذير والعبث والإهمال، في التربية الإيمانية القرآنية يجب أن تكون طموحاتنا برضا الله والجنة حيث الحياة الدائمة..
إن الأخذ بأسباب الرزق الحلال في إطار التقوى وتجنب الحرام، مع الوعي في مسألة البسط والتقدير ضمن حكمة الله سبحانه وتعالى، وقد يختبر الإنسان بالبسط والتقدير، وعلينا الوعي أن البسط والتقدير يأتيان في عاملين الأول هو ظلم الظالمين، والعامل الثاني هو عامل أسباب الرزق الحلال، وأيضاً طريقة العمل لها بالرشد والعمل الجاد، والله سبحانه وتعالى انعم علينا بالأرض الصالحة للزراعة، وهي من النعم الأصول في النعم، التي إذا عملنا فيها سيكون هناك مردود كبير، وهي من أهم مصادر الرزق الوفير والمتنوع، والبلدان العربية واليمن من أقل البلدان إنتاجاً للزراعة، وليس هناك إقبال على الاستفادة من هذه النعمة، بالإضافة إلى أن من عوامل تعطيل الزراعة هو الهجرة للمدن واعتماد الناس على الاستيراد من بعيد، لكل ما لذلك من تعطيل للأعمال المنتجة لكسب رزقهم، ومما ساعد على ذلك هو السياسات للحكومات العميلة لتثبيط الزراعة، وليس هناك اهتمام بالنشاط الزراعي، وهذا من ضمن عمالة تلك الأنظمة مع أعداء الأمة، حتى وصل الوضع لمستوى كارثي من الفقر والبؤس غير الطبيعي، وعندما يكون قوت الناس مستورداً من الخارج، فهذا تهديد للأمن القومي، وكان بلدنا من أحسن البلدان في الزراعة، والموضوع هذا موضوع مهم جدا ودفع مستمر، ولا بد منه لحل مشاكل كثيرة، وتوفير مصادر للرزق الحلال، وحتى نكون شعباً حراً ومستقلاً دون تبعية للأعداء..
من الضروري العودة للزراعة والثروة الحيوانية، والمبادرات المجتمعية والعمل الرسمي الالتقاء في التنمية الريفية، والذي لا بد أن يلتقي في تحييد الهجرة للمدن، ومن الحلول الهجرة من الريف إلى الريف وليس للمدن، وهناك تجارب اجتماعية نشطه لا بد أن تكون لها عناية رسمية، وكذلك لا بد من العناية بالمياه، وكيف نستفيد من هذه النعمة بالشكل المطلوب، ويجب أن نأخذ بالأسباب التي تجعلها مستمرة بعد حمد الله وشكره، هو العناية بالسدود والبرك والخزانات، ومتاح ذلك أمام كل الناس، وهذه أسباب مهمة في الزراعة، وكذلك قنوات المياه في الجوف ومارب وتهامة، ومما يساعد على الإنتاج الزراعي هو الاستثمار للقطاع الخاص في الزراعة في البلد، والقطاع الخاص بحاجة لتسهيلات أمام العوائق التي تحد من الزراعة والتصنيع الغذائي، ومن المهم السعي لتفعيل الجمعيات الزراعية، ورعاية وتصويب إنتاجها، وكذلك العناية في التخفيف من الكلفة مقابل تحسين الجودة للمحاصيل، وكذلك العناية في توفير وسائل وأدوات وتقنيات الزراعة، والعناية بالتوزيع والتسويق، وكذلك الموازنة في مستوى الاستيراد والإنتاج المحلي، وفي مقدمة الاهتمامات هو العناية في أنتاج الحبوب بكل أنواعها..
ولهذا لا بد من العناية من قبل الجهات الرسمية بإنتاج البذور وتوفير الشتلات، ومن المتطلبات الأساسية أيضاً عملية الإرشاد للعمل الزراعي وهذه مسألة مهمة جداً، إرشاد في كل المجالات، وكذلك التعليم في المجال الزراعي يجب أن يتقوى ويتم ربطه بالتطبيق العملي والعلمي، والعناية أيضاً بإنتاج الأسمدة، بشكل مأمون يراعي صحة الناس، العناية بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح كبديل للديزل والاعتماد عليه، وكل هذا يحتاج للجهات الحكومية بشكل جاد ومسؤولية، وأن تكون سنداً للجنة الزراعية والجهات الشعبية، فهذا كله من شأنه تغيير واقع الناس، على الكل أن يتحركوا بشكل اكبر وبروح جهادية ومسؤولية وتحرك بدافع إيماني، لأن هذا التحرك لمواجهة أعدائنا، وبعض الجهات الرسمية لا زالت معيقة في الجانب الزراعي، ولازالت بعضها تعرقل كل شيء للمزارعين، وهناك إشكالية المبيدات الفتاكة والمستورد كله فتاك وقاتل للناس، ومن يستورد ذلك مجرمون ونشاطهم إجرامي، وعلى المزارعين أن يتقوا الله، ومن الإشكاليات أيضاً ضعف الترويج والتسويق والإنتاج والتعليب، والاهتمام اليوم بالعمل الزراعي ضعيف ويحتاج لتحرك جاد من الجميع..
إن الثروة الحيوانية والأسماك والدجاج والبيض هي من أصول النعم المتاحة للناس، ومصادر الاستفادة منها كثيرة ومنافع كثيرة فهي غذاء وثروة، ولكن التعامل مع هذه النعم عشوائي ومحدود وليس هناك عمل منظم، ولا يوجد اهتمام بالاستفادة في هذا الجانب، ومن أغرب الأشياء هو ذبح الإناث والصغار، وهذا بعيد عن الرشد والوعي والفهم والصحة، والإسلام يعلمنا الإرشاد في استخدام هذه النعمة، والتركيز على الإناث والصغار من انعدام الرشد والوعي، كذلك لا يستفاد من جلود الأنعام وهناك عشوائية وعدم استفادة، وحتى الحليب ومشتقاته، وهناك مشكلة نقص الجانب البيطري والوقائي، وهذه عناوين لمصادر الرزق، وكذلك النحل وإنتاج العسل، وأكثر ما أثر على العسل اليمني هو الغش، واستخدام السكر لإطعام النحل، وإنتاج العسل ثروة ضخمة لصحة المجتمع، ويحتاج هذا الأمر إلى عناية واهتمام وإرشاد ومحميات، فأكثر ما يهلك النحل هو المبيدات، وبالتالي يجب محاربة الغش، والعناية بالتعليب والترويج، ونعمة البحر أيضاً هي من نعم الأصول، وهناك ضرورة للعناية بالصيادين الذين يعانوا من العدوان من جهة ومن الإهمال الرسمي، وهو وسيلة من أهم وسائل الرزق الحلال، وكذلك الاستثمار في الدجاج والبيض، وهذه نعم مهمة وكبيرة، مع الحذر من الهم المعيشي الذي قد يخرج الإنسان عن الاستقامة، ومن المهم الاهتمام بالزكاة، ويجب الاهتمام بزكاة الفطرة، وأن يبقى الأمل والرجاء لله سبحانه وتعالى عاملاً مهما ودائماً..

قد يعجبك ايضا