يوسف صبرة
النحل، وعلى الرغم من صغر حجمه، يعد من أهم مقومات استمرار الحياة، ذلك أن هذه الكائنات الصغيرة، تلعب دورا حيويا شديداً، وفي غاية الأهمية لاستمرار الحياة على سطح كوكب الأرض، وذلك من خلال ما يقوم به من عملية التلقيح الخاصة بالنباتات أثناء حركة عمله اليومية في جمع الرحيق من أجل صناعة العسل.
بالإشارة إلى ما أوردته الدراسات من تأكيدات مفادها أن استمرار الحياة البشرية والحيوانية والنباتية على وجه الأرض مهدد بالتوقف خلال أربع سنوات من انقراض النحل، و”بلا مبالغة، وضعت تساؤلات حول ماهية القوة الخارقة التي تقدمها هذه الكائنات الصغيرة للحياة، وعن الآثار التي تترتب على غياب هذه القوة عن النبات والحيوان والإنسان في حال انقراض النحل؟
جاءت أبرز الإجابات أن النحل في الأساس يمثل ما مقداره حوالي (85 %) من إجمالي الحشرات التي تساهم في عملية التلقيح الخاصة بالنباتات، وبالتالي، وبناء على ذلك الدور الحيوي له، فإنه يساعد في رفع تلك المستويات الخاصة بالإنتاج، وذلك بشكل كمي ونوعي.
كما يعمل على تحقيق عنصر التنوع الزراعي، واستمراره حيث أشارت النتائج الخاصة بهذا الشأن إلى أن الفلاحين أو المزارعين يجنون فائدة من النحل تفوق (8) أضعاف نسبة الفائدة التي يحصل عليها من مربيي بعض النحل من العسل”.
ويرجع السبب في ذلك إلى اعتماد النحل الرئيسي على حبوب اللقاح، ورحيق النباتات من أجل صنع العسل، وتوفير الغذاء لملكتها ولأفراد الخلية، حيث تنتقل النحلة الواحدة، خلال عملها في جمع الرحيق وحبوب اللقاح من أجل تكوين العسل، على ما يقرب من (5) الأف زهرة في اليوم الواحد.
وتركز النحل خلال فترة معينة على نوع واحد من النباتات.. الأمر الذي يعمل على نقل حبوب اللقاح من زهرة إلى أخرى، وبالتالي القيام بعملية التلقيح من أجل تكوين الثمار، علاوة على امتلاك النحلة العاملة عضو في سيقانها، مهمة هذا العضو هي تسهيل القيام بمهمتها حيث تلتصق به حبوب اللقاح، وتنتقل من خلاله من نبتة إلى أخرى.
لا تقتصر الفائدة الخاصة بالنحل للنباتات على زيادة الإنتاج الزراعي فحسب؛ وإنما نمتد إلى المساهمة الفعالة في تحسين الإنتاج، ومن ثم رفع جودة الثمار من حيث الشكل والطعم.. كما يساهم، وبوتيرة عالية، في رفع عائدات المزارعين المالية.
أثبتت إحصائيات تعرض العديد من الدول، وفي المقدمة أمريكا، وإيطاليا إلى حدوث انخفاض عالي الوتيرة وشديد الكثافة في إنتاجية أراضيها، وتحديداً عقب الكارثة التي حلت بالنحل خلال عام (2005م)، حيث ارتفع معدل الإصابة بالأمراض بين عاملات النحل، بلغت إثره حجم الخسائر المالية الواقعة في دولة إيطاليا وحدها، وفي عام (2007م)، بحوالي (250) مليون يورو.. وكانت تقديرات العائدات المالية الخاصة بالمزروعات في عموم الولايات المتحدة الأمريكية، بفضل تلقيح النحل، تفوق (18) بليون دولار/سنويا، وبـ (100) ضعف في بعض من الولايات في أمريكا.
من هنا نستنتج الأهمية العالية والكبيرة للنحل، وما يحتل النحل من أهمية بالغة لكل الكائنات الحية على وجه الأرض، ليس فقط فيما يتعلق بإنتاج العسل، وما يرتبط به من فوائد لصحة الإنسان، وإنما تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، نظراً لدوره العالي، والحيوي في تلقيح النبات، وزيادة إنتاجيته، والعمل على تحسينها.
وبالتأمل الواقع، لاحظنا أن النحل في اليمن أصبح شبه غائب عن منابع الإنتاج الزراعي، وذلك نتيجة الاستخدام العشوائي للمبيدات، علاوة على تغير الأحوال الجوية إلى الباردة، ما نتج عنها موت أعداد كبيرة من النحل، معللا ذلك بعدم تعريف المزارعين بالدور المهم الذي يلعبه تواجد النحل في تحسين عمليات الإنتاج، الأمر الذي أدى إلى حدوث تراجع عالي في أعداد النحل المتنقل بين المزارع، وبالتالي انخفضت النسبة الخاصة بتلقيح المزروعات.
ومن هذا المنطلق، نهيب بالمزارعين ضرورة العناية بالنحل والتوسع في تربيته وبذات القدر من العناية والحفاظ بالمزارع والمزروعات، مشيرا إلى أن أولى خطوات هذا الاهتمام يجب أن تبدأ من اختيار الوقت المناسب لرش المبيدات، ثم الحرص على زراعة أشجار مصادر الرحيق في جوانب ورهق الأراضي الزراعية لكي تساهم في توفير بيئة خصبة للمكافحة الحيوية ومناسبة للزراعة العضوية الخالية من المواد الكيميائية.
مدير عام الإرشاد والإعلام الزراعي