التسلط الأمريكي عُقدة النظام السعودي

يكتبها اليوم / وديع العبسي

في الأخير لا يصح إلاَّ الصحيح، والمغامرة التي ارتكبتها السعودية بدفع وتخطيط وإشراف من أمريكا كانت فعلاً مخالفاً لكل أخلاقيات التعايش ولكل المبادئ والقوانين الدولية، لذلك فإنه من الطبيعي أن ينتهي إلى الفشل المخزي، فالله لا يحب الظلم، وما مورس ضد اليمنيين كان ظلماً بواحاً ترفضه كل الأديان والمذاهب الدينية والإنسانية.
وطيلة السنوات الثمان الماضية، لمس العالم أجمع كيف أن العدوان على اليمن دفع الجميع ثمنه سواء عبر تلقي ضربات مباشرة أو تداعيات هزت حتى أركان سلطة النظام الأمريكي البلطجي، حين بدأت تتفاقم أزمات البلاد بفعل إغلاق (حنفية) النفط، ولو يزيد أمد العدوان ولو لبعض الوقت لتفاقمت الأزمات من الكوارث التي يعيشها كل العالم اليوم، فاليمنيون لم يعد لديهم ما يخسرونه أكثر مما قد خسروه من استقرارهم ومن معيشتهم، بعد مقتل البشر، وتدمير الحجر، إن هم قرروا معاودة استهداف المعتدين.
وأن تأتي بعض الإشارات بانتهاء عُقدة النظام السعودي من التسلط الأمريكي عليه، وتوجهه لإعلاء قيمة العقل والحنكة السياسية، ومصالح شعبه، فهو الأمر الطبيعي والحكيم الذي يضمن له ولبلاده العيش بسلام، والعمل بهدوء على برامج التطوير والتحديث لمجتمعه، وسيجد حينها اليمنيين داعمين له في هذا الاتجاه، كما أشار إلى ذلك متحدث لجنة المصالحة الوطنية وعضو «سياسي» أنصار الله محمد البخيتي بقوله أمس، أن «أي توجه سعودي لتحقيق السلام مع اليمن أو أي طرف آخر نحن سنعزز الموقف السعودي”.
ربما لن يكون من المبالغ فيه القول إن اليمن بقواته المسلحة وقبائله الشديدة والجموع الجماهيرية الهادرة، قادرة بعون الله على تهديد معيشة ورفاهية المجتمع الخليجي المعتمد فقط على النفط الذي بات في متناول السلاح اليمني، وحتى العالم الذي يحصل على أكثر مواده النفطية من أرضنا العربية.
الجنوح اليوم إلى السلم هو عين الحكمة، واليمن كانت طوال الوقت تمد يدها للسلام العادل والمشرف، مع رفضها التام بأن يُفرض عليها شكل الحياة التي تعيشها.
والقبول بهذا الوضع الاستبدادي في مصادرة حق المجتمع اليمني في العيش بعزة وكرامة أمر لا يقبل به عقل، فضلا عن عدم قبول أصحاب الحق نفسه، زد على ذلك أن اليمنيين قد اختطوا لأنفسهم مساراً يصحح كل أخطاء العقود الماضية وينهض بالواقع ويحقق التحولات التي مُنع عنها عنوة وتعمداً، ومن حقه السير على هذا المسار دون تدخل أحد حتى بلوغ الأهداف، وهذا ليس بالأمر الإعجازي أو الخارج عن المألوف، كما لا ينطوي على أي مخاطر على أحد بقدر ما يمكن أن يمثله من تكامل ورفد للمجتمع الإنساني.
ومن هنا يصير من حق اليمنيين أن ينعموا باستقرارهم وثرواتهم كما هو الحال في باقي الأقطار، أما أن يجري سحق هذه الطموح من أجل أن تحيا أمريكا من خيرات البلد بأفعال النهب والبلطجة فهذا لم يعد واردا في منهجية المسار اليماني الخالص، وطريق السلام إن كان النظامان السعودي والأمريكي يبغون السلام، فإنه واضح كما حدد معالمه السيد قائد الثورة عليه سلام الله ورضوانه: إنهاء العدوان والحصار وإنهاء الاحتلال وإعادة الإعمار وتعويض الأضرار وإكمال عملية تبادل الأسرى، وهذه طبعاً عناوين رئيسية وتأتي في إطارها كل التفرعات، وهو حق لليمن أن يستعيد أرضه ومجده وأن يستعيد قراره واستقراره وأن يحيا دون إطار تضعه له أمريكا وأخواتها من الأنانيين.
وإلى كل ذلك لم تعد محاولات القياس لما وصل إليه اليمنيون من مستوى القوة والاقتدار، بإحياء جماعات التخريب أو التجسس عليه، بالأمر مجدية، فما حددوه من مسار فرض ويفرض عليهم العمل باستمرار والإبقاء على حالة اليقظة والتسلح بكل الأدوات الكفيلة بردع مطامع الأعداء، وهذا القول بمناسبة العمل العدواني الذي كان للتدخل الإلهي ثم يقظة الجهاز الأمني أن منع كارثة إنسانية، والتي تمثلت بتجنيد عنصرين انتحاريين من قبل التحالف لتنفيذ عمل تخريبي في العاصمة وقد أحبطته الاستخبارات والأجهزة الأمنية وأعلن عن ذلك الخميس الماضي.

قد يعجبك ايضا