* إذا كانت الديون الاستثمارية هي التي تمول عملاً إنتاجياً كشراء بضائع بالدين أو شراء مصنع أو بناء عمارة للغلة أو إستصلاح أرض للزراعة أو غير ذلك فهل تمنع هذه الديون من الزكاة أم لا؟
– الدين لا يسقط الزكاة سواء كان لآدمي كالقرض أو ثمن مبيع ونحوهما أو لله تعالى كالكفارات ونحوها فإن الزكاة لا تسقط بلزوم الدين قبلها أو بعد لزومها، أي دين كان هذا هو المذهب.
قال الإمام الهادي عليه السلام في الأحكام وكذلك من كان عليه عشرون ديناراً وفي ملكه عشرون ديناراً فعليه أن يزكي ما يملكه، وإن كان عليه مثلها ديناً، ولا يلتفت إلى قول من قال بغير ذلك من المرخصين؛ لأنه لا يخلو من أن تكون هذه الدنانير له ملكاً يملكها، وإن كان عليه من الدين مثلها، أو لا يكون له ولا في ملكه بما زعموا عليه من دينه، فمن كانت له وفي ملكه جاز له أن يتصدق منها، ويَنكِح فيها، ويأكل ويشرب، فإذا جاز له ذلك منها وجب عليه الزكاة فيها.
وإن كان لا يجوز له أن يَنْكِح فيها ولا يتصدق ولا يأكل ولا يشرب منها فلا يجب عليه الزكاة فيها، وهذا فلا أعلم بين من حسُن علمه، وجاد قياسه وفهمه اختلافاً في أنه يأكل منها ويَنكِح فيها، وكذلك من كان عليه مائتا درهم وله مائتا درهم فإذا حال الحول عليه وجبت عليه فيها الزكاة، ولا ينظر إلى ما هو عليه من الدين.
كما هو قول للشافعية في الأظهر وأحمد في رواية، والظاهرية إلى أن الدين لا يمنع وجوب الزكاة مطلقاً سواء كان مستغرقاً لجميع المال أو غير مستغرق، وسواء كان حالاً أو مؤجلاً، وسواء كان من جنس المال أو من غيره، وسواء كان من ديون العباد أو من ديون الله تعالى، وسواء كان المال الزكوي من الأموال الظاهرة كالزروع والثمار والحيوانات أو الأموال الباطنة كالذهب والفضة وعروض التجارة.
واستدلوا لذلك بما يلي:-
1- عموم الأدلة الموجبة للزكاة في المال كقوله تعالى: ﴿خذ من أموالهم صدقة تطهرهم﴾.
2- ولأنه مالك للنصاب، نافذ التصرف فيه حيث (إن ما بيده له أن يتصدق به، ويبتاع منه جارية يطؤها، ويأكل منه، ولو لم يكن له لم يحل له التصرف فيه بشيء من هذا فإذا هو له، ولم يخرجه عن ملكه ويده ما عليه من الدين، فزكاة ماله عليه بلا شك).
«حتى قال ابن حزم: إسقاط الدين زكاة ما بيد المدين لم يأت به قران، ولا سنة صحيحة ولا سقيمة ولا إجماع بل قد جاءت السنن الصحاح بإيجاب الزكاة في المواشي والحب والتمر والذهب والفضة بغير تخصيص من عليه دين ممن لا دين عليه» ( ).
وعند بعض الأئمة عليهم السلام والحنفية أن الدين المستغرق يمنع الزكاة، قال الفقيه يوسف: وإنما يمنع عندهم بشرطين:
الأول: أن يكون الدين لآدمي معين لا لله تعالى.
الثاني: أن لا يكون للمديون من العروض ما يفي بالدين غير ما قد وجبت الزكاة فيه وغير ما استثني للفقير وصورته: لو كان لرجل ألف درهم وعليه ألف درهم، وهذا الخلاف إنما هو في الزكاة التي هو ربع العشر، فأما العشر فيوافقوننا في أن الدين لا يمنع من وجوبه.
عدم سقوط الزكاة بالموت
لا تسقط الزكاة ونحوها بالموت بل تخرج من تركته وإن لم يوص.
كما لا تسقط بالردة.
• من كتاب الزكاة في الإسلام
للعلامة / عبد الرحمن بن محمد شمس الدين