مقبرة الغطرسة
افتتاحية الثورة
بدا واضحاً منذ اليوم الأول في 26 مارس 2015م ، لبدء الحرب الإجرامية على اليمن والتي أسميت بداية “عاصفة الحزم” ، أنها مبنية على غطرسة القوة الفائضة لدى المنفذين السعودية والإمارات ، والمدفوعة بسعار أطماع “الأمريكيين” الأصلاء في الحرب على اليمن ، ولأنها حرب أمريكية فقد اكتسبت طبائع وصفات حروب أمريكا ، من ناحية التسمية جاء اسم “عاصفة الحزم” على غرار عاصفة الصحراء ، ومن ناحية الاستراتيجية اعتمدت على القصف الجوي المكثف والهائل كما عاصفة الصحراء.
عادل الجبير السفير السعودي في واشنطن الذي أخبر العالم شن الحرب على اليمن منتصف ليل السادس والعشرين من مارس 2015م ، أكد أن الحرب جرى تحضيرها منذ أشهر مع الشركاء ويقصده بهم أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني ودول أخرى سواء تلك التي شاركت بالشكل المعلن ، أو التي شاركت بشكل غير معلن.
وقد اصطلحت دول تحالف العدان على إطلاق تسمية “عاصفة الحزم” على الحرب ، بغية التلميح إلى سرعة العملية في تحقيق أهدافها ، والتسمية أمريكية على غرار عاصفة الصحراء ، وهي تسمية مرادفة للغطرسة التي استحالت إلى الفشل.
ومع الاستباحة الجوية لسماء اليمن بنحو 200 طائرة إف 15 ، كان الفضاء الإعلامي مشحونا بالمصطلحات والخطاب الإعلامي الدعائي الذي يصور الحرب على أفقر شعب في العالم كبطولة تاريخية منقطة النظير ، ومن جانب آخر إطلاق خطاب إعلامي يعتبر كل هدف تقصفه أسرار الطائرات أكان سوقا أو مستشفى أو مدرسة أو مخزن غذاء أو صالة عزاء أو عرس اجتماعي بأنه هدف عسكري ، وكرر الإعلام السعودي والأمريكي وحتى الغربي في كل مذبحة هذه الروايات.
واليوم مضت ثمانية أعوام منذ بدأت الحرب الدولية الأقليمية على اليمن ، ثمانية أعوام منذ أن أطلقت دول العدوان ال17 حربها الإجرامية على الشعب اليمني ، معتقدة أن الأمر سيستغرق بضعة أسابيع فقط لاحتلال اليمن والسيطرة على العاصمة صنعاء وإعلان الانتصار من وسط العاصمة اليمنية ، غير أن شيئا من ذلك لم يحدث.
وإذا كان المعتدون على اليمن قد برروا عدوانه بإعادة هادي إلى العاصمة ، وتدمير الصواريخ الباليستية ، والقضاء على أنصار الله ، فإن الذي حدث هو استحالة تحقق ذلك ، فهادي صار في سجن قسري ، والصواريخ باتت بالألاف المضاعفة ، وبات لليمن جيشا قويا ومتمكنا وذو قوة لا يستهان بها بعون الله.
على أن العاصفة التي اعتقدوها أسبوعين إلى ثلاثة ، امتدت إلى ثمانية أعوام ، مع عجز كامل عن أي انتصار فيها ، وإذا كانت الحرب قد اتخذت استراتيجية شبيهة بعاصفة الصحراء ، فحشدت أكثر من 200 طائرة حربية ، ومروحيات ودرونز ومسيرات متنوعة ، واعتمدت على كثافة الغارات الجوية وصلت إلى 200 غارة يوميا ، فإنها لم تنجح إلا في تدمير البنية التحتية لليمن وتدمير الطرق والجسور والمصانع والموانئ ومخازن الغذاء ومحطات الكهرباء والوقود ، وفي قتل أكثر من 50 ألف مدني في بيوتهم ومنازلهم وفي أسواقهم وفي مناسباتهم وفي أحوالهم المختلفة ، أما على صعيد الأهداف التي سعى العدوان لتحقيقها فقد فشلت وهزمت.
وإذا كانت دول العدوان ال17 قد نجحت في محاصرة ثلاثين مليون يمني من السكان في اليمن ، وفرض حصار بحري وجوي وبري شامل ومطبق ، بمنع وصول الإمدادات الأساسية إلى اليمنيين ، فإنها اليوم أمام معادلة مختلفة إما أن تبادر إلى رفع هذا الحصار ، وإلا فثمة معادلة بحرية قادمة ستضر بدول كثيرة لا تستثني أمريكا والدول الأروبية.
والسؤال الذي يطرح بعد ثمانية أعوام عن مصير تلك الحشود والأساطيل والطائرات الحربية؟ وعن ماذا حققت تلك الأهوال والفظائع والمجازر التي فعلتها دول العدوان؟ وأين ذهبت تلك الأرتال من الدبابات والمدرعات والآليات والذخائر والمدافع ومختلف الأسلحة البرية التي زجت إلى اليمن من أبعادها ، ومعها الجيوش الباكستانية والسودانية والكولومبية وبلاك ووتر وغيرها من المأجورين الذين جلبوا من أصقاع العالم كله؟: لقد دفنت في رمال اليمن وجبالها ، وتحولت الحرب إلى مأزق يحيط بالمتحالفين فيها ، وارتدت عليهم..وبعد الثمانية أعوام عام تاسع حاسم وقاسي على دول العدوان..والله غالب على أمره.