وفاة مليون و488 ألف يمني نتيجة الأمراض والأوبئة والسموم الكيماوية للأسلحة المستخدمة ضد اليمنيين
على مشارف العام التاسع من الصمود الأسطوري: تحالف العدوان يمعن في قتل وتجويع اليمنيين ونشر الأوبئة والأمراض الفتاكة
توثيق أكثر من 120 ألف حالة مرضية حديثة جراء استمرار إغلاق مطار صنعاء الدولي
14 مليون يمني على بعد خطوة من المجاعة ومليونا طفل يعانون من سوء التغذية
تدمير وتضرر أكثر من 537 منشأة صحية ضاعف تفشي الأمراض والأوبئة الفتاكة
الثورة / ناصر جراده / هاشم الأهنومي
قبل ثماني سنوات وتحديداً في 26 مارس 2015 قام تحالف العدوان السعودي الأمريكي بشن عدوان همجي غاشم على اليمن وفرض حصاراً جوياً وبرياً وبحرياً على اليمن، طوال هذه المدة والشعب اليمني يعاني ويلات الحرب العدوانية بحجة محاربة المد الإيراني في اليمن، وها هي السعودية اليوم تسارع إلى الموافقة على استئناف العلاقات مع إيران وإعادة فتح السفارات، متناسية ما عاناه ويعانيه الشعب اليمني جراء عدوانها على الشعب اليمني وحصارها يلج مشارف العام التاسع من الصمود الأسطوري.. وكأن شيئا لم يكن .
المجاعة كارثة كبرى
كشفت تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بأن العدوان والحصار على اليمن أدّيا إلى وقوع 80 % من اليمنيين في دائرة الفقر، فهناك 24 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي من أصل 30 مليون نسمة، من ضمنهم 14 مليون يمني على بعد خطوة واحدة من المجاعة، ومليونا طفلِ يعانون من سوء التغذية، و400 ألف طفل من سوء التغذية الحادّ، وأنه يموت طفل يمني كل 10 دقائق، وتستبد المجاعة أكثر وأكثر.
فاجعة الأرقام، يقابلها شح المساعدات، حيث عمدت المنظمات الدولية إلى إيقاف أكثر من 37 برنامج مساعدات ولم تقتصر الانتكاسة الصحية على ذلك، بل ووفقاً للأمم المتحدة، ستتوقف جميع فرق الاستجابة السريعة في مديريات اليمن عن أداء مهامها بسبب غياب التمويل الذي تستأثر منظمات الأمم المتحدة بثلثيه لصالحها وصالح موظفيها.
انهيار القطاع الصحي بفعل العدوان
خلال سنوات العدوان أنهار القطاع الصحي في اليمن وتأثرت منشآته بشكل كبير بفعل الغارات الجوية لدول العدوان على أكثر من 537 منشأة صحية حيث دمرت بعضها وتضررت أخرى بأضرار جسيمة، إلى جانب ذلك الحصار البري والبحري والجوي الذي فرض قيوداً على الواردات من الأدوية والمستلزمات الصحية خاصة الأدوية التي يحتاج لها عشرات المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة.
سنوات ثمان من الظلم والتجاهل، لما يتعرض له الشعب اليمني من قتل وإبادة جماعية من قبل تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، في ظل تخاذل مخزٍ من قبل المجتمع الدولي والشرعية الدولية والأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وما رصدته تقارير المجتمع الدولي ومنظماته وبرغم الكارثة التي وصفت بالأسوأ على مستوى العالم، حالات الموت المتزايدة بسبب الحصار الجائر على مطار صنعاء الدولي الذي أغلق لسنوات ولم يفتح إلا مع الهدنة ولعدد محدود من الرحلات إلى وجهات واحدة لا تلبي 2% من الاحتياج الفعلي لنقل المرضى، حيث وثقت منظمة “مواطَنة”، الحقوقية، حالات منع سفر أشخاص يعانون من أمراض مزمنة إلى الخارج للعلاج، بما في ذلك امرأة احتاجت لجراحة قلب وتوفيت لاحقا.
خلال الثلاثة الأسابيع التي تلت منع الرحلات الإنسانية إلى صنعاء في نوفمبر،2017 اضطرت الأمم المتحدة إلى إلغاء أكثر من 30 رحلة جوية، مما أدى إلى تقطع السُبل بـ 220 موظفاً في مجال المساعدة الإنسانية من حوالي 50 وكالة خارج اليمن، و310 في اليمن، وقال مسؤول في منظمة إنسانية إن 80 ٪ من عملياتهم تقع في مناطق تضررت من إغلاق مطار صنعاء.
حرب واستهداف بالجملة
مجازر بالجملة، تجويع ودمار ونزوح، منذ بداية العدوان شن التحالف أكثر من 274 ألفاً و302 غارة جوية؛ تقرير مركز عين الإنسانية في صنعاء، كشف عن أرقام فاقت كل التوقعات، فالحرب قتلت أكثر من 17 ألف مدني، من بينهم أكثر من 3 آلاف طفل، وشردت أكثر من 4 ملايين.
كما استهدف تحالف العدوان عشرات المنشآت الاقتصادية، فيما توقّفت مئات المنشآت الإنتاجية والصناعية بسبب منع دخول المواد الخام والوقود، ليفقد آلاف العمال مصادر عيشهم، وليرتفع معدل البطالة إلى 65 %، ولم تستثنِ الحرب قطاع الزراعة الذي يعمل فيه قرابة 70 % من اليمنيين، حيث استهدفت الغارات نحو 800 مخزن أغذية، وأعاقت وصول الغذاء إلى القرى والمناطق الريفية بقصف الطرقات وتدمير الجسور، كما قصفت نحو 672 سوقاً شعبياً، هي بمثابة مراكز تجارية تقليدية يقصدها معظم اليمنيين للتزوّد بالغذاء وفقا لإحصائيات رسمية نشرتها حكومة الإنقاذ بصنعاء.
سياسة الحصار والتجويع لن تطول
مع دخول العام لازالت المعطيات تشير إلى أن تحالف العدوان بقيادة أمريكا تفضل المناورة والتهرب عن تنفيذ مطالب الشعب اليمني المتمثلة في رفع الحصار عن الموانئ والمطارات وصرف المرتبات حيث تحاول أمريكا إبقاء الوضع في حالة -اللا سلم واللا حرب- مع تعسير واقع المعاناة والأزمة التي يعيشها المواطنون اقتصاديا وماديا.
لكن استمرار هذه السياسية وهذا التنكيل بالشعب اليمني حصارا وفقرا وجوعا ستكون بطبيعتها الدافع بان تعود الأمور للتصعيد الذي بات يلوح بالأفق، فالأوضاع لن تبقى كماهي بل ستتجه إلى مسارات مختلفة، وحالة اللا سلم واللا حرب التي تفرضها واشنطن ولندن كوسيلة للنيل من صمود الشعب اليمني والفتك به لا يمكن ان تطول اكثر من هذا الوقت باعتبار ما قدمته قيادة صنعاء من شروط ، إنذارات أخيرة لتحالف العدوان وأن سياسة المناورة، وتجاهل مطالب الشعب اليمني وإهمالها لمرحلة جديدة سيقابلها تصعيد قوي.
الحصار والقانون الإنساني الدولي
يحظر القانون الدولي والإنساني وقوانين الحرب استخدام التجويع كوسيلة حرب والحصار الذي فرضه تحالف العدوان غير متناسب وغير قانوني لأن الضرر المتوقع للسكان المدنيين يتجاوز أي فائدة عسكرية ظاهرة.
إن حرب التجويع والحصار هي أحد أوجه الحرب الإجرامية الأمريكية الظالمة على الشعب اليمني، وكماهي موصوفة في مواثيق وقوانين الأمم المتحدة بجريمة الإبادة الجماعية والشاملة، ولذلك يمكن محاكمة الذين يرتكبون عمدا استخدام تجويع المدنيين كوسيلة حرب عبر حرمانهم من أشياء ضرورية ومنع المساعدات الإنسانية، يعدً انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني بتهم جرائم حرب، وهذا ما يجب أن يتطبق على قادة تحالف العدوان السعودي الإماراتي.
صمت أممي ودولي
ووسط صمت أممي ودولي يعيش اليمن أسوأ الظروف لا سيما على الصعيد الصحي في ظلّ العدوان والحصار الجائر منذ ثمانية أعوام. حيث يمعن العدوان في منع دخول الأجهزة التشخيصية والأدوية الحيوية وكواشف المختبرات والأمصال المضادة، بالإضافة إلى قطع غيار محطات معالجة الصرف الصحي، ما تسبب في تفشي أكثر من 26 مرضاً ووباء خلال العام 2022م إلى جانب القتل والتشريد الممنهج.
إحصائيات صادمة
أوضح تقرير صادر عن وزارة الصحة العامة خلال العام 2022م، أن هناك مليونين و106 آلاف و534 حالة مصابة بالأمراض التنفسية العلوية، فيما بلغ عدد المصابين بالأمراض التنفسية السفلية 760 ألفاً و656 حالة توفي منها سبع حالات وبلغ عدد حالات الالتهابات التنفسية الحادة الوخيمة أربعة آلاف و550 توفي منها 322 حالة.
وذكر التقرير أن مليوناً و150 ألفاً و614 حالة مصابة بالإسهالات المائية توفيت منها 46 حالة، وبلغ عدد المصابين بالاسهالات المدمرة 47 ألفاً و550 حالة، وعدد حالات الاشتباه بالكوليرا 14 ألفاً و508 حالات توفي منها 8 حالات، فيما بلغ عدد حالات التيفوئيد 196 ألفاً و287 حالة توفي منها حالة واحدة، والحصبة 18 ألفاً و597 حالة توفي منها 131 حالة.
وأشار التقرير إلى أن عدد المصابين بشلل الأطفال 226 حالة، والملاريا مليون و136 ألفاً و360 حالة توفي منها 19 حالة، وحمى الضنك 28 ألفاً و157 حالة توفيت منها 37 حالة، وعدد حالات التهاب الكبد الفيروسي “بي وسي” 20 ألفاً و248 حالة توفيت منها حالتان، والتهاب الكبد الفيروسي “ألف وإي” 14 ألفاً و39 حالة، والدفتيريا ألف و105 حالات توفي منها 76 حالة.
المناطق الأكثر فتكاً بالأوبئة
في ظل الممارسات التي يتعمد تحالف العدوان ارتكابها لزيادة معاناة الشعب اليمني، قضت توجيهات رئيس المجلس السياسي الأعلى للجهات المعنية بتعزيز إجراءات القضاء على الأوبئة خاصة في محافظة الحديدة والمحافظات التهامية التي تشهد ارتفاعاً في أعداد الإصابات بالحميات والأوبئة خصوصاً في فصل الشتاء.
وأوضح وزير الصحة بأن “الوضع الوبائي في اليمن يحتاج للكثير من التدخلات خاصة مع استمرار العدوان والحصار، بل إن الوضع الصحي يزداد سوءاً كل عام رغم الجهود الكبيرة والتحرك الميداني المستمر لوزارة الصحة والدعم المقدم من الشركاء في المنظمات وإن كان لا يرتقي إلى حجم الكارثة ولم يلب الاحتياج المرصود”.
ودعا الوزير المتوكل المنظمات الدولية العاملة في القطاع الصحي للقيام بمسؤولياتها والاستمرار في دعم النظام الصحي والتركيز على تعزيز التأهب للأوبئة كأولوية.. محملا الأمم المتحدة مسؤولية انتشار الأوبئة في اليمن.
وطالب الأمم المتحدة ومنظماتها وهيئاتها بالضغط لوقف العدوان ورفع الحصار وفتح مطار صنعاء الدولي من أجل العمل على تعزيز الإجراءات للتأهب للأوبئة والسيطرة عليها.
وشهدت محافظة الحديدة منذ أكتوبر 2019 ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الإصابات بحمى المكرفس والضنك، حيث وصل إجمالي الحالات المشتبه إصابتها إلى أكثر من 76 ألف حالة فيما بلغ عدد حالات الوفاة 215 حالة على مستوى اليمن، إضافة إلى تسجيل 37 ألف حالة اشتباه و91 حالة وفاة خلال الربع الأول من العام 2020م.
وأشار تقرير صادر عن وزارة الصحة إلى أن إجمالي عدد الحالات المشتبه إصابتها في الحديدة خلال العام 2019م بلغ أكثر من 32 ألف حالة اشتباه و88 حالة وفاة، معظمها في أكتوبر حيث بدأت الموجة في مديرية الجراحي وتوسعت إلى المديريات الشمالية ومدينة الحديدة، .
أسباب تفشي الأوبئة
من جانبه أكد وكيل وزارة الصحة لقطاع الرعاية الصحية الأولية الدكتور محمد المنصور أن استمرار العدوان والحصار ساهما في تفشي الأوبئة والأمراض، خاصة بعد تعثر أنشطة وبرامج البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا خلال الأعوام الماضية، نتيجة شحة الإمكانيات.
وتطرق إلى الأسباب المباشرة وغير المباشرة التي أدت لتفشي الأوبئة ومنها العدوان والحصار وتوقف الموازنات التشغيلية للقطاع الصحي، ما ساهم في توقف أنشطة المكافحة للأمراض.
ولفت وكيل الوزارة إلى أن الآثار الاقتصادية للعدوان وتوقف الرواتب، أثرت بشكل كبير على قدرة المواطنين في الوصول للخدمات الصحية والتشخيص الطبي.
وبين أن إغلاق الموانئ أدى لتأخر وصول مليون و500 ألف ناموسية مشبعة بالمبيد وحرمان ثلاثة ملايين مواطن من الحماية من الأمراض، وكذا تأخر وصول أدوية علاج الملاريا ونفاد المخزون ومستلزمات مكافحة النواقل من مبيدات وأدوات رش وحماية .. معتبراً ذلك أسباباً عرقلت أنشطة المكافحة وتنفيذها في الوقت المناسب، ما أدى لتعريض مئات الآلاف من المواطنين للإصابة بالأمراض المنقولة بالبعوض.
وحمّل دول العدوان المسؤولية الكاملة إزاء تردي الوضع الصحي وانتشار الأمراض الوبائية في اليمن، مطالباً الأمم المتحدة ومنظماتها وهيئاتها بالضغط على تحالف العدوان لرفع الحصار وفتح مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة من أجل العمل على تعزيز الإجراءات للتأهب للأوبئة والسيطرة عليها وإدخال الأدوية والمستلزمات الطبية.
وأصبح العدوان والحصار والأوبئة ثالوث الموت الذي يفتك بسكان اليمن منذ نحو ثماني سنوات.
احصائيات
كشف الناطق باسم وزارة الصحة أنيس الأصبحي أنّ “إحصائيات الأمراض الوبائية خلال العام 2022م في جميع المحافظات قرابة 4.5 ملايين مصاب بينهم 686 حالة وفاة”.
وقال: “إنّ بلادنا تعرّضت لعدوان غاشم وحصار جائر تسبب في انتشار الكثير من الأوبئة بشكل مباشر طوال السنوات الماضية”، مبينًا أنّ “العدوان استهدف المراكز الصحية والمراكز الخاصة بالترصد الوبائي والمكافحة للأوبئة ومنع دخول أصناف من المحاليل”.
وأشار الأصبحي إلى أنّ “جرائم العدوان طالت مراكز مكافحة الملاريا ومعالجة حالات الكوليرا إلى جانب استهداف الكوادر الطبية والإسعافية”، لافتًا إلى أنّ “تحالف العدوان يمنع دخول أصناف من المحاليل والمستلزمات والأجهزة الطبية ووسائل مكافحة الأوبئة”.
ولفت إلى أن استمرار العدوان في منع وصول السفن التي تحمل شحنات الأدوية رغم خضوعها للتفتيش القسري وما يسمح بوصوله من الأدوية يصل بحالة سيئة نتيجة سوء التخزين.
كما بيّن الأصبحي أنّ المياه غير الصالحة من أهم أسباب انتشار الأوبئة، مشيرًا إلى أنّ المواطنين يشربون المياه الملوثة في بعض المناطق نتيجة استهداف العدوان لمشاريع المياه الخاصة بالشرب.
ولفت إلى أنّ سيطرة العدوان على موارد الدولة من النفط والغاز جعل حكومة الإنقاذ عاجزة عن توفير الموازنات التشغيلية لبرامج مكافحة الأمراض والترصد.
وطالب الأمم المتحدة بالمصداقية في ما ترفعه من شعارات وما تعلنه من أيام عالمية وأن تمارس دورها الإنساني في وقف العدوان ورفع الحصار، داعيًا إلى دخول جميع احتياجات مكافحة الأوبئة من الأدوية والمستلزمات الطبية دون تأخير.
وفي تقرير حديث لوزارة حقوق الإنسان نشر مؤخرا كشفت الوزارة عن وفاة مليون و488 ألف يمني جراء الأمراض والأوبئة خلال سنوات الحرب.
وأشارت إلى أن تلك الوفيات كانت نتيجة غير مباشرة للحرب وتفشي الأمراض المزمنة وسموم المواد الكيماوية للأسلحة المحرمة التي استخدمها تحالف العدوان بحق الشعب اليمني طوال الثمان السنوات الماضية.
وقال وزير حقوق الإنسان علي الديلمي إنه تم توثيق أكثر من 120 ألف حالة مرضية نتيجة إغلاق مطار صنعاء الدولي وحرمان ما يقارب من مليون مريض من السفر إلى الخارج للعلاج.