يقيناً وبلا شك أن للخطباء والمرشدين دوراً أساسياً ومهماً في تنوير وتبصير أبناء المجتمع المسلم والمساهمة في ترشيدهم لسلوك صالح الأعمال وحثهم على تقوى الله واتخاذ مواقف جادة ضد أعداء الله ورسوله والمؤمنين أعداء الإنسانية والبشرية وأعداء السلام وأدعيائه.
ولذلك كان لتناول السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- في كلمته الأسبوع الماضي لموضوع “دور الخطباء والمرشدين ومسؤولياتهم العظيمة والمقدسة” أهمية وتأثير كبير على الخطباء أنفسهم بالدرجة الأولى وعلى المجتمع المسلم المتلقي للرسالة ليدرك قيمتها وأثرها على النفوس والتوجهات وفي التذكير بهدى الله وتعزيز علاقة الإنسان المسلم بربه وفي التمسك بالقيم والمبادئ الإيمانية لا سواها منهجاً وسلوكاً وتعاملاً .
الرسالة التي ينبغي أن تكون، كما يؤكد السيد القائد ذات طابعٍ توعوي، يجب أن تعتمد في مضامينها ومصادرها وعناوينها على القرآن الكريم “كلام الله ورسالته إلى البشرية جمعاء” فهو كتابٌ من لدن حكيمٍ عليمٍ خبير فيه النور والهدى والبصيرة والاستقامة وهو “الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من يديه ولا من خلفه”.
وهو الصراط المستقيم والحبل المتين، وهو المصدر الوحيد لمعرفة الله سبحانه وتعالى والمصدر الأول لمعرفة السيرة النبوية الكريمة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم ، وهنا وفي هذا المقام يتطرق السيد القائد إلى أهم موضوع يتعلق بالخطباء ودورهم وطبيعة أدائهم بألا يتم الاعتماد على أسلوب الشتات ، بمعنى ألا تكون الخطبة مزاجية أو عشوائية وفيها من التخبط ما يؤثر سلباً على المُتلقي.
وفي هذا الصدد، وكوني أحد الخطباء، أجدها فرصةً مناسبة لأشير إلى ما ينتهجه الناشئون في هذه المهمة المقدسة من أسلوب وأداء يحتاج إلى تقييم وإعادة نظر، إذ يركن البعض منهم إلى ما لديه من بعض الثقافة الدينية والآيات المحدودة أو المعلومات والعناوين فتراه يُكرر ذات المواضيع في الخُطب دون أن يُكلف نفسه حفظ آيات أخرى أو تدبرها ، أو الاطلاع على الخطبة التي يتم إعدادها وتعميمها من قبل وزارة الإرشاد ، وبالتالي عدم الإشارة إلى المواضيع المواكبة للأحداث والمستجدات على الساحة، والتي تعتبر ذات أهمية في التعريف بأساليب ووسائل العدو في استهداف الأمة الإسلامية ثقافياً وسياسياً واستراتيجياً وكشف مخططاتهم وفضح مؤامراتهم التي تهدف إلى النيل من الدين الإسلامي ووحدة صف الأمة.
وهنا أوصي بضرورة أن يطلع خطيب المسجد على الخطب الرسمية المعمّمة لما في أغلبها من ثراء وإحاطة للكثير من المواضيع الدينية والثقافية المتنوعة ولا ينبغي للخطيب التغافل عنها أو تهميشها ولو من باب حسن النية.
إن مما تجدر الإشارة إليه ونحن في ظل تحديات جسيمة تحتم علينا جميعاً النهوض بمسؤولياتنا هو معرفة مدى مضمون وأهداف رسالة المسجد وأهميتها إذ أنها تعتبر أكثر وأقوى تأثيراً وفاعلية من غيرها من الرسالات الأخرى في وسائل الإعلام الجماهيرية ووسائل التواصل الاجتماعي لأنها تستند وتعتمد في جوهرها ومقاصدها على توجيهات إلهية نجدها صريحةً واضحة بيِّنة في آيات كريمات ذات طابع جهادي وأخلاقي وإنساني، كدلائل قطعية وشواهد حية تثبت وجود وحضور التحديات والمشاكل التي تهدد أبناء الأمة الإسلامية في دينها ووحدة صفها و قيمها ومواقفها.
ولذلك فالقرآن الكريم لكل زمان وحتى قيام الساعة ، فالمنافقون واليهود والمشركون والظالمون والمستكبرون الذين ذكرهم القرآن الكريم منذ ألف وأربعمائة سنة ليسوا هم الوحيدين المخاطبين بالتهديد والوعيد الإلهي وإنما جميع من يحملون تلك الصفات المذمومة السيئة على مرِّ الأزمنة.
وفي كل جيلٍ من الأجيال نجد ذات النماذج واتحادها في تصرفاتها وسياساتها والاختلاف في وجوهها ، وإذا لم يكن المنافقون اليوم هم المرتزقة والعملاء الموالون لليهود والمطبعون معهم فمن سيكون غيرهم ، واليهود اليوم إذا لم يكونوا هم الذين يستهدفون محور المقاومة في المنطقة بالقتل والحصار والتجويع فمن سيكون غيرهم؟!!