النظام العالمي الجديد الذي يؤسس لقيام دولة إسرائيل التلمودية الكبرى

هشام الهبيشان

 

 

تبرزُ إلى الواجهة في خضم فوضى الإعلام والأمن والسياسة والاقتصاد الذي تعيشهُ أمتنا ومنطقتنا العربية اليوم، مجموعة من التسميات والكيانات والمشاريع الغامضة «الماسونية – العولمة – النظام العالمي الجديد» وهذا بدوره يطرح مجموعة من التساؤلات حول هذا الغموض الدائر حول هذه التسميات والكيانات ومن هذه التساؤلات: ما هي العولمة؟ وما علاقتها بالنظام العالمي الجديد؟ وما هو النظام العالمي الجديد؟ وما علاقة النظام العالمي الجديد بالماسونية؟ وما الرابط بين هذا الثالوث والصهيونية العالمية؟ هي أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات وإلى توضيح حول كيفية ترابط هذه المشاريع، وما علاقة هذا الترابط بمشاريع تستهدف المشرق العربي، وهنا تحديداً، سنحاول النبش والبحث ببعض تفاصيل هذه الأسئلة، للوصول إلى بعض الحقائق التي ستعطينا بعض الإجابات، لتكشف لنا بعض المخططات القذرة التي يتبناها القائمون على هذا الثالوث، وجزءٌ منها يستهدف منطقتنا ووجودنا.
الإجابة الأولى، تبدأ بتعريف الماسونية، فجذور الماسونية كما عرفها المختصون هي يهودية صرفة.. من الناحية الفكرية ومن حيث الأهداف والوسائل وفلسفة التفكير، وهي بضاعة يهودية أولاً وآخراً، وقد اتضح أنها وراء الحركات الهدامة للأديان والأخلاق، فالماسونية منظمة سرية، تخفي تنظيمها تارة وتعلنهُ تارة، بحسب ظروف الزمان والمكان، ولكن مبادئها الحقيقية التي تقوم عليها، هي سرّية في جميع الأحوال، محجوبٌ علمها حتى على أعضائها، إلّا خواص الخواص الذين يصلون بالتجارب العديدة إلى مراتبٍ عليا فيها، وعندما اربط بين الصهيونية والماسونية، فإني استدلُ على هذا الربط من كلام الصهاينة ..يقول حكماء صهيون في البرتوكول الخامس عشر من بروتوكولاتهم : « إنّهُ من الطبيعي أن نقود نحن وحدنا الأعمال الماسونية، لأننا وحدنا نعلم أين ذاهبون وما هو هدف كل عمل من أعمالنا أما الغوييم فإنهم لا يفهمون شيئاً حتى، ولا يدركون النتائج القريبة، وفي مشاريعهم فإنهم لا يهتمون إلا بما يرضي مطامعهم المؤقتة، ولا يدركون أيضاً حتى إن مشاريعهم ذاتها ليست من صنعهم بل هي من وحينا ” – ينتهي الاقتباس، وهنا نرى إنّ هدف الماسونية العالمية، وهي وليدة الصهيونية ، إقامةُ نظام عالمي جديد، يؤسس لفكرة أن تكون إسرائيل اليهودية التلمودية، هي السيد المطاع بالعالم ككل، وأن تحكم العالم بنظرية “الإلحاد العالمي وما يؤسس لاحقاً لنظرية نهاية التاريخ المزعومة.
من هنا ننتقل إلى محاولة تعريف النظام العالمي الجديد الذي يؤسس لقيام دولة إسرائيل التلمودية الكبرى، فجورج بوش الأب وضع أولى المفاهيم الغامضة للنظام العالمي الجديد، وتوني بلير أوضح بعضها ، وباراك أوباما وضع النقاط على الحروف !!ومن خلال خطاب جورج بوش الأب، وهو احد أعضاء هذه المنظمة الماسونية، وعرّاب الصهيونية العالمية، سنحاول الوصول إلى فكرة ولو بسيطة عن مفهوم هذا النظام العالمي الجديد، فيقول هنا بوش الأب، موجهاً خطابه للأمة الأمريكية في 1991/11/09 : « تنتظرنا اليوم ساعات حاسمة في منتصف طريقنا إلى العالم.. نحن مشغولون بصراعٍ كبير، برّاً وبحراً وجواً، نحن نعلم لماذا ذهبنا إلى هناك» الشرق الأوسط حسب تسميتهم «، نحن أمريكيون، نحن مجرد جزء من شيء أكبر من ذاتنا، وعلى مدى قرنين، قمنا بإيصال الحرية إلى أمتنا، واليوم نقود العالم في مواجهة خطر كبير يهدد الإنسانية، ما هو على المحك أكبر من مجرد جعل العالم قرية صغيرة، إنّهُ فكرة عظيمة، نظام جديد عالمي، حيث تختفي الخلافات بين الأمم، لتحقيق ما اشتاقت له البشرية منذ وقتٍ طويل، الأمن والحرية والديموقراطية، الديمقراطية ستصل إلى كل مكان، أفكار الديموقراطية انتشرت في أوروبا الشرقية، وانتصرت أخيراً، واستمرار النضال من أجل الحرية في أماكن أخرى من العالم، كلها أكّدت مدى حكمة وذكاء من أسس وطننا أميركا، اليوم نسعى للانتصار على عدوٍ آخر، الديكتاتورية والقمع، سنصنع التاريخ بأيدينا ،ونكتب مستقبلاً لأولادنا يسودهُ القانون ، قانون واحد للجميع، وليس قانون الغاب، وعندما سننجح، وسننجح بالتأكيد، ستكون الطريق أمامنا مفتوحة، لتحقيق هدف أمتنا الأكبر» – وهنا ينتهي الاقتباس، ولكن يا ترى ماذا قصد بوش الأب بهدف أمتنا الكبرى ؟ ومن هي هذه الأمة الكبرى !؟ لنتعمق بهذا المفهوم قليلاً.
ولنأخذ خطاباً آخر لتوني بلير، رئيس وزراء بريطانيا سابقاً، وعرّاب الصهيونية العالمية حالياً، فقد قال متحدثاً أمام قيادة الناتو في 4/ 3 /2003، وذلك قبل أيام من غزو العراق ويقول: « حلف شمال الأطلسي لم يوجد لحماية حدود الدول المنضوية تحت لوائه فقط، الناتو إنتاج فكرة عظيمة خرجت بعد تجارب ماضية حزينة و مريرة، الناتو وجد لحماية و تأمين النظام العالمي الجديد «.
ولنعد هنا إلى أمريكا لنفهم كلام بوش الأب، وما المقصود بكلام توني بلير، ولنأخذ خطاباً لباراك أوباما، القاه أمام مجموعة من قادة سلاح الجو الأمريكي، بمطلع شهر تشرين من عام 2010 ويقول فيه: « في هذا العالم، جرفتنا مخاطر كبيرة إلى الهاوية، ولذلك لم نعد قادرين على تحمل كلفة البقاء منفصلين عن بعضنا، ليس هنالك أمة واحدة، ليس هنالك أمة أمريكية وأمة ألمانية وأمة روسية، مهما بلغت عظمتها وقوتها، لن تعيش أمة وتقدّر على هزم التحديات التي أمامها وحيدة، إنها مسؤولية المواطن العالمي، التعاون والشراكة بين الأمم والدول غير مقبول بعد اليوم، الطريقة الوحيدة التي تمكننا من البقاء على قيد الحياة هي إلغاء الحدود، الحدود بين الأمم و الشعوب والطوائف يجب أن تلغى، بين المواطنين الأمريكيين الأصليين والمهاجرين، بين المسيحيين والمسلمين واليهود، لن نتمكن من الصمود بدون إلغاء الحدود، وهذا هو شكل النظام العالمي الجديد، إنّهُ ينتشر اليوم، وأصبحنا قريبين منه جداً، حلمنا قريب من الحقيقة » – وهنا ينتهي الاقتباس.
الآن قد تكون توضحت، بعض المفاهيم للنظام العالمي الجديد، لا سيادة دول، لا أديان، لا وحدة مجتمعية، لا حدود ولا سيادة مجتمعية، و… ألخ، ولكن ما هي الطريقة للوصول إلى كل ذلك؟:.
الإجابة ببساطة أنها «العولمة»، فالعولمة وصف لظواهرٍ متعددة، كالتقدم المذهل في وسائل الاتصال والانفتاح المعلوماتي، وذهاب الحواجز بين الدول مع سلطة القطب الواحد الذي يسعى للهيمنة الاقتصادية والعسكرية والثقافية والسياسية على كل ما هو موجود بهذا العالم، والمتمثل بسلطة القطب الأوحد الأمريكي “أمريكا” التي تديرها اليوم، ومن خلف الكواليس لوبيات صهيو – ماسونية، والتي تحكمها دوافع وتوجهات يهودية تلمودية صرفة، وبالإمكان القول إنّ العولمة كما وصفها المختصون ، وصف لظواهر متعددة يجمعها هدف واحد وهو جعل العالم متقارباً من خلال الانتشار المذهل في وسائل التكنولوجيا وتطور المواصلات والفضائيات والإنترنت، والانفتاح المعلوماتي، مع سلطة القطب الواحد أمريكا بقيادة صهيونية الذي يسعى لعولمة اقتصادية وعسكرية تحقق مصالحه، كما يسعى لعولمة ثقافية بفرض قيمه وثقافته على الآخرين، وهذه النقطة هي ما تعنينا، حول عولمة الثقافة ،وهذا ما حدا بالبعض إلى أن يسميها الأمركة، وللأسف إن أمريكا لا تهدف إلى تطبيق قيمها فحسب، بل إنها تنطلق من مصالحها الذرائعية المجردة من المبادئ والتي تكيل بمكيالين والتي تشكّلُ خطورة عظيمة على القيم والأخلاق والهويات ، سيّما الإسلامية.
الواضح اليوم، إن مما يزيد خطورة العولمة ذراعها الإعلامي الخاضع للسيطرة الماسونية والتي تمسك بخيوطها، فتسير هذه القوة في السيطرة بالتوازي مع القوة الغاشمة العسكرية في فرض العولمة على الآخرين، فوظيفة المنظومة الإعلامية هي أن تعلّم وترسخ القيم والمفاهيم والمعتقدات وأنماط السلوك الماسوني على الآخرين، ولتحقيق فائدة أكبر من هذه الوسائل الإعلامية أصبحت ميزانية الإعلام موازية تماماً لميزانية الدفاع في بعض الدول مثل أمريكا وبعض دول الغرب الأوروبية.
لقد تمّ وضع المبادئ والأفكار النظرية الأولى للعولمة على يد الماسوني المتصهين الأمريكي «تشارلز تيز راسيل» الذي أصبح قساً بعد أن كان رأسمالياً، وصاحب شركات كبيرة، كما إنّهُ يعتبر أول من توصل إلى مصطلح «الشركات العملاقة»، وكان ذلك في عام 1897، وتعتبر العولمة بمثابة عملية تمتد عبر العديد من الأعوام والقرون، وتتأثر بنمو السكان ومعدلات ازدهار الحضارة والتي زادت بشكلٍ كبير على مدار الخمسين سنة الماضية، وهنا نذكر ما قالهُ « بات روبرتسون» إن النظام العالمي الجديد نظام ما سوني عالمي ولتكن العولمة هي الأساس، لدخول هذا النظام إلى العالم وبالأخصّ الشرقي منه.
ختاماً، إن قراءة بعض الفصول التاريخية وتعقيدات وتشابك المؤامرة التي تستهدف الأمة العربية اليوم، يؤكد بما لايقبل الشك، إن المخطط كبير والمؤامرة التي تشمل الأمة، كلّ الأمة، أكبر بكثير من ما يتوقع البعض، ولهذا يجب الحذر والتصدي لكل هذه المشاريع التي تستهدف كيان الأمة الوجودي، والواضح اليوم إن فهم بعضنا لطبيعة وتعقيدات هذه المشاريع التي تستهدف كيان الأمة الوجودي ،مازال ينقصهُ بعضٌ من التفكير الجدّي لاستشراف المستقبل بحذر، فالقادم من الأيام يبدو إنّهُ يحمل الكثير من التحديات التي ستوضع أمامنا، فهل لنا القدرة على التعامل معها ،ومعالجتها بطريقة صحيحة ؟ هذا السؤال سيترك برسم الإجابة، لعل القادم من الأيام يجيبنا عليه .
*كاتب وناشط سياسي – الأردن.

قد يعجبك ايضا