بإنتاج متوقع يصل إلى نحو 65 ألفاً و600 كيس ما يعادل (35.280) طنا:
محصول القمح في الجوف.. نجاحات مذهلة تواجه آليات استيعاب ضعيفة
الثورة / يحيى الربيعي
قال مزارعون في الجوف إن الكثير منهم تلقوا بذور قمح غير محسنة، ومن جهة رسمية، تسببت في ظهور أمراض كثيرة في مزارعهم، مؤكدين أن شيئا من تلك الأمراض لم تظهر في المزارع التي استخدموا فيها بذورا محسنة محليا من مخزون إنتاجهم للأعوام الماضية.
وطالب المزارعون الجهات ذات العلاقة في اللجنة الزراعية والسمكية العليا ووزارة الزراعة والري والمؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب والمؤسسات والهيئات التابعة ومؤسسة بنيان التنموية بضرورة تكليف لجنة تقصي للحقائق للاطلاع على حجم الخسائر التي لحقت بهم وبمزارعهم وإلزام الجهة المتسببة بتعويضهم.
وفي ذلك يقول المزارع (أبو رازح بن رابية): إن غياب المصداقية يورث فقدان الثقة، وأملنا في المسيرة القرآنية أنها مسيرة صدق ومنهجية حق تسعى لاستقلال الشعب بقراره الاقتصادي من خلال إنتاج لقمة عيشه.
وأضاف «على القائمين على المسيرة، وأخص بالتحديد القائمين على إدارة الحراك الثوري الزراعي التنموي- أن يتنبهوا وأن يعلموا أن النداء للصادقين لا يحتاج إلى كثر عويل وصياح، وأن عليهم سرعة تفادي الكوارث بتحليل المشكلات وسرعة حلحلتها وإنصاف المتضررين من العابثين، وتبديل عناصر التسيب والإهمال واللامبالاة بعناصر تدرك معنى المسؤولية، حتى لا يضج الناس فينصرفوا عن الجهاد في معارك الميدان التنموي».
منوها بأن مطالبته مؤسسة الحبوب الوفاء بالتزاماتها تجاه المزارعين فيما توفير الحصادات وفتح أبواب مراكز شراء المحصول باءت بالفشل، مما أضطره إلى المبادرة، وبجهد ذاتي وطوعي، إلى التنسيق مع تجار لشراء المحصول، والاتفاق مع أصحاب حصادات على 15 ألف/ ساعة بتخفيض 10آلاف عن السعر الذي يعملون به عادة.
وفيما يتفق مع رابية المزارع (أبو عبدالله الجوفي) في مطالبة الجهات المعنية في اللجنة الزراعية والوزارة والسلطة المحلية بالمحافظة إلزام مؤسسة الحبوب سرعة فتح مراكز استقبال حصاد الموسم من محصول القمح.
يؤكد: «تعودنا من هذه المؤسسة أن تأتي بالحراثات بعدما نكون قد حرثنا، وكذلك الحصادات، وزادت في الطين بلة حين وزعت علينا بذور غالية ومخلطة ومغشوشة بحملها لأمراض قد تسبب في تلوث الأرض لعدة سنوات».
ويؤيدهما في الطرح المزارع (قائد عبدالواحد شايع) بالقول: «نحمل المؤسسة المسؤولية الكاملة في توزيع «أصياب مخشورة» من كل عينة، كما نحملها مسؤولية ما ظهر من الأمراض في المزارع التي بذرت فيها، بالإضافة إلى عدم الوفاء بما التزمت به من زيارات للمزارعين وإرشادهم بالعمليات الصحيحة لزراعة القمح، وتدريبهم على أساليب الوقاية من الأمراض وكيفية التعامل مع ظهورها، وتوفير الأسمدة والمبيدات اللازمة للعملية الزراعية.
بدوره يشير (خيرالله مطر) إلى أن «الناس قبلوا شراء البذور بأسعار غالية وبعبوة ناقصة الكيس 40كجم، على شرط توفير الأسمدة والمبيدات.. فلم يحدث من المؤسسة الالتزام بما تعهدته به، وفوق ذلك وزعت بذورا مخلوطة من أصناف متنوعة وحاملة لأنواع الأمراض التي لم تكن موجودة في مزارعنا من قبل، ولا هي ظاهرة في المزارع التي بذرت من بذورنا المحلية».
وأضاف «يقال في المثل (وتأتي الرياح بما تشتهيه السفن) وها هم مزارعو القمح في الجوف ينصدمون بواقع الإهمال واللامبالاة المترافقة بكثرة الوعود العرقوبية التي تطلقها المؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب بتوفير آلات الحصاد لإسعاف محاصيلهم من التلف خاصة، وأن المحاصيل جاهزة وموسم الأمطار هل علينا بالخير».
واستنكر المزارعون «أن المؤسسة كانت قد حجزت مواضع كثيرة، ووعدت بشراء محاصيلها لغرض توفير كميات من البذور، وأن هناك من المزارعين من أوجد بدائل لحصاد محصول مزارعه، ولكن للأسف الشديد، فإن ما حدث هو مماطلة مسؤولي المؤسسة فتح مراكز الشراء».
هذه المعوقات سببها وجود قصور غير متعمد ظهر عنه نقص في توفير آلات لحصاد ومعاملات ما بعد الحصاد بما يواكب الطفرة التي لم تكن متوقعة في حسابات الجهات ذات العلاقة، وهي الزيادة المضطردة في الإنتاج التي يعود الفضل فيها بعد توفيق الله ثم إلى اهتمام القيادة الثورية والسياسية وحرصها اللا منتاهي على ضرورة تحقيق الاستقلال بالقرار الاقتصادي بتوفير الاكتفاء الذاتي وتعزيز الأمن الغذائي.
مضيفا «والآن، من أجل تلافي حدوث انحدار هذا الاندفاع والإقدام، لابد من الإسراع إلى تلافي ما تبقى من حصاد محاصيل المزارع، والعمل على تعويض خسائر المزارعين الذين تعرضت محاصيلهم للتلف».
مصادر في المؤسسة العامة لإنتاج وتنمية الحبوب اعتبرت ما ورد يتنافى مع واقع ما يجري في المحافظة من حراك زراعي واهتمام مباشر من قيادة الوزارة والمؤسسة وإشراف اللجنة الزراعية والسمكية العليا تنفيذا لموجهات قائد الثورة والمجلس السياسي الأعلى.
وأكدت المصادر أن المؤسسة، مؤخرا، واستجابة منها لاستغاثات المزارعين عززت المحافظة بـ 16 حراثة، قامت بسحبها من كل محافظات الجمهورية، مشيرا إلى أن المؤسسة حريصة كل الحرص على رعاية وتنمية العملية الزراعية في محافظة الجوف، حيث تعمل على تقديم ما بوسعها من المدخلات كالبذور المحسنة والمبيدات والأسمدة وتوفير كل ما هو متاح من الحراثات والحصاد وآلات وبأسعار الكلفة وبقروض بيضاء (وإلى يوم الحصاد) لمن لا يملك قيمة المدخلات.
وأردفت المصادر بتأكيد الحرص الشديد على استمرار نقاء التربة في الجوف من التلوث بالأمراض التي تحملها البذور المستوردة، وأنها في سبيل ذلك حرصت على انتقاء بذور محلية عملت على تحسينها واستكثارها بطرق علمية.
ولفتت المصادر إلى أن المؤسسة تسعى- من خلال القيام بشراء حصاد ما تنتجه مزارع الجوف من محصول القمح- كي يتم استكثار بذور ما يتم زراعته من بذور في الجوف من إنتاج المحافظة ذاتها.
من جهته، أكد فهد راقع مساعد منسق محافظة الجوف أن تدشين موسم الحصاد الثاني للقمح في محافظة الجوف هذا العام يأتي تنفيذا لتوجيهات قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، يحفظه الله، ورئيس المجلس السياسي الأعلى وتأكيدهما على تقديم الدعم اللامحدود للقطاع الزراعي في اليمن، كما يمثل ترجمة ملموسة على أرض الواقع لمشروع الشهيد الرئيس الصماد «يد تحمي.. ويد تنبي».
وأضاف «صارت اليمن اليوم تحصد ثمار القمح؛ الذهب الأصفر، خطوة جادة نحو استعادة أصول جينات البذور المحلية وجعلها خاصة 100 %، وقد جاءت بشائر هذا الحلم مبشرة بالخير، حيث أن إنتاجية الصنف الواحد المتحققة في المحافظة تتراوح ما بين 6 – 8 أطنان للهكتار الواحد».
مشيرا إلى أن محافظة الجوف شهدت إقبالا كبيرا على زراعة محصول القمح، حيث بلغت المساحة المزروعة لهذا العام 1444هـ (15.312) هكتارا، بـ (53.320) كيسا من بذور القمح، وهي المساحة المتوقع أن تأتي خيراتها من القمح بحوالي مليون و065 ألفاً، و600 كيس من القمح ما يعادل (35.280) طنا.
منوها بأن كمية الإنتاج هذه تجاوزت المتوقع بمسافات بعيدة، وهو ما كان يفترض معه قيام الجهات ذات العلاقة بالجانب الزراعي العمل على احتواء هذا الإقدام وتشجيعه ليس بهالة إعلامية ودعاية جوفاء، وإنما بوضع خطة استراتيجية بعيدة المدى.. استراتيجية يكون من شأنها توفير إمكانيات من المعدات والآلات الزراعية الحديثة والقادرة على التصرف مع أضعاف المحتمل مما يتوقع إنتاجه، تكون مساهمة المجتمع هي النسبة الأكبر، وإذ من المعروف أن كل مديرية من مديريات المحافظة تمتلك ما لا يقل عن 20 حصادة، ويمكن بتكاتف الجهود ونبذ الأنانية في حب التربح غير المعقول واستغلال الظروف أن تشكل وحدة حراثة مجتمعية تخفض أجر الساعة إلى سعر الكلفة وبربح بسيط، وتكاتف جهود الجميع سلطة ومجتمع في إطار تفعيل العمل التشاركي الحكومي- المجتمعي وتوفير مادة الديزل والبذور وبقية المدخلات وتهيئة السوق المحلي لاستيعاب الكميات المنتجة أولا بأول وبأسعار مشجعة للمزارع على الإقدام.
وأوعز مساعد منسق مؤسسة بنيان بالمناسبة إلى أهمية أن يتجه المزارعون إلى تكوين الجمعيات التعاونية الزراعية وتفعيل دورها في تنظيم العملية الزراعية وتوفير متطلباتها من إرشاد زراعي وصحة حيوانية ومعدات حراثة وحصاد ومدخلات ومراكز تعبئة وتخزين ووسائل توزيع، مشيرا إلى مسؤولية الجمعيات التعاونية في وضع آلية للتسويق الزراعي، مؤكدا ضرورة أن يحسن الناس تزكية من يمثلهم في الهيئات الإدارية من الكوادر المحلية المقتدرة على الإتيان بمخرجات محققة لآمال وتطلعات من منحوهم الثقة.