التجارة الإلكترونية في اليمن.. تعيقها النظم القانونية وضعف الثقافة التقنية والبنية التحتية

 

الثورة/ هاشم السريحي
كشفت ورقة علمية حديثة عن أهم تحديات التجارة الإلكترونية التي تواجه رواد الأعمال في اليمن.
وأوضحت الورقة العلمية التي أعدها وائل الأهنومي، أنه على الرغم من تأثيرات الحرب المباشرة على الاقتصاد اليمني، التي تسببت في فقدان الكثير من اليمنيين لوظائفهم، وضعف النشاط التجاري، وارتفاع معدلات البطالة؛ إلا أن هناك نشاطاً اقتصادياً فرعياً آخذاً في الظهور والزيادة بشكل كبير، اتجه إليه الكثير من رواد الأعمال سواء أفراد أو شركات ناشئة، ويتمثل هذا النشاط في التجارة الإلكترونية. مضيفة: فحتى عام 2021م سجلت وزارة التجارة والصناعة (100) سجل تجاري لأنشطة تسويق إلكتروني كنشاط رسمي، فضلاً عن العدد الكبير من الأنشطة التجارية غير المسجلة عبر التطبيقات الإلكترونية أو على شبكات التواصل الاجتماعي كصفحات الفيس بوك ومجموعات الواتساب وغيرها.
الحكومة الإلكترونية
وأشارت الورقة العلمية إلى أن أهم التحديات والصعوبات التي تواجه رواد الأعمال اليمنيين المهتمين بالتجارة الإلكترونية هي ضعف توجهات الحكومة نحو حوكمة خدماتها للمواطنين، فبالرغم من تبني اليمن لموضوع الحكومة الإلكترونية منذ العام 2003م؛ إلا أنها لا زالت في مرتبة متدنية في مسح الحكومة الإلكترونية الذي أصدرته الأمم المتحدة عام 2020م، فقد جاءت اليمن في المرتبة (173) من أصل (193) دولة في مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية.
الأطر القانونية والتنظيمية
كما أن غياب الأطر القانونية والتنظيمية يعد من أهم تحديات نجاح التجارة الإلكترونية في اليمن، فالأطر القانونية والتنظيمية تعمل على خلق بيئة محفزة لنشاط التجارة الإلكترونية، إذ توفر غطاء رسمي لممارسة الأنشطة التجارية عبر الوسائل الإلكترونية المختلفة وخاصة الإنترنت، وتحمي حقوق المتعاملين معها سواء مستهلكين أو مزودي خدمة أو منتج. وعلى الرغم من إعلان وزارة التجارة والصناعة عن تشكيل لجنة لإعداد مشروع قانون تنظيم التجارة الإلكترونية خلال المؤتمر الثاني للتجارة الإلكترونية عام 2021م، إلا أنه لم يتم إصداره حتى الآن.
استجابة ضعيفة
وأوضحت الورقة العلمية أن وزارة التجارة والصناعة سجلت حتى عام 2021م، (100) سجل تجاري تحت مسمى نشاط «تسويق إلكتروني»، حيث استحدثت نافذة «رواد ومبتدئي الأعمال» عام 2018م، الغرض منها منح تصاريح تجارية رسمية لأصحاب المشاريع الريادية، ومنها نشاط التجارة الإلكترونية، لكن هذه النافذة لا توفر القدر الكافي من الاستجابة للنشاط المتنامي في مجال التجارة الإلكترونية، فالتصاريح التي تصدرها الوزارة لأصحاب المشاريع الإلكترونية هي تصاريح مؤقتة أي سجلات تجارية مؤقتة وفقاً لدليل الخدمات لوزارة التجارة والصناعة، الغرض منها فقط إصدار وثيقة لحجز الاسم التجاري وليس وثيقة تمنحك حق امتلاك الشركة أو المنشأة ما يعكس ضعف الاهتمام الرسمي بنشاط التجارة الإلكترونية.
خطط التمويل والدعم
وأشارت الورقة العلمية إلى أن غياب سياسات وخطط التمويل والدعم للمشاريع التجارية الإلكترونية من قِبل الحكومة والقطاع الخاص والمنظمات المحلية والدولية يؤثر على توسع أعمال هذه الأنشطة ونجاحها.
الثقافة والوعي
بالإضافة إلى ذلك، فإن الثقافة والوعي بالتجارة الإلكترونية ومجال تكنولوجيا المعلومات والحاسوب تشكل أهمية كبيرة ومحورية في تشجيع بيئة العمل عبر الإنترنت وانتشارها، خصوصاً أن تجربة التجارة الإلكترونية ناشئة في اليمن، ومن جهة أخرى فارتفاع نسبة الأمية إلى (45 %) من السكان يجعل من الصعب انتشار ثقافة التجارة الإلكترونية، أيضاً ضعف استخدام الحوسبة وتطبيقات الحاسوب في أوساط المجتمع نتيجة الأمية الحاسوبية والتقنية البالغ نسبتها (75 %) من السكان.
خدمات الدفع الإلكترونية
وأكدت الورقة العلمية أن ضعف خدمات الدفع الإلكترونية التي تقدمها البنوك والمؤسسات المالية في اليمن تمثل المعوق الأكبر التي تواجه التجارة الإلكترونية، فالبنوك لا تقدم خدمات الدفع الإلكتروني عبر المواقع التجارية على شبكة الإنترنت، بالإضافة إلى ضعف الشمول المالي في اليمن، حيث لا تتجاوز نسبة من يمتلكون حساب بنكي (10 %) وهي نسبة ضئيلة جداً إذا ما تم مقارنتها بإجمالي عدد السكان البالغ عددهم (29.6 مليون) نسمة، تُشكل حسابات النقود الإلكترونية منها ما نسبته (27 %)، فيما لا تمتلك النساء سوى (2 %) من الحسابات المالية.
المحافظ الإلكترونية
وأشارت الورقة العلمية إلى أنه حتى مع ظهور المحافظ الإلكترونية مؤخراً، إلا أن قدرتها على تنفيذ المعاملات المالية في التجارة الإلكترونية ضئيلة جداً، فقد شكلت المشتريات عبر الإنترنت 13 % من إجمالي المدفوعات المالية بين عامي 2016 – 2019م، بينما شكلت عمليات السحب النقدي 59 %، ودفع فواتير الهاتف والإنترنت 26 %.
البنية التحتية
وبينت الورقة العلمية أن الحرب أثرت بشكل كبير على البنية التحتية لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار استخدام الإنترنت، وهو ما انعكس سلباً على نمو واتساع نشاط التجارة الإلكترونية.
التوصيات
وأوصت الورقة العلمية بضرورة أن تقوم وزارة التجارة والصناعة بإجراء المزيد من الدراسات والأبحاث عن طبيعة وحجم نشاط التجارة الإلكترونية في اليمن، وإعداد مصفوفة من الاحتياجات التقنية والفنية التي ستساعد في ازدهار وتطوير التجارة الإلكترونية بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات. بالإضافة إلى تطوير مجموعة من التشريعات والسياسات الخاصة بالتجارة الإلكترونية، والتعاون بين كل من وزارة التجارة والصناعة والبنك المركزي ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات واتحاد الغرف الصناعية والتجارية في توفير منصة لتسجيل الأنشطة التجارية الإلكترونية، كخطوة أولى لتسهيل عملية تسجيل المشاريع التجارية عبر الإنترنت والمساهمة في تحويل تلك الأنشطة من أنشطة غير رسمية إلى أنشطة رسمية.
كما دعت الورقة العلمية إلى إنشاء كيان إداري أو وحدة فنية في وزارة التجارة والصناعة تتولى عملية إدارة أنشطة التجارة الإلكترونية، وتقديم خدمات إنترنت واتصالات بأسعار ميسرة من قِبل وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، وتبني حزمة من الحملات التوعوية لرفع الوعي المجتمعي بأهمية وفوائد التجارة الإلكترونية، من خلال برامج التلفاز والراديو وإقامة الندوات والمؤتمرات.

قد يعجبك ايضا