قراءة أولية في أفق السلام القادم.. (1)

صادق صالح الهمداني

 

 

المتابع للمشهد السياسي الحالي بين اطراف الصراع في ما يسمى زيفاً (الشرعية المزعومة) وما تريده هذه الأطراف الغارقة في وحل العمالة والارتزاق..
وماذا على أجندتها تجاه اليمن..
ومن جهة أخرى ما تشهده المناطق الحرة، ممثلة في سلطة المجلس السياسي الأعلى معززاً بالبرلمان الذي يعقد جلساته بصورة دائمة في مقره الدستوري بالعاصمة صنعاء وبأغلبية أعضائه، وما تعيشه السلطات الدستورية من تعاون وتكامل بين البرلمان وحكومة الإنقاذ الوطني التي تعمل في ظروف استثنائية في ظل عدوان غاشم، وحصار ظالم تجاوز 8 سنوات.
ففي صنعاء تؤدي سلطات الدولة دورها في ظل شحة الإمكانيات، محرومة من الموارد التي كانت تعتمد عليها الدولة في السابق.. متحملة مسؤوليتها الوطنية والأخلاقية والدينية والإنسانية في التصدي لجحافل العدوان ومرتزقته، إضافة إلى تحمل إسناد ودعم ما يقارب من50 جبهة على امتداد خط المواجهة مع العدوان وأدواته لسنوات مضت، إضافة إلى تحمل مسؤولياتها في إدارة شؤون الحياة واستتباب الأمن والاستقرار في المحافظات الحرة ذات الكثافة السكانية الكبيرة التي تتجاوز75 %. من إجمالي عدد سكان الجمهورية اليمنية.
وبالرغم من تلك الصعوبات والظروف الاستثنائية استطاعت أن تنتصر لإرادة الشعب اليمني في الصمود والاستبسال ودحر جحافل الغزاة والمحتلين من على مشارف محافظة صنعاء إلى مشارف محافظة مارب، إضافة إلى تحقيق انتصارات في جبهات ما وراء الحدود (نجران، جيزان، عسير)
فضلا عن الصمود والإمداد لخط المواجة في الساحل الغربي والمناطق المتاخمة للمحافظات اليمنية المحتلة، ولم تستطع حشود المرتزقة والجنجويد والبلاك ووتر أن تثنيهم عن الصمود وتحقيق الانتصارات المتوالية في معارك التحرير واستعادة السيادة.. بينما الطرف الآخر الذي يدعي الشرعية المزعومة بكل قوامها من حكومة منفى ورئيس مخلوع تم استبداله بما يسمى مجلس الخيانة والعار الرئاسي، وبرلمان مستنسخ ليس لمقره وجودا يذكر، أو جلسات تعقد وتمارس دورها التشريعي والرقابي سوى مسرحيتي سيؤون الهزيلة وعدن اليتيمة، فلا توجد ارض يمنية حرة تقلهم أو تقبل بهم، أو مكان وطني يؤويهم.. وهذه نتيجة طبيعية لمن يقبل أن يكون مطية ضد بلده وأبناء شعبه، وبالرغم من مساعدة تحالف العدوان لهم وسيطرتهم على موارد وثروات الشعب اليمني البحرية والنفطية والغازية والإيرادت الضريبية والجمركية وغيرها.. إضافة إلى نقل صلاحيات البنك المركزي إلى عدن واستئثارهم بالمساعدات الدولية وطباعة المزيد من الأوراق النقدية دون غطاء.. إلا أنهم لم يتجاوزا مجرد حكومة منفى وبرلمان متسكع ينتحل تمثيل البرلمان اليمني في الوقت الذي يعلم الجميع أن مجلس النواب الحقيقي يعقد جلساته في صنعاء، وهو الذي يمتلك الشرعية الدستورية والقانونية وحق تمثيل اليمن ومظلوميته.. لكن المال الذي تبذله خزينة النفط أعمى أبصار البعض ممن فقدوا ضمائرهم في التعامي عن الحقيقة وبالرغم من أنه سبق للبرلمان في صنعاء وأن صوّت على إسقاط العضوية عنهم لثبوت خيانتهم والتفريط بسيادة الوطن، والشرعنة للجرائم التي ارتكبها الغزاة والمحتلون بحق أبناء الشعب اليمني..
أما بالنسبة لحكومة المنفى، فما الذي حققته سوى حرمان موظفي الدولة من رواتبهم والشعب اليمني من عائدات ثرواته النفطية والغازية؟
وما الذي جلبته للمحافظات اليمنية المحتلة سوى الانفلات الأمني وتردي كافة الخدمات والجوانب المعيشية، وانهيار العملة والتضخم الاقتصادي..
يظل الحديث عن السلام مع مثل هذه المكونات الكرتونية الهزيلة التي فقدت حتى ثقتها في نفسها، ولم تعد حتى أنظمة تحالف العدوان السعودي الإماراتي التي تسّيرها، ترى فيها سوى الفزاعة والشماعة التي تخفي خلفها مآربها وأطماعها لتمرير مخططاتها التآمرية لإطالة أمد الصراع وإضعاف اليمن والنيل من سيادته ووحدته وأمنه واستقراره ومن ثم الاستمرار في نهب ثروات الشعب اليمني وحرمانه منها..
وهم يبذلون جهوداً حثيثة لاستمرار عزل اليمن عن العالم وإبقائه تحت الوصاية وتقديم التنازلات..
ولكن هيهات هيهات، فاليمن خرج من الحرب التي فرضت عليه قوياً منتصرا،ً وهو اليوم أكبر من كل التحديات، والمؤامرات والدسائس التي تحاك ضده…
وقد أسقطت صنعاء كل تلك الرهانات الخاسرة.. وخرج جيل مؤمن قوي شعاره (يد تحمي ويد تبني).. جيل متسلح بالإيمان وحب اليمن وحقه في الحرية واستعادة كرامته وسيادته على كامل الأرض والمياه والجزر اليمنية..
جيل حزم أمره حول قيادته الثورية والسياسية التي رسمت معالم الطريق سلماً وحرباً في الوحدة والحرية، والتي لم تحد عن مطالب شعبها قيد أنملة.. وهي تتصدر اليوم وبكل اعتزاز خوض معركتها المصيرية في إيقاف نهب ثروات الشعب اليمني وكل همها في تسخيرها لصالح التنمية وصرف مرتبات موظفي الدولة وتحسين الخدمات في مختلف محافظات الجمهورية اليمنية، واستعادة السيادة على كامل التراب والجزر والمياه اليمنية وطرد المحتلين والغزاة والعيش بكرامة.
خاصة وقد تجاوزت صنعاء استراتيجية التوازن وصولاً لتحقيق الرد والردع في العمق الحيوي لعواصم ومدن دول تحالف العدوان السعودي الإماراتي على اليمن، وأصبحت صنعاء مقصد السلام وصمام أمان المنطقة برمتها وباتت أنظمة دول العدوان تدرك ذلك جيدا..
وعليها أن تستغل الفرصة في البحث عن ما تبقى من خيارات السلام قبل أن ينفد صبر الأحرار ممن لا يساومون بعد كل تلك التضحيات التي قدموها وقد حان موعد اكتمال النصر اليماني الموعود وإن غدا لناظره قريب…

قد يعجبك ايضا