توجه لإنشاء سوق إقليمي للبن بصنعاء والزراعة تحذر من إعادة تصدير البن الخارجي كيمني
البن اليمني.. تفرُّد تنقصه آلية تسويق وتنافس مرنة وعادلة بين حلقات السلسلة
الثورة/ يحيى الربيعي
1.8 مليون دولار هو متوسط قيمة كمية التصدير السنوية من محصول البن اليمني، والتي قدرت بـ (4183) طناً، بواقع 20 % من حجم الإنتاج المحلي السنوي من البن- حسب مصادر في الإحصاء الزراعي، فيما يتم استهلاك 80 % من الانتاج محليا.
محصول البن حظي مؤخرا باهتمام رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط المباشر، والذي شدد- أثناء افتتاح معرض صنعاء للقهوة والمهرجان التسويقي للبُن اليمني- على الاهتمام بالزراعة على نطاقها الواسع والمحقق للاكتفاء الذاتي، موجها بدعم مزارعي البن بالشتلات وتحفيزهم على زراعة هذا المحصول النقدي المهم، لما له من دور في رفد الدخل القومي بالعملة الصعبة، مؤكداً دعم المجلس السياسي الأعلى لجهود وزارة الزراعة والري والجهات ذات العلاقة في زراعة الأشجار المثمرة، بما فيها التوسع في غرس أشجار البن في كافة المحافظات اليمنية.
حلقات السلسلة
وينوه عضو المجلس السياسي الأعلى سلطان السامعي ومعه رئيس الوزراء الدكتور عبدالعزيز بن حبتور- أثناء زيارتهما للمعرض البن السنوي بصنعاء- بأن البن يحتل حاليا المرتبة الثانية عالمياً بعد النفط من حيث أكثر السلع تداولاً.
ووجه الأخير ببذل الجهد لزراعة المزيد من شتلات البن ذات الجودة العالية بالمناطق المناسبة، كما حث وزارتي الزراعة والصناعة والتجارة على العمل على توجيه المزارعين نحو تنفيذ عمليات ما بعد الحصاد وتمكينهم من الحصول على أسعار مجزية تحقق نوعاً من العدالة بين المقابل المادي الذي يحصل عليه المنتج والوسيط وتاجر الجملة والمصدر، وكافة حلقات سلسلة القيمة.
استراتيجية وطنية
من جهته، حذر وزير الزراعة والري المهندس عبدالملك الثور من إعادة تصدير أي منتج من البن مستورد على أنه بن يمني، داعيا الجهات المختصة لعدم السماح لمن يقومون بمثل هذه الخطوات إن وجدت لما لذلك من آثار سلبية على أسعار وسمعة البن اليمني.
من جانبه، دعا وكيل أول وزارة الصناعة والتجارة محمد الهاشمي إلى تقديم الحلول العملية والواقعية لتجاوز المعاناة التي تعيشها البلاد في ظل العدوان والعمل على تحريك المجتمع وتعريفه بالفائدة المالية الاقتصادية للزراعة بشكل عام والبن بصفة خاصة مقارنة بغيره من المنتجات العالمية إضافة إلى العمل على تشكيل غرف مشتركة من الجهات ذات العلاقة لإيجاد أسواق للمنتجات اليمنية.
وفي السياق، أعلن نائب وزير الزراعة والري الدكتور رضوان الرباعي عن انتهاء الوزارة من تنفيذ برامج ومشاريع الاستراتيجية الوطنية الأولى للبن التي تُمهد الطريق مع شركاء التنمية للعمل على إطلاق الاستراتيجية الوطنية الثانية للبن، لافتاً إلى تطلع قيادة الوزارة لإنشاء سوق إقليمي للبن في العاصمة صنعاء.
غياب المزارع
وفي استطلاع للرأي، قال زائرون إن معرض صنعاء للقهوة والمهرجان التسويقي للبُن اليمني- وإن لم تكن معروضات مزارعي البن من مختلف مناطق اليمن والجمعيات التعاونية المعنية بالمحصول حاضرة فيه كحضور معروضات الشركات والجهات والمعامل والأفراد العاملين في الغالب على القيمة المضافة للبُن اليمني بمختلف أصنافه ذات الجودة والطعم المميز- إلا أنه احتوى على الكثير من المعروضات القيمة.
في إشارة بذلك إلى “زاوية خاصة بالصور التوثيقية استعرضت تاريخ البُن اليمني منذ حوالي 300 عام، مرورا بحالة الازدهار الذي عاشته المخا كميناء لتصدير البن عبرها، وكيف ارتبطت علامة “موكا كوفيه”، باسم الميناء على المستوى العالمي.
وعن أهمية المعرض، أشار رئيس جمعية البن الخولاني التعاونية الزراعية إلى أهمية المعرض كونه يمثل تظاهرة سنوية للترويج للبن اليمني، منوها بأهمية إقامة مثل هذه المهرجانات والمعارض في بقية المحافظات الحرة، لتوسيع دائرة التعريق بثقافة وقيمة البُن وتحسين الجوانب التسويقية له كرافد اقتصادي يحتاج إلى زيادة مصادر إنتاجه وتوسيع نطاق تسويقه.
فيما اعتبر د. معين المتوكل أن هذه المعارض تعد من أهم الفعاليات التسويقية التي تحفز مزارعي البن والمنتجين والمصدرين ومعامل المصنفات التحويلية كـ “قيمة مضافة”؛ نسكافيه وحلوى وآيس كريم… إلخ، من العصائر والمثلجات التي تصنع بنسب متفاوتة من البن أو نكهته على مزيد من الاهتمام بهذا المحصول النقدي والاستراتيجي الذي يحظى بإقبال واسع من قِبل المستهلكين.
داعيا الجهات ذات العلاقة في الحكومة والغرفة التجارية إلى وضع قيمة سعرية مجزية للمحصول من المزرعة، وافساح المجال لإشراك المزارع في مراحل تنظيم المعارض والفعاليات النوعية للترويج للبن كي يشعر الجميع بدوره كفاعل أساسي ورافد مستدام للتنمية.
القيمة المضافة
معتبرا النموذج الياباني في التفوق التكنولوجي والاقتصادي عقب هزيمة العسكرية المدوية في نهاية الحرب العالمية الثانية، مسار اقتداء في التعامل مع جدوى اعتماد “القيمة المضافة” ضمن سياسات التحول من دولة منهارة تمامًا إلى قوة اقتصادية دولية لا يُستهان بها، واليوم أصبح المنتَج الياباني خارج المنافسة ويحظى بالتقدير العالمي.
من جانبه استعرض الباحث بمؤسسة بنيان التنموية المهندس عبدالسلام السماوي، نبذة تاريخية عن الدور الذي لعبته “القيمة المضافة” في تعزيز خيارات تعديد استخدامات المحصول وتوسيع رقعة تسويقه ودائرة التعريف بأهميته الاقتصادية، قائلا:” بعد الحرب اتّجه اليابانيون إلى بناء قدراتهم الصناعية الذاتية، فبدأوا باستيراد التقنية واستيعابها ثم امتلاكها وبناء التقنية ذاتيًّا وتصديرها، فاستطاعوا الاستفادة من العلم والمعرفة وتطويرهما وصولًا لبناء القدرة الذاتية في الصناعة المتطوِّرة، وبالتالي تحقيق الميزة التنافسية والقيمة المضافة”.
وعرف السماوي “القيمة المضافة” بالمصطلح الاقتصادي الذي يشير إلى القيمة المادية الناتجة عن التغيير الذي يطرأ على مادة ما نتيجة خضوعها للعملية الإنتاجية، مثل تحويل أو إضافة البن من كونه مدخل لشراب القهوة إلى مركبات شوكولاته أو معجنات حلوى البن أو إدخاله على هيئة نكهات إضافية على مشروبات أو آيس كريم…إلخ، وهي تعني الفرق بين سعر شراء المواد الخام (البن) اللازمة للإنتاج، وسعر بيعها كمنتج نهائي (حلوى أو مشروبات) للمستهلك.
وأضاف “كما يمكن إضافة القيمة من خلال تحسين جودة المنتج أو تطوير أساليب تقديم خدمات أفضل للمستهلك مع تعدد خيارات الاستخدام للمنتج الواحد، ناهيك عن توفير مزايا إضافية مثل خدمات ما بعد البيع والدعم الأفضل للعملاء وغيرها”.
وقال: بصرف النظر عن مسارات “التنافس السلبي” الناتجة عن الرغبة في التفوق الاقتصادي عبر التعامل مع مصطلح “القيمة المضافة” بصيغته الاحتكارية والتي أغرت الدول الكبرى للهث وراء المواد الأولية الثمينة للحصول عليها بثمن بخس، ثم إدراجها في عمليات الإنتاج وطرحها مجددًا في الأسواق النامية بأثمان مرتفعة، والاستفادة من فارق الأسعار.
وواصل “إن التحول من اقتصاد ضعيف لآخر قوي يتطلب تحقيق رفع مستوى القدرة الإنتاجية والكفاءة والمنافسة وتوفير قيمة مضافة متفرِّدة بالتزامن مع تحرير السوق المحلي من هيمنة المنتج الخارجي ومنع تدفقه وإغراق السوق بقيمته المضافة.
ولفت إلى وجوب العمل على إيجاد آلية حاسمة لإدارة تسويقية تفرض مساراً يحدد تسلسل قيمة عادلة لها صلة وطيدة بالجودة بين حلقات سلاسل القيمة، وترضخ الاقتصاديات التحويلية إلى القبول بأحقية منتجي ومسوقي المادة الخام في احتساب الكلفة الإنتاجية للمنتجات الخام وخدماتها بالفائدة المنصفة الكفيلة بتوفير فرص إفساح المجال لتنافس سلسل وعادل على طول مسار تتابع حلقات سلاسل الإنتاج فالتصنيع مرورا بالتسويق ووصولا إلى المستهلك.