رغم كثرة الأوجاع التي مُني بها اليمنيون منذ بدء العدوان، سيبقى استشهاد الرئيس الصماد هو أشدها ألما وأقساها موقفا، لقد خسر اليمن واليمنيون باستشهاده ابنا بارا وعالما معلما ورئيسا محنكا ومسؤولا مخلصا؛ فقد كان أكبر همه كيف يخفف الآلام ويداوي الجراحات النازفة ويوفق بين الفرقاء من أبناء الشعب، يحمل هم اليمن بين جنبيه على الدوام، فلم يهدأ له بال ولم يذق الراحة منذ تولى أمر البلاد؛ ترقب العيون حركته الدؤوبة وتصغي الآذان لإنجازاته الطموحة والمتجددة وتهتدي النفوس بأقواله وأفعاله؛ فهو كان عاملاً جاداً على معالجة شؤون الدولة ومؤسساتها وتطويرها وبناء خطط التنمية وبرامجها من جهة، وهو المتابع المتيقظ والموجه الداعم في جبهات القتال ومواطن العزة والكرامة من جهة أخرى، دائم الحضور في أوساط الشعب يرأب الصدع بينهم ويتلمس احتياجاتهم، يجود بما في يديه مبتغيا الأجر والثواب، مثّل المسيرة القرآنية خير تمثيل قولا وسلوكا وفعلا، أحبه الناس بمختلف فئاتهم عامة وساسة وجنودا، كبح جماح الفاسدين والمتسلقين وحجم دورهم ؛ فكيف لا نحزن أبا الفضل ونبكيه وقد بكته القيم والمبادئ، المحراب والمنبر، العدالة والإنسانية، الجراح الغائرة والنفوس الموجعة، الطموحات المعلقة والسياسة النزيهة !
ومع كل ذلك يبقى للرئيس الشهيد الفضل في خلق الأمل بأن يأتي من أبناء هذا الشعب في أحلك الظروف من يحذو حذوه، بل زاد نموذج الرئيس الصماد سقف مطالب الشعب برئيس يجعل الطموح الأكبر له نهضة بلاده وشعبه بعد خمول، ورقيهما بعد انحدار، رئيس يتحرك وفق هدى الله فينصف الشعب من نفسه ومن خاصة أهله والمقربين إليه، ولا يتخذ شر الأعوان والوزراء بطانة له فهو واجد خيرا منهم لامحالة، لأنه خبر العاملين من حوله ولم يساو بين المسيء والمحسن وألزم كلا منهما ما ألزم نفسه، فكبح شرور الفاسدين، وأطلق العنان لطاقات المبدعين المخلصين لله.. يا صماد فقد صرت ملهما لكل من عشقت نفسه العدالة و طمحت إلى العلياء بعد طول ظلم وهضم !