عندما سعت الصهيونية العالمية لإذلال وإركاع الشعوب العربية من خلال استخدام رجال الدين المحسوبين على الإسلام والذين كانوا يلبسون عباءَة الدين واستخدامهم في صناعة القاعدة وداعش وافتعال أحداث الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١م وَمن خلالها استطاعت الصهيونية العالمية بموجبها استعمار العالم عُمُـومًا والمنطقة العربية خُصُوصاً ودشّـنت بها الإدارة الأمريكية مشروعها التآمرين على المنطقة تحت مسمى (الشرق الأوسط الجديد) الذي تبنته صراحة حين أعلن الرئيس الأمريكي حينها (جورج دبليو بوش) عن عزم الإدارة الأمريكية رسم خارطة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط والتي تهدف إلى إعادة صياغة المنطقة جغرافياً وسياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعياً وحضارياً، وإقامة ترتيبات أمنية وسوق مشتركة إقليمية لخدمة الأهداف والمصالح الأمريكية والصهيونية في المنطقة.
وإعادة صياغة الفكر الثقافي والتحَرّك تحت مسمى مكافحة الإرهاب، فسارع الزعماء العرب في التجييش وخدمة الاستراتيجية الصهيونية بدافع الذل والهوان والانحطاط الهزيل أمام الإدارة الأمريكية.
فكانت أولى نتائج هذا التماهي والذوبان من قبل أنظمة الحكم في المنطقة هي سقوط كُـلّ من أفغانستان والعراق تحت وطأة الاحتلال الأمريكي بعد غزو همجي على مرأى ومسمع من العالم خلف الملايين من الضحايا.
وفي هذا الواقع العصيب تحَرّك السيد حسين بدر الدين الحوثي، في مشروع قرآني ذي طابع نهضوي إحيائي؛ بهَدفِ استصلاح حال الأُمَّــة، من خلال اتباع هدى الله، والعمل على إصلاح واستنهاض كُـلّ فرد ليعرف بأنه مسؤول عن حاضره ومستقبله وقضايا أمته ووطنه، ويكون قادراً على تحمل مسؤوليته في مناهضة وممانعة قوى الاستكبار العالمي متجاوزاً الأطر المذهبية أَو الطائفية أَو الجهُــوِيَّة، وذلك بدافع إيماني في إرساء دعائم المشروع القرآني، استشعار المسؤولية، استجابة لله، غيرته على أُمَّـة جده.
فبدء النور يضيئ بشعاع يشق كُـلّ عروش الظلال، لتبدأ براعم البذرات بالنمو، ومع وجود النهر الجاري من الماء النقي (العسل المصفى)، يكتمل نمو اليرقات وتصبح أشجاراً، تزهر وتزهر وتبدأ الثمار بالنمو والاكتمال حتى يبدأ موعد النضوج، وهكذا هو المشروع القرآني الذي أسس على يد الشهيد القائد -رضوان الله عليه-، كون حواريي الحسين وبناهم بناء إيماني على أرقى مستوى من الإيمان ويتحلون بالمسؤولية الكبيرة والإحسان والرحمة والرأفة والشجاعة، محصنون من الثقافات المغلوطة والدخيلة على الأُمَّــة القرآنية يتحَرّكون بجد، وعمل دؤوب حتى صدع المشروع القرآني في وجه الطغاة والمستكبرين وأصبح يخاف الظالمون والكافرون من هذا النور الذي تجلى قولاً وعملاً في واقع الأُمَّــة، فكانت النتيجة مواجهة هذا المشروع والنيل منه حتى وصل الأمر إلى قتل الأطفال والنساء وعمل إبادات جماعية عبر الطلعات الجوية وقصف الساكنين، ولم يكتفوا بهذا فحسب، حاصروا، ومنعوا وصول الغذاء، ومنعوا وصول الماء، ومنعوا وصول الدواء، لسنوات واستخدموا المأجورين للتحدث ولكتابات الكذب والتلفيق والتزييف وتقديم الباطل على الحق كُـلّ هذه التصرفات بإشراف أمريكي وصهيوني وبأيادي (مرتزِقة) منافقين ولا زالوا إلى الآن يلهثون كالحيوانات كالأنعام التي لا تعي لا تفهم لا تستبصر، يحركهم الأمريكي والصهيوني وهم جنود مجندون ملتزمون خانعون أذلاء، منبطحون، يمتلؤون بالعهر، ينضحون من كثرة فسادهم، ولا ينظرون إلى ما حولهم من الخراب والتدمير والقتل منذ عام ٢٠٠٤م وإلى اليوم والمشروع القرآني يواجهه ويعيق تحركه مرتزِقة يمنيون بأياد عربية، وأياد أمريكية وصهيونية، ولن يعيقوا هذا المشروع؛ لأَنَّه نور الله والله متم نوره ولو كره الكافرون، ويتجلى ذلك من خلال تحقيق وعد الله بنصر المؤمنين وتمكينهم واستخلافهم في الأرض، ويورثهم، ويمن عليهم بالأمن والأمان والراحة والعزة المتجلية في وقتنا الحالي بالصمود في وجه العدوان وتقدم في كافة المجالات وصناعات في كافة الجوانب، وبناء أَسَاسي صحيح تستقيم عليه الدولة اليمنية الحديثة، حاملين عزم العظماء وجد الشرفاء ومتشربين بالهدى ومتحصنين به من كُـلّ زيف أَو باطل.
وَمن أهم ما تحقّق على يد الشهيد القائد -رضوانُ الله عليه- أرسى قاعدة أَسَاسية ومهمة، وهي حاكمية القرآن وهيمنته الثقافية؛ لأَنَّه للأسف الشديد في واقع الأُمَّــة يبقى التعاطي مع القرآن الكريم إلى حَــدّ كبير متأثراً ومحكوماً بثقافات أُخرى، وما وصلنا إليه اليوم من تماد في حرق القرآن الكريم هو نتيجة تقديم القرآن الكريم بتفسيرات متعددة بضعف كبير وثقافات مغلوطة خارجة عن حاكمية القرآن وهيمنت على كُـلّ الثقافات التي هي من فكر الإنسان.
ولقد أسس مشروع العودة إلى القرآن الكريم ليكون فوق كُـلّ ثقافة فوق كُـلّ فكرة فوق كُـلّ رمز، وعمليًّا نقد الأشياء الكثيرة حتى على مستوى المذهب الذي ينتمي إليه أي شيء يخالف القرآن الكريم أسس لأن يكون محل نقد، أي شيء يخالف النص القرآني، وأن نعلّم الآخرين كيف يتعاملون مع القرآن الكريم على هذا الأَسَاس ليجعلوا القرآن حاكماً على ما بين أيديهم من ثقافة وفكر وأسس.
ولقد عزز من حالة الثقة بالله، وَعمل على إحياء الروحية الجهادية، وإحياء المفاهيم الإيمانية، عمم حالة الوعي، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، من المعالم الأَسَاسية لهذا المشروع هو ما بذله من جهد لتصحيح المفاهيم الثقافية المغلوطة، فهي ساهمت بشكل كبير في ضرب الأُمَّــة، الأُمَّــة أسيرة قناعاتها، قناعاتها الثقافية، مفاهيمها المغلوطة بأي شكل كان، سواء رؤية تقدم رؤية مغلوطة، أَو ثقافة مغلوطة، أَو قناعة مغلوطة، اكتسبت من كتاب أَو من معلم أَو من مدرسة دينية أَو نظامية أَو أي شيء.
من أبرز ملامح المشروع القرآني الذي قدمه الشهيد القائد، نجد من أهم سمات هذا المشروع أنه تصحيحي ولذلك في معظم الدروس والمحاضرات التي قدمها الشهيد القائد رضوان الله عليه، تناول الكثير من المفاهيم المغلوطة سواءً ما كان سائداً في داخل الطائفة الزيدية أَو خارج طائفته بشكلٍ عام.
مشروع تنويري، مشروع أخلاقي وقيمي، مشروع نهضوي، مشروع واقعي، مشروع مرحلي، وهو أَيْـضاً مشروع مرحلي من جانب يرتقي بالأمة ووفقاً للمراحل بمقتضيات كُـلّ مرحلة وما يناسبها ومواكب للمستجدات مواكب للأحداث مواكب للمتغيرات؛ لأَنَّه القرآن؛ لأَنَّها عظمة القرآن؛ لأَنَّه هكذا هو القرآن.
مشروع حضاري وبناء، المشروع الذي قدمه السيد الشهيد القائد مشروعاً قرآنياً حضارياً بناءً فهو قدم من القرآن الكريم المقومات الحضارية للأُمَّـة والمسألة مهمة جِـدًّا مسألة مهمة للغاية؛ لأَنَّه لدى الكثير في التثقيف الديني والتعليم الديني يفصل الدين تماماً عن الحياة وكأنه لا صلة له بالحياة ولا أثر له في الحياة ولا قيمة له في الحياة.
الاهتمام بالتأهيل العلمي، احتل موضوع الاهتمام بطلب العلم، والتحصيل المعرفي، والتأهيل العلمي، المرتبة الأولى في المسيرة القرآنية التي تحَرّك بها السيد القائد -رضوان الله عليه- ومن يتأمل في المسيرة القرآنية يجدها في الأَسَاس حركة ثقافية، علمية، تربوية، معرفية تسعى جاهدة إلى بناء أُمَّـة متسلحة بالعلم والمعروفة ومتحصنة بالوعي والبصيرة.. يقول السيد حسين -رضوانُ الله عليه- (وهذا هو ما يمكن أن نقول فعلاً: إن القرآن الكريم عمل على أن يدفع بالمسلمين نحو أن يسبقوا الأمم الأُخرى في مجال الإبداع والاختراع والتصنيع من منطلق عقائدي، ودافع عقائدي قبل دافع الحاجة التي انطلق على أَسَاسها الغربيون، الحاجة والفضول هذا شيء، لكن القرآن أراد أن ننطلق في ما نفهم، أن ننطلق؛ باعتبار هذا عبادة، بدافع عبادي (تفكروا) (يتفكرون)، والتفكر ما هو؟ دراسة الأشياء، فهمها، متى ما فهمنا هذه العناصر في هذه الأرض فبطابع الفضول الموجود لدى الإنسان سنحاول أن نجرب كيف سيكون إذَا أضفنا هذا إلى هذا، بعد أن عرفنا طبيعة هذا العنصر وطبيعة هذا العنصر، كيف إذَا أضفنا هذا إلى هذا بنسب معينة زائدة نسبة من هذا ماذا سيحصل؟ قد يحصل كذا فتأتي التجارب.
من أهم إنجازات هذا المشروع القرآني، تأصيل الهُــوِيَّة الجامعة وهي الهُــوِيَّة الإسلامية هُــوِيَّتنا كأمة مسلمة في مواجهة مساعي طمسها وإبراز الهُــوِيَّات الجزئية الطائفية منها، والسياسية والجغرافية، من أخطر ما يجري، في واقعنا كأمة مسلمة أنه يعزز ويرسخ في الذهنية العامة والانفصال عن الهُــوِيَّة الجامعة يعني ننسى، أننا أُمَّـة واحدة أننا كمسلمين أُمَّـة واحدة نحن معنيون بقضايانا جميعاً.
بناء واقع محصن من الاختراق، على مستوى المنعة الداخلية للأُمَّـة وللفرد وحمايتها من السقوط في مستنقع العمالة والارتهان وبناء واقع محصن من الاختراق وعصي على الهيمنة مقابل من يحاولون تهيئة المجال وإيجاد بيئة خصة وقابلة للعمالة والخيانة والهيمنة والسيطرة لمصلحة الأعداء لدرجة عجيبة، تصبح العمالة فيها محط افتخار وتنافس وسلعة رائجة في سوق النفاق، فمن مكاسب المشروع القرآني أنه يوفر حالة من المنعة الداخلية، حالة من السخط والعداء للأعداء تحمي الداخل الشعبي لشعبنا وأمتنا.
الوعي بمؤامرات الأعداء، الوعي بمؤامرات الأعداء ومكائدهم؛ لأَنَّه ضمن هذا المشروع هناك مساحة واسعة من الأنشطة الثقافية والتوعوية لكشف مؤامرات الأعداء ومكائدهم والتي من خلالها تضرب الأُمَّــة، وتمثل ثغرة كبيرة يعتمدون عليها في استهداف الأُمَّــة، وكلما تنامت حالة الوعي أعاقت الكثير من مخطّطات الأعداء ومؤامراتهم فلا تنجح ويكون مصيرها الفشل؛ لأَنَّ معركة الوعي هي المعركة الأولى في المواجهة مع العدوّ.
بناء الأُمَّــة في مواجهة التحديات، هذا المشروع يهدف إلى بناء أُمَّـة في مواجهة التحديات، وبناؤها أولاً على مستوى الوعي، ومن ثم في كُـلّ مسارات حياتها: على المستوى السياسي، على المستوى الاقتصادي، على المستوى الثقافي، مستوى أن يكون لها هدف حضاري، لا تبقى أُمَّـة بدون هدف ولا مشروع، يقنعها الآخرون بأن تبقى أُمَّـة ذليلة مستسلمة، ولذلك ندرك أن هناك مشروعاً يحمي الأُمَّــة، ويحفظ لها عزتها، ويحفظ للأُمَّـة توجّـهها الصحيح الذي لا يقبل بهيمنة الأعداء وسيطرتهم.