البن اليمني في معرض للصور التاريخية بميدان التحرير

البن واليمن .. ارتباط تاريخي

 

محمد حسين العمري

هناك ارتباط تاريخي وثيق بين اليمن والبن، ويرجع لليمن فضل تسميته العلمية بالبن العربي (Coffee ARABICA) واكتشافه كمكيف وكذلك تغير طريقة استعماله من المضغ إلى شرب منقوعه بعد التقشير والتحميص والغلي في الماء ثم فضل زراعته كمحصول بستاني والعناية به وانتشر في بقية أنحاء العالم العربي ثم في أوروبا وآسيا والدنيا الجديدة وتتعدد الروايات عن طريقة دخول البن وزراعته إلى اليمن ولكنها تتفق على أن موطن البن هو الحبشة (إثيوبيا)، أما متى نقل إلى اليمن فأمر يصعب الجزم به وفق ما تيسر من معلومات، ويرى بعضهم أنه نقل إلى اليمن عام 572 م على أن اكثر الدارسين يميل إلى أنه نقل في وقت متأخر عن ذلك بكثير وأنه ربما كان قد نقل مع المتصوفة ما بين القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين وكانوا يتخذون منه شرابا يساعدهم على السهر والذكر ثم شاعت زراعته بعد ذلك في القرن السادس عشر وكانت اليمن في مصدر البن الوحيد في العالم حتى نهاية القرن السابع عشر، وقد احتكر اليمن تجارة البن بين كل من الأوروبيين والأمريكيين وغيرهم في القرن الثامن عشر الميلادي الثاني عشر الهجري خاصة بين البريطانيين والأمريكيين وكان للأمريكيين فيه نصيب الأسد ففي عام 1223 هجري/ 1808 ميلادي، حيث حملت السفن الأمريكية اكثر من (532000 ) رطل، أي ما يعادل تسعة آلاف طن من بن المخا، كان معظمه من نصيب أمريكا ولصعوبة المواصلات بين البلاد العربية وأوروبا ولعدم مواكبة إنتاج البن اليمني للازدياد في الطلب العالمي، فقد فكر الهولنديون والأوروبيون بزراعته في مناطق أخرى، حيث قام الفرنسيون والهولنديون بزراعة البن العربي ( البن اليمني ) في المناطق الاستوائية من آسيا وأفريقيا وأمريكا ولا سيما البرازيل التي تنتج الآن اكثر من ربع الإنتاج العالمي من البن، ويظهر إعجاز المزارع اليمني جليا في زراعته لأشجار البن في المدرجات بأسلوب هندسي بارع وتمكنه من المحافظة عليها وعلى إنتاجية الأشجار لمئات السنين وقد وردت إشارة على ذلك في كتابات نيبور عن اليمن 1763م الذي كتب عن اليمن قائلاً: كان البن يحتل المرتبة الأولى على رأس المحاصيل الزراعية في اليمن وكان يشغل معظم الأراضي الخصبة في المرتفعات الجبلية الممتدة في وسط من الشمال إلى الجنوب وأن زراعته تكثر أيضا في بلاد حاشد وبكيل وقعطبة ويافع، لكن أفضله كان يزرع في العدين وكسمة والجبين وكان بن العدين أجود أنواع البن في اليمن وكانت أشجار البن تزرع في مدرجات تمتد حتى قمم الجبال ولقد ساهم المناخ الممتاز في احتلال البن اليمني مكانة فريدة في السوق العالمي لما يتميز به من نوعية ممتازة وخاصية في الطعم والنكهة واشتهر بالاسم التجاري بن المخا M AKkA Coffee نسبة لميناء المخا الذي كان يصدر البن عن طريقه إلى العالم أصناف البن اليمني، حيث توجد أسماء وألقاب عده لأصناف البن اليمني المزروعة باليمن وهي تابعة أساسا لأسماء المناطق التي تنتج بها كميات كبيرة، فهنالك البن العديني والدوائري والتفاحي والمطري والحرازي والشامي والشريفي والريمي والصنعاني والحمادي والبرعي والحيمي والسرحي والحجري، فالعديني منتشر في وادي شيعان والمحويت وحجة والعديني والتفاحي والدوائري منتشرة في جبال برع وملحان وأثبت التفاحي تفوقه على بقية الأصناف، أما في الحيمة الخارجية فأهم الأصناف هي العديني والمطري والحيمي ولا تنجح هنا زراعة التفاحي وتتركز زراعة الحمادي في تعز والدوائري في لواء ذمار
اليوم الوطني للبن :
بمناسبة اليوم الوطني للبن، أقام الباحث محمد حسين العمري أمس الأربعاء، في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء، معرضا للصور التاريخية التي توثق زراعة البن وتجارته خلال القرون الماضية .
وتأتي هذه الفعالية في إطار الاهتمام الرسمي والشعبي بإحياء هذه الزراعة التي كان محصولها يعد أهم الموارد الاقتصادية لليمن ، قبل أن تنحسر زراعته في العقود الماضية .
* المصدر أ.د/ حسين عبدالله العمري: مائة عام من تاريخ اليمن الحديث المطبعة العلمية دمشق 1984م.

قد يعجبك ايضا