(الغارمين) أحد ركائز مصارف الزكاة في علم الاجتماع الإلهي..

عبدالفتاح حيدرة

 

 

إن الموقف المهيب الذي شهدناه أمس في نادي ضباط الشرطة لفعالية الهيئة العامة للزكاة في تفريج كرب وهموم 1500 غارم وغارمة من السجون، يعكس مبدأ أن الزكاة هي حق المساكين الذين لهم حقوق في أموالنا وفي مقدمتها الزكاة التي هي واجبة على كل مسلم تصل درجتها أن الصلاة لا تقبل إلا بزكاة، وأن التباطؤ في دفعها أو في صرفها في غير مصارفها يجعلها وبالاً وخسارة على صاحبها عندما يصرفها في غير مصارفها لأن الزكاة هي بمثابة تطهير وزكاء للنفوس، وتكمن خطورة عدم دفع الزكاة في مسألة التحايل في دفع الزكاة واختراع بعض البدائل، التي تأتي من قبل الآخرين باسم المساعدات والمنظمات التي تقول إنها منظمات إنسانية لكنها تعمل لأهداف عكس أهداف الزكاة، وقد تكون لهم أهداف سياسية وأخلاقية واجتماعية غير إنسانية، بينما فعالية الغارمين اليوم لوحدها تكفي لنفهم ونعي وندرك أن الله أمرنا بدفع الزكاة حتى يكون هناك توازن في المجتمع المسلم مما يؤدي إلى المحافظة على العلاقات والأمن والاستقرار في مختلف مجالات الحياة..
إن فعاليات الهيئة العامة للزكاة ومنها برنامج الغارمين اليوم، يعني أن دفع الزكاة، هي ركيزة من ركائز علم الاجتماع الإلهي، وهي حقوق تحافظ على العلاقات الاجتماعية في أوساط المجتمع المسلم، وتعلمنا الإحسان والتراحم والترابط ومعنى البذل والعطاء والاهتمام بالفقراء والمحتاجين، فتوجيهات وتعليمات الله في هذه الجزئيات، تعد بمثابة وثيقة وعي وهداية لترسيخ فكرة بناء المجتمعات السوية والصالحة، وهي اليوم رسالة كبيرة وعظيمة إلى ميادين البحث العلمي والباحثين وطلاب العلم والجامعات في مجال علم الاجتماع، ليدرسوا ويقدموا البحوث الاجتماعية اليوم من منطلق هذه التعليمات الإلهية الإلزامية التي تحافظ على ترابط المجتمعات من دون برامج المنظمات السياسية والاجتماعية التي تخلخل المجتمع وتفتته، وتلغي انتماءها الإيماني لله ولتعليمات الله..
إن فعالية الغارمين اليوم لوحدها تؤكد أن الانتماء الإيماني يفرض علينا أولاً وقبل كل شيء أن نلتزم عمليا بدفع ركن الزكاة لمستحقيه، وهذا ما عبر عنه القرآن الكريم بميثاق الانتماء لله، وهذا الالتزام توجهه جماعي، والمسيرة الإيمانية هي مسيرة التزام جماعي ومسؤولية جماعية في إطار الولاء الإيماني، التزام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بكل ما ينسجم مع أخلاق وقيم الخير والصلاح، ، وتنظيف الساحة من المنكر وشره في جميع المجالات، لأن العدوان والحصار على شعبنا اليمني يأتي في هذا السياق، والصلة الروحية اليوم في الإيمان تأتي بالصلاة والزكاة والطاعة لله ورسوله، ونهاية كل هذا هو تحقيق وعد الله بالفوز العظيم بكل ما تعنيه الكلمة من فوز عظيم، وهذه هي الغاية المقصودة للالتزام الإيماني، والثمرة العظيمة لتحرك الأمة بمسؤولياتها الإيمانية، والمسيرة الإيمانية في مجتمعنا الإسلامي، التي يفترض أن يتربى عليها، وهذا هو المدخل اليوم لتوحيد معركة الأمة وإغلاق ملف تجزئة معارك الأمة، ومن هنا يبقى المسار الأصيل والسليم والصحيح هو المسار الإيماني للإنسان في واقعه الشخصي والوطني وواقع الأمة..

قد يعجبك ايضا