تعني الثورة فيما تعنيه تغيير علاقات الإنتاج في المجتمع؛ من خلال تغيير السلطة التي تقود التغيير الثوري في المجتمع.
وما حدث في ١١ فبراير ٢٠١١م لم يكن ثورة، بل كان حراكا جماهيريا ثوريا قاده الشباب في البدء، ثم استولت عليه قوى الثورة المضادة منذ الأسبوع الثاني لتفجيره؛ وأبعدت الثوار من منصات الساحات، وأنتجت خطابا ماضويا يخدم قوى التخلف والإرهاب، بل وسجنت بعضهم، وقتلت آخرين، وقد تحولت فرقة علي محسن إلى سجن للثوار، وعصا غليظة لضرب الثوار والتحكم بالمسيرات، وما يذاع من على الميكرفون، وقد تنبه إلى ذلك بعض الثوار من أمثال النائب سلطان السامعي، والنائب أحمد سيف حاشد؛ في كل من ساحتي تعز وصنعاء.
وكانت جمعة الكرامة في صنعاء، وإحراق ساحة الحرية في تعز قمة الانقلاب على الثورة.
لقد قام علي محسن وفرقته بعسكرة الحراك الثوري، وتفجير الحروب فيما بين شقي نظام عصابة ٧/٧ للقضاء على سلمية الحراك، كما حدث في الحصبة، ومعسكر دهرة في أرحب.
يبرر بعضهم فشل حراك فبراير بعدم نضوج الظروف الموضوعية؛ والحقيقة أن الظروف الموضوعية كانت ناضجة ١٠٠٪ فهناك فساد وظلم وغلاء وقهر وتعسف وانسداد سياسي، وتزوير للانتخابات، وسوء استخدام للسلطة، وحروب طاحنة، وتدخل أجنبي في شؤون البلاد، ومصادرة للحقوق والحريات، وغليان في الجنوب وصعدة يصل إلى الحرب، وأزمة على كل المستويات، ونظام أمني متهالك، هذه كلها متوفرة، وتشكل ظروفاً موضوعية، لكن الغائب الأكبر كان الظرف الذاتي المتمثل بأداة الثورة (التنظيم الثوري) المتسلح بنظرية ثورية، وبرنامج ثوري.
لقد تم الاستيلاء على الحراك، أو ما يسمونها (الثورة) في الأسبوع الثاني من بدء الحراك الشبابي الجماهيري.
الذين استولوا على الحراك كانوا جزءا من النظام، ولم ينشقوا عنه إلا بعد أسبوعين من بدء الحراك، وبعضهم بعد شهر، وشكل انشقاقهم إجهاضا للحراك في أيامه الأولى، وحماية للعصابة الحاكمة من السقوط.
لقد كان الحراك الشبابي سلميا، بينما حولته القوى التقليدية التي استولت عليه إلى حراك عنيف ومسلح؛ مستقوية بفرقة علي محسن، ومليشيا حميد الأحمر والزنداني.
كان الشباب يدعون إلى دولة مدنية، بينما من استولوا على الحراك وحولوا الساحات إلى سجون للشباب والمرأة؛ يدعون إلى دولة خلافة.
وفي النهاية لم يتحصل هذا ولا ذاك، انخرطت القوى التقليدية، أو القوى المكونة للنظام في مصالحة سموها المبادرة الخيانية ( الخليجية ) رعتها الرجعية السعودية، وبقي الشباب الذين قادوا الحراك محاصرين في الساحات من قبل مليشيا علي محسن، وبقايا جيش عفاش، وتم قتل بعضهم حين حاولوا التحرك خارج الساحات.
للأسف الشديد كل ثوراتنا فاشلة منذ١٩٦٢م وحتى حراك فبراير، بل إن كل انقلاب وكل ثورة وكل حراك يقود اليمنيين إلى الحرب، حتى الوحدة السلمية فجروها بالحرب وغسلوها بالدم والدمار، ومن يومها لم تجد البلاد أمنا ولا سلاما.
إن القوى الرجعية في الداخل، ومن ورائها حكام السعودية لن يتركوا اليمنيين في حالهم، ولن يدعوهم يبنون أي تجربة، أو ينجزون أي مكسب.
المبادرة الخليجية وما نتج عنها من محاصصة بين قوى الوصاية والارتهان هي التي قادت اليمن إلى العدوان عليه من التحالف السعو/امريكي، لقد خطط هؤلاء لايصال البلاد إلى العدوان والحرب والتمزق، وخلال ثماني سنوات من العدوان والحرب والحصار والدمار أوصلوا البلاد إلى التمزق والانقسام فعلا وقولا.
القوى التي استولت على الحراك الثوري تستخدم ١١ فبراير كشماعة وشعار مفرغ المحتوى في وجه القوى الثورية والشباب وكل الشعب.
لقد استولى أركان النظام على الحراك الثوري وتحمكوا بالبلاد والعباد باسم ثورة فبراير، بل إن الكثير من ثوار فبراير، إما سقطوا شهداء على أيدي العصابة، أو يرزحون في سجونها حتى اليوم.
لقد نجحت عصابة السلطة في الاستيلاء على الأوضاع الثورية وإقصاء الثوار وإعادة إنتاج النظام.
وسلموا لي على فبراير وثوار فبراير بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لحراكهم المغدور.