الجهود تتطلب التركيز على تحقيق نمو اقتصادي حقيقي على المدى المتوسط، بتبني مبادرات اقتصادية فعالة
دراسة اقتصادية جديدة:خسائر الفرص الضائعة التي فقدها الاقتصاد اليمني خلال الفترة 2015-2021م تقدر بـ 145 مليار دولار
مشاركة القطاع الخاص ضرورية لمعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية وإعادة الإعمار وتعزيز التنمية.
توقعات بوصول الخسائر إلى حوالي 165 مليار دولار نهاية العام 2022م.
الانكماش التراكمي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بلغ نحو 51 % عام 2020م
أكدت دراسة اقتصادية جديدة عن الآثار الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة للحرب العدوانية على الاقتصاد اليمني، أعدها نبيل محمد الطيري -مدير عام النماذج والتوقعات الاقتصادية بوزارة التخطيط والتنمية- عضو وحدة التخطيط بمكتب الرؤية الوطنية أن بيانات الحسابات القومية في الجهاز المركزي للإحصاء تظهر انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة -36 % في عام 2015م مقارنة بالعام 2014م ليرتفع الانكماش إلى -46 % في عام 2016م مقارنة بالعام 2014م، وأنه بعد ثمان سنوات من الحرب على اليمن استمر الانكماش التراكمي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ليصل إلى انكماش بلغ نحو 51 % عام 2020م، ويعود ذلك إلى خسائر الحرب جراء القصف الجوي وتضرر القطاعات الاقتصادية العامة والخاصة، والحصار الاقتصادي، ونقل وظائف البنك المركزي، وطبع العملة الورقية دون غطاء، والتداعيات والخسائر التي خلفتها الحرب في رأس المال المادي والبشري، والتي طالت البنية التحتية، والمنشآت العامة والخاصة، بما في ذلك مرافق الخدمات الاجتماعية الأساسية، وتعطل كثير من الأنشطة الاقتصادية مثل إنتاج وتصدير النفط والغاز، فضلاً عن تعليق دعم المانحين، وأزمات المشتقات النفطية المتكررة في جميع المحافظات اليمنية.
الثورة / أحمد المالكي
بالأسعار الجارية
وأوضحت الدراسة التي -حصلت “الثورة” على نسخة منها- في بياناتها أن قيمة الناتج المحلي الإجمالي الاسمي (بالأسعار الجارية) ارتفعت إلى 6,318 مليار ريال عام 2019م مقارنة مع 5,731 مليار ريال عام 2018م بمعدل نمو سنوي بلغ نحو 10.23 % ، وأن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال العام 2019م كان جيداً مقارنة بما حققه العام 2018م، وهو أمر مهم للدفع بعجلة النمو الاقتصادي، في إطار تحقيق الصمود الاقتصادي والتنمية كمسار ملازم للمسار للرؤية الوطنية التي تستهدف استعادة التعافي الاقتصادي وتحقيق الاستقرار وتعزيز بناء الدولة اليمنية الحديثة.
مشيرة إلى أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي كان مدفوعا بنمو القطاعات الإنتاجية، ونتيجة لوجود هذا النمط من النمو، فقد لوحظ حدوث تغيير هيكل الاقتصاد خلال الفترة 2019م- 2020م، حيث ارتفعت مساهمة القطاعات الإنتاجية من 28.1 % من إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الثابتة عام 2014م إلى 31.7 % في عام 2019م.
الجهود
وأضافت الدراسة إنه وبمقارنة متوسط انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للفترة 2017-2018م الذي بلغ – 5.7 % مع النمو الموجب الذي تحقق عام 2019م، نجد إنه يعد جيدا مقارنة مع المعوقات والتحديات الهيكلية والمؤسسية التي واجهت المرحلة الأولى من الرؤية الوطنية؛ الصمود والإنعاش الاقتصادي 2019 – 2020م، حيث من المؤكد أن الجهود تتطلب التركيز على تحقيق نمو اقتصادي حقيقي على المدى المتوسط، من خلال تبني مبادرات اقتصادية فعالة تسهم في الوصول إلى تحقيق تنمية اقتصادية تتسم بالحيوية والاستدامة، في التوجهات لتعزيز الصمود ومقومات الاستقرار والتعافي الاقتصادي.
مشاركة ضرورية
وقالت الدراسة إن مشاركة القطاع الخاص ضرورية لمعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية وإعادة الإعمار وتعزيز التنمية المستدامة الشاملة على المدى الطويل والمساهمة في تحقيق التماسك الاجتماعي وبناء السلام، وأن تحقيق الأولوية الوطنية الخاصة بالتعافي الاقتصادي والنمو من خلال القطاع الخاص، سيتطلب ضرورة التركيز إلى حد بعيد على مؤسسات الأعمال الصغيرة والأصغر لما تتمتع به من قدرة على توفير فرص العمل، ولاسيما على الأمد القصير. فالاقتصاد اليمني يتألف بالدرجة الأولى من مؤسسات أعمال صغيرة وأصغر بما يؤدي إلى توليد مزيد من فرص العمل والدخل وزيادة النمو الاقتصادي، كما يجب التركيز على دعم وتشجيع دور القطاع الخاص في توسيع الإنتاج الغذائي المحلي حيث يغلب عليه الطابع الريفي والزراعي في اليمن.
فرصة هامة
ولفتت الدراسة إلى أنه وعلى الرغم من أضرار الحرب الاقتصادية للقطاعات الإنتاجية والحصار الاقتصادي والتداعيات والخسائر في المنشآت الخاصة، وأزمات المشتقات النفطية المتكررة، فقد بلغ متوسط حجم القطاع الخاص في الاقتصاد اليمني حوالي 67.5 % خلال الفترة 2015-2020م.
مؤكدة أن القطاع الخاص في اليمن يمثل فرصة هامة وأداة لا غنى عنها لدعم التعافي الاقتصادي والمرونة الاجتماعية وإعادة الإعمار وتعزيز الاستقرار في اليمن، حيث تؤدي عملية إعادة البناء، والبنية المؤسسية إلى زيادة فرص العمل في الأنشطة المختلفة والبناء والتشييد للقطاع الخاص وبما يحقق أثراً سريعاً ، وبصورة أشمل فإن سرعة تعافي القطاع الخاص، بصفته مزوداً رئيسياً للسلع والخدمات والوظائف في اليمن، يمكن أن تساعد على إعادة مئات الآلاف من الناس إلى العمل في جميع أنحاء البلاد، فالقطاع الخاص بما في ذلك المنشآت الصغيرة والمتوسطة تعتبر النمط السائد للمشاريع التجارية في اليمن، كما أن القطاع الخاص يمثل مصدراً رئيسياً للعمالة والمزود للسلع والخدمات الأساسية، الأمر الذي يجعله جزءاً هاماً من النظام الاجتماعي والاقتصادي وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
الفرصة الاقتصادية
وبينت الدراسة أن تكلفة الفرصة الاقتصادية الضائعة للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي تشمل الآثار والخسائر المباشرة وغير المباشرة على الاقتصاد وهي الفاقد في قيمة إنتاج المجتمع من السلع والخدمات في الناتج والتي لا تشمل حجم الأضرار التي لحقت بالاقتصاد جراء العدوان والحصار، تتطلب تنفيذ مسح شامل لتقييم الأضرار بصورة أكثر دقة وموضوعية.
أكثر
وتوقعت الدراسة أن يكون حجم الخسائر والإضرار أكثر بكثير من التقديرات الأولية، إذ يقدر الانكماش التراكمي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي(GDP) ولا تدخل ضمن هذه الخسائر الأضرار المادية البشرية والتدمير الذي لحق بالبنى التحتية والمنشآت الإنتاجية والخدمية وتعطيل كثير من الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، إضافة إلى تداعيات العدوان الكارثية متمثلة بصورة خاصة في الأزمات الحادة في السيولة النقدية وفي المشتقات النفطية والكهرباء والغذاء والمياه والنقل والتعليم والرعاية الصحية وغيرها.
كلفة
وتقدر خسائر الفرص الضائعة التي فقدها الاقتصاد اليمني خلال الفترة 2015-2021م -وفقا للدراسة- بـ 145 مليار دولار، حيث تشير تقديرات وزارة التخطيط والتنمية إلى أن كلفة الفرص الضائعة في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بلغت حوالي 11.3 مليار دولار عام 2015م وهي الفارق بين الناتج بدون الحرب والناتج مع الحرب، وارتفعت إلى 16.7 مليار دولار خلال العام 2016م، حيث استمرت تكلفة الفرص الاقتصادية الضائعة في الارتفاع مع استمرار الحرب على اليمن لتصل إلى 27.4 مليار دولار عام 2021م، وبالتالي فإن تكلفة الفرص الاقتصادية الضائعة التراكمية الإجمالية تقدر بحوالي 145 مليار دولار بالأسعار الحقيقية. ووفقا للتوقعات فإن تكلفة الفرص الضائعة ستصل إلى حوالي 165 مليار دولار نهاية العام 2022م.