(إيران تحارب السعودية في اليمن)
(إيران تحارب إسرائيل في لبنان)
(إيران لن تُوقِفَ الحربَ في اليمن إلا بضمان مصالحها)،
ظلت اليمن تحت الوصاية السعودية 40 عاما ولم يزدد الوضع إلا سوءا تحولت به من دولة مستقرة إلى دولة فاشلة مُصدّرة للإرهاب، وعندما قرر الشعب التحرر من هذه الوصاية اتهموه بالتبعية لإيران، وهي تهمة يُرمى بها كل متحرر من الهيمنة الأمريكية تماما، كما اتهموا النظام الفنزويلي وكما يتهمون النظام الروسي اليوم بالتسلح من إيران.
*شماعة إيران* التي يستخدمها إعلام الأعراب لاحتواء الإنجازات العسكرية التي حققها أنصار الله ولتفسيرها بشكل يئد جاذبيتها، هي تنطوي على إهانة لليمنيين فلا يمكن ليمني حسب طرحهم أن يقف شامخا ضد طوفان الإرادة الدولية مالم يكن إيرانيا أو مدعوما من إيران أو يقاتل من أجل إيران!
يريدون تصوير الأمر على أن كل التضحيات التي قدمها الشعب اليمني لم يقدمها سوى في سبيل إيران، وذلك لكي تضطرب الصفوف ويترك عامّة الناس السلاح ويتخلون عن إرادة الصمود ليستعيد الأعراب الهيمنة على المشهد.
هم يحرصون على تقديم الحرب على إنها قرار إيران وكأنما إيران لا السعودية هي من يُحاصر ويقصف ويتعمد إهانة الإنسان اليمني، لمجرد انه يمني، ويريد تحويله لقطاع غزة جديد مع تفتيت وتجزئة ما أمكن…
المصيبة بعد أن كانت شماعة إيران حكرا على أدبيات المشبوهين أصبحنا نسمعها من أشخاص نحترمهم جدا لهم ماضٍ نظيف ونبيل لا يُضاهى، لكنهم حين يرددونها يعتمدون على شُبَهٍة لا تليق أن يرددها أمثالهم، والسبب في تقديري هو إهمال عانوه أو ظلم تعرضوا له في ظل واقع مزر طافح بالأخطاء الفادحة يجعل الحليم حيراناً ويدفع للشك في كل شيء، نسأل الله التوفيق وحسن الختام.
ونريد أن نذكّر من يستخدم شماعة إيران:
أليست صواريخ أمريكا وأذيالها من الأعراب هي من فتكت بك بعد ان أردت التحرر منها؟ هل نسيت ذلك؟
تقول إن السبب هو صراعها مع إيران!
ومن الذي أقحمك في هذا الصراع؟
*مجزرة الصالة الكبرى – مجزرة نساء أرحب – مجزرة أطفال ضحيان*
أفلا لمت الجاني المباشر بحقك وبحق وطنك؟ أفلا تركت التبرير لجرائمه بحقك وبحق وطنك؟
هو يقتلك أنت… ثم يقول إنه إنما يستهدف إيران بقتلك، فتنسى جريمته بحقك وتذهب لترفع صوتك ضد إيران؟
تُريدُ أن تنأى بنفسك وتعيش في جنة الحياد عن أي مسؤولية وجهاد، لكن السعودي يُقحمك في الصراع غصبا بسفك دمك ثم بكل بساطة يقول: أنا آسف، نيتي أن أضرب إيران وليس أنت، عفوا ظننتك إيران…
أي نوع من الضحايا أنت؟ هل تعلم أن الطغاة يحبون هذا النوع من الضحايا، لأنهم يستبيحون دمك ثم يستخدمونك كأداة سياسية وإعلامية لتشويه من يقف بوجههم!
بعد هذه المقدمة المُرّة على نفسي أوجه ثلاثة أسئلة للجميع كنت أظن الإجابة عنها من البديهيات، لكن يبدو أنها ليست واضحة كما كنت اظن:
*السؤال الأول:* هل أمريكا عدو؟
أمريكا التي بادرت لنقل عاصمة إسرائيل إلى القدس فلحقها العالم،
أمريكا التي هي شريان الحياة الذي يظل به اغتصاب فلسطين قائما وتدنيس المسجد الأقصى دائما.
أمريكا التي تهزأ بالله ورسوله وتقود تيار المثلية الجنسية وتيار هدم القيم والأخلاق وتُشيع الفاحشة والرذيلة.
أمريكا التي حاصرت العراق وأذلته ثم غزته ودمرته واستباحت المال والأعراض فيه وما زالت محتلة له.
وغير هذا من الجرائم القبيحة…
وفق هذه المعطيات الواضحة إذا لم تكن أمريكا عدوا للمسلم، فمن هو العدو؟
*السؤال الثاني:* هل قضية فلسطين خاصة بالفلسطينيين ولا علاقة لبقية العرب والمسلمين بها؟
فاليمن ينأى بنفسه عن صراع لا مصلحة له فيه،
واليمني لا يهمه سوى أمر اليمن وسلامة اليمن ورفاهية اليمن…
لكن ما الذي جعل اليمن يمنا؟ ما الذي حدد الانتماء له دون سواه؟ هل هي الحدود الدولية؟ هل هي اللهجة؟ هل هي وحدة أصل القبائل فيه؟ هل هي الاحاديث النبوية؟
ما الذي يضمن أن لا تتعرض هذه الهوية اليمنية مستقبلا لتفتيت أعمق وأوسع لتظهر هويات أصغر وأخطر بعضها مناطقية وبعضها قبلية وبعضها مذهبية؟
ما هي الضمانة أننا بهذه العقلية لا نُشرعنُ لتفكك شامل، ثم نكون مسؤولين عنه أمام الله ورسوله؟
فالحضرمي بهذه العقلية يحق له أن يرى نفسه كهوية خاصة مستقلة يدافع عن قضاياها ومصالحها وحدودها وثرواتها واستقلالها، ولن يُسمح لأحد أن يتدخل فيها كما انه لن يُسمح لأي حضرمي أن يتدخل في قضايا ومظلوميات الآخرين خارج حضرموت باعتبارها أمرا لا يعنيه قد يقحمه في صراعات لا شأن له بها تضر هدوءه وتزلزل رفاهيته، حينئذ سنسمع السياسيين الحضارمة وهم يتحدثون عن فضيلة النأي بالنفس الحضرمية عن الصراع بين الغزاة الأسبان وبين ميليشيات عدن وأبين، ليس هذا فحسب بل ويمكن تطبيق فكرة الهوية الحضرمية على كيانات داخل حضرموت نفسها قد تُفتت حضرموت لتتشكل بطريقة أحقر وأصغر على شكل عصابات حول بئر نفط أو حقل غاز أو دور سياسي – عسكري يُوكَلُ إليها من القوى الدولية، فهل هناك تشرذم أعمق من هذا التشرذم؟ يقول الله تعالى “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا”.
من يستخدم لغة النأي بالنفس من أي صراع بين الحق والباطل، حينئذ لن يكون هناك من معنى لحديثه عن أية مظلومية عامة أو قضية وطنية أو دينية أو أخلاقية، لأن انتماءه مهما كان كافيا للنأي بالنفس مع إبقاء كيان يحقيق وجودا محدودا، فهو قابل أيضا للتجزئة والتفكيك بعد أن جاز لديه النأي بالنفس عن ما يصيب الأمة الإسلامية الواحدة؟ سيُقال له بكل حِدّة: لا تتحدث نيابة عني! لا تقحمني في صراعاتك! لا تورطني في نضالك! أنت لا تعبر إلا عن نفسك! ألن نكون حينئذ أمة الخذلان غثاء كغثاء السيل؟
*السؤال الثالث:* ماذا لو قام أحد الأحرار بمواجهة أمريكا وإسرائيل (غير إيران وحزب الله وأنصار الله)، ما هي الضمانات أن لا يعاديه العرب والمسلمون ويتحولوا إلى أداة بيد أمريكا وإسرائيل لاستهدافه ماديا ومعنويا وتأديبه وتأديب غيره به ممن يتجرأ على مواجهتهم؟
ما هي الضمانات أن العرب والمسلمين لن يفرحوا حين تستهدف أمريكا وإسرائيلُ ذلك الحر الشجاع الذي كان بإمكانه بيع القضية، لينعم بالنووي مثل باكستان ولينعم بالصناعات العسكرية مثل تركيا، ولينعم ببيع النفط مثل السعودية، ولينعم بوصف الاعتدال كالإمارات؟
ما هي الضمانات أن العرب والمسلمين لن يعتبروه عدوا، ثم يزعمون، انهم ليسوا معه ولا مع أمريكا وإسرائيل وأنهم ينأون بأنفسهم عن هذا الصراع؟ ثم وبقليل من التأمل نجد انهم في الحقيقة لا نراهم سوى في موقع العداوة لهذا البطل ومحاولة إفشاله، لكن عندما يأتي الدور على عداوة أمريكا يتهربون من مواجهتها حتى بأدنى الصور متذرعين بالواقعية السياسية والعسكرية وبالعقلانية والحرص على المصلحة؟
فأي ازدواجية هذه في المعايير؟
*سؤال أخير: هل يمكن الاستقلال أو الانتصار في أي نضال بدون تضحية وصبر وجهاد؟
١- عقلية “اذهب أنت وربك فقاتلا أنا هاهنا قاعدون” هي عقلية سلبية مُدانة في القرآن الكريم وفي جميع أسفار النضال البشري.
٢- لنقرأ قصة طالوت ونتأملها من جديد، فإذا لم يطمع الأنبياء بالنصر دون تضحية وصبر وجهاد فبأي وجه نطمع نحن؟
“أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين” صدق الله العظيم.