صنعاء- سبأ: عبد العزيز الحزي
لغة القوة التي يتبعها العدو الصهيوني لا ينفع معها إلا نفس اللغة، فالمقاومة وحدها هي المُخلص للشعب الفلسطيني من جرائم العدوان والعقاب الجماعي التي ينتهجها العدو على مختلف المناطق الفلسطينية بشكل يومي، وآخرها العدوان على مخيم جنين للاجئين بالضفة الغربية الذي لا نظير له منذ نحو عقدين.
ونفذت قوات العدو الصهيوني السبت الماضي أكبر مداهمة بالضفّة الغربيّة المحتلّة منذ الانتفاضة الثانية بين عامي 2000 و2005م.
وأسفر العدوان على جنين عن استشهاد تسعة مواطنين فلسطينيين بينهم امرأة تبلغ من العمر 61 عاما، عندما طوقت قوات العدو، بحسب تقارير، أبنية وسط عاصفة من إطلاق النار والقنابل اليدوية والغاز المسيل للدموع في المخيم المكتظ.
وزعم العدو أن قواته دخلت لاعتقال نشطاء في الجهاد الإسلامي، كانوا يخططون لتنفيذ “هجمات كبيرة».
وفي انحياز سافر للموقف الصهيوني، دعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى إجراء التهدئة بعد جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات العدو الصهيوني أثناء اقتحامها مدينة جنين بالضفة الغربية.
وسارع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الإثنين الماضي30 يناير 2023 إلى اتخاذ خطوات عاجلة لإعادة الهدوء بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين بعد أيام عدة من التصعيد الصهيوني الدامي.
وفور وصوله إلى مطار قرب “تل أبيب”، دعا بلينكن الفلسطينيين و”الإسرائيليين” إلى عدم “تأجيج التوترات”.. وقال: “تقع على عاتق الجميع مسؤولية اتخاذ تدابير لتخفيف التوترات بدلاً من تأجيجها».
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس وزراء كيان العدو الصهيوني بنيامين نتانياهو قال بلينكن “نحض جميع الأطراف الآن على اتخاذ خطوات عاجلة لاستعادة الهدوء ونزع فتيل التصعيد».
وكان بلينكن قد دعا إلى “الهدوء وخفض التصعيد” بين “الإسرائيليين” والفلسطينيين، خلال مؤتمر صحفي عقده مع نظيره المصري سامح شكري، في القاهرة، صباح الاثنين.
وقبل رحلة بلينكن، صدر بيان للخارجية الأمريكية جاء فيه أن مسؤولها الأول سيؤكد في اجتماعاته مع القادة الإسرائيليين والفلسطينيين على “الحاجة الماسة من جميع الأطراف لنزع فتيل التوتر والعمل لكسر حلقة العنف».
وتعمل الولايات المتحدة على اعطاء الضوء الأخضر وحماية الكيان الصهيوني من الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني من خلال تكرار السياسات نفسها مع الفلسطينيين إذ تعلق الأمر بحليفتها، وتشجيع الكيان الغاصب على المزيد من تلك الانتهاكات.
وردا على التصعيد الصهيوني، نفذ فلسطينيان السبت الماضي عمليتان بطوليتان في القدس المحتلة حيث استهدف شاب فلسطيني كنيسا يهوديا وقتل فيه سبعة صهاينة على الأقل في العملية الأولى، فيما جاءت العلمية الثانية بعد ساعات قليلة نفذها فتى فلسطيني يبلغ من العمر 13 عاما قرب مدينة القدس القديمة، أسفرت عن إصابة مستوطنين صهيونيين بجروح.
وعقب عمليتي القدس البطوليتين، توعد رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو بما سماه الرد القوي على عمليتي القدس المحتلة، وبإجراءات “قوية” تشمل هدم منازل منفذي العمليات “بشكل فوري».
وشدد على أن حكومته ستتخذ قريبا خطوات لتعزيز الاستيطان، كما أنها ستعجّل منح تراخيص حمل السلاح لآلاف الصهاينة.
ومثلت عمليتا القدس تحديا لنتنياهو، الذي عاد إلى السلطة في ديسمبر الماضي على رأس حكومة يمينية متشددة، متعهدا بتعزيز السلامة الشخصية للصهاينة بعد سلسلة من العمليات البطولية التي نفذها فلسطينيون العام الماضي.
في السياق ذاته، أعلنت سلطات العدو الصهيوني إغلاق منزل الشهيد خيري علقم، منفذ عملية القدس، في أول إجراء من سلسلة قرارات عقابية اتخذتها حكومة العدو الصهيوني ضد الفلسطينيين بعد عمليتي القدس.
وفي وقتٍ لاحق أطلقت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” صواريخ عدّة من قطاع غزة باتجاه الأراضي المحتلة.. وقال المتحدّث باسمها عبد اللطيف القانوع الجمعة: إنّ هجوم القدس “بداية الردّ على جرائم حكومة المستوطنين الفاشيّة وآخرها مجزرة جنين».
فيما قال المتحدّث باسم الجهاد الإسلامي في الضفّة الغربيّة طارق عزّ الدين “نبارك.. عمليّة القدس الفدائيّة المباركة التي جاءت بالزمان والمكان المناسبَين لتردّ على مجزرة جنين».
ودفع العدوان الصهيوني على جنين السلطة الفلسطينيّة إلى إعلان وقف التنسيق الأمني مع كيان العدو، وهي خطوة سارعت الى انتقدتها الولايات المتحدة الأمريكية حليفة الكيان الصهيوني.
وارتفع عدد الشهداء الفلسطينيّين في الضفّة الغربيّة هذا العام إلى 35 استشهد معظمهم برصاص قوّات العدو الصهيوني، فيما سجل العام 2022م أكبر حصيلة للشهداء في الأراضي الفلسطينيّة، بحسب الأمم المتحدة.
وأعلنت حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، الأحد الماضي، عن خطط باتخاذ تدابير عقابية ضد أقارب منفذي العمليات من الفلسطينيين، فضلا عن تدابير تسهّل حيازة السلاح للإسرائيليين.
وتدخل زيارة بلينكن في إطار جهود إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للعمل بسرعة مع نتنياهو، العائد حديثاً لرئاسة الحكومة الصهيونية.
ودأبت الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان على اتهام الكيان الصهيوني بالاستخدام المفرط للقوة.
ويدعي بلينكن أنه يريد “صيانة” حل الدولتين.. لكن الواقع على الأرض، إلى جانب الموقف السياسي المعلن للائتلاف الصهيوني الجديد بقيادة نتنياهو، يتحدث لغة أخرى.