100 سرير عناية مركزة لكل ثلاثة ملايين مريض!

من مستشفى إلى آخر.. ثمان ساعات في مهمة للبحث عن غرفة للعناية المركزة دون جدوى.. كان الجو باردا حينها وحالة المريض تزداد سوءا ولا أمل للعثور على المبتغى على طول خط الستين.. كان يخبرهم الطبيب في هذا المستشفى وذاك وذاك:العناية المركزة غير شاغرة للحضور.

في نهاية المطاف استقر جسد “عبدالرحمن” المنهك في سرير بغرفة الطوارئ بأحد المستشفيات الخاصة التي لا ترقى إلى أن تكون مشفى للحالات الحرجة.
المريض يطلب من مرافقيه: رجعوني إلى بيتي بعد ساعتين من الوقت توفرت غرفة “العناية المركزة” التي ظلت مفتوحة للزائرين طوال الوقت في غرفة المستشفى توجد ممرضة واحدة فقط لا غير وطبيب يمر بين الفينة والأخرى.
وتشترط المستشفيات النموذجية لمن يعمل في غرف العناية المركزة أن يكون عدد الممرضات مضاعفا مع وضع معايير تتضمن الكفاءة إلى جانب أطباء تغذية وتخصص في حالة المريض وإلى جانب تردد الطبيب الثالث على المريض بشكل مستمر.
نأهيك عن حداثة الأجهزة التي تضمن إنعاش المريض في حالة توفر المعايير التي يشدد عليها الأطباء يمكن أن تنقذ هذه الغرفة حياة (78%) ممن يحتاجونها.
في حالة عبدالرحمن الصعبة انعدمت المعايير في غرفة العناية في ذلك المستشفى حتى عند نقله إلى مستشفى حكومي بأمانة العاصمة عندما توفرت غرفة فيه لم تكن الغرفة أحسن حالا من سابقتها يقول الطبيب الذي كان مشرفا على حالة المريض: وضع العناية المركزة في المستشفيات اليمنية يفتقد إلى الكثير من المعايير التي تضاعف من معاناة المريض وتؤدي في النهاية إلى وفاته.
وانتقد بشدة الوضع البائس في كل المستشفيات في المدن اليمنية التي لا تتوفر فيها غرف كافية للعناية المركزة ما يجعل الكثير من الحالات الحرجة تموت قبل أن تجد غرفة عناية.
يتساوى في هذا البؤس كل المستشفيات الحكومية والخاصة.. لا فرق في ذلك غير أن الإقبال الشديد على المستشفيات الحكومية يجعل من الصعب الدخول إلى العناية المركزة.. الإقبال الشديد عليها يؤثر سلبا في ذلك.. يقول مدير المستشفى الجمهوري بتعز.
ويضيف: في المستشفيات الخاصة يكون سعر غرفة العناية المركزة في الليلة الواحدة كبيرا رغم ذلك لا يجد أصحاب الحالات الحرجة لغرف المستشفيات الخاصة.
وفي هيئة مستشفى الثورة بأمانة العاصمة الذي يستقبل كل يوم (أربع) حالات حرجة بحاجة للعناية المركزة يجد المرضى صعوبة في الدخول إلى الغرفة المركزة في المستشفى ذاته توجد (12) غرفة مركزة بسعة (120) سريرا ولكنها ممتلئة على الدوام ومن الصعوبة أن تفضي إحدى الغرف يوما ما غير أن الكثير من المرضى يشكون من (الوساطة) التي تأتي على حساب أصحاب الحالات الحرجة.
تتوزع الغرف في المستشفيات الحكومية الكبيرة على كل التخصصات.
في هيئة مستشفى الثورة يأتي يوميا إليه من (750 ـ 1000) مريض وهذا يتكرر في مستشفيات المدن الكبيرة (عدن ـ تعز ـ إب ـ الحديدة) وضع كهذا يصعب معه الحصول على أداء جيد بحسب الكثيرين من المرضى.
ويقول مدير هيئة مستشفى الثورة العام بأمانة العاصمة عبدالكريم الخولاني: قد لا تتجاوز أسرة غرف العناية المركزة في بعض المستشفيات (عشرين) سريرا.
وبحسب المسح الصحي في العام 2011م فإن عدد المستشفيات الحكومية والخاصة ومستشفيات المديريات (773) مشفى بسعة سريرية 16,146 سريرا لا تتجاوز غرف العناية المركزة في كل المستشفيات نسبة الـ (5%).
التعداد السكاني للعام 2004م أشار إلى أن عدد السكان في اليمن (24) مليون نسمة ما يعني أن للعدد الهائل من السكان (800) سرير في غرف العناية المركزة بكل مستشفيات الجمهورية.. بمعنى آخر كل (100) سرير عناية مركزة لـ (3) ملايين مواطن.
لا زال ضياء يتذكر وضع والده الصحي قبل سنوات في المستشفى الجمهوري بتعز عندما كان والده ينزف (دماغيا) ولم يجد غرفة عناية مركزة الأمر الذي أدى إلى وفاته في الحال.. ساعات ظل في غرفة الطوارئ كانت نهايته الوفاة.

قد يعجبك ايضا