بريطانيا وظفت الإرهاب ذرائع لتعزيز دورها في تغذية الفوضى ودعوات الانفصال بين فصائل العدوان

قدرت مبيعاتها بـ 23 مليار جنيه إسترليني: السعودية تستخدم طائرات تايفون وتورنادو البريطانية والإف-15 الأمريكية في عدوانها على اليمن

الإدارة البريطانية تواجه استئنافاً جديداً من CAAT يدين قرار بيعها الأسلحة إلى السعودية

الثورة / يحيى الربيعي/ وكالات
أكد مستشار السياسة في منظمة أوكسفام مارتن بوتشر حدوث 431 غارة جوية في الفترة التي تم رصدها، واحدة تقريبًا في اليوم، وأن “شدة هذه الهجمات لم تكن لتتحقق لولا الإمداد الجاهز بالأسلحة.
وأشار بوتشر إلى أن العدد الهائل من الهجمات، وعدد القتلى المدنيين البالغ عددهم 87 وجرح 136، هو “نمط من العنف ضد المدنيين” فشل جميع أطراف النزاع، بما في ذلك موردي لأسلحة، في منعه.
وأضاف بحث أوكسفام أن 13 غارة جوية أخرى نفذتها طائرات بريطانية أو أمريكية الصنع على المستشفيات والعيادات، مع إصابة المزارع والمنازل بشكل روتيني. أُجبر المدنيون على مغادرة منازلهم أو أماكن إيوائهم بعد ما مجموعه 293 غارة جوية.
وأوضح أن القوات الجوية الملكية السعودية استخدمت بريطانيا العضو الرئيسي في التحالف الدولي في العدوان على اليمن طائرات تايفون وتورنادو التي تبيعها وتحتفظ بها بريطانيا وطائرات إف -15 من الولايات المتحدة.
مؤكدا أن بعض القنابل المستخدمة، مثل Paveway IV، مصنوعة في المملكة المتحدة – وتقدر الحملة ضد تجارة الأسلحة (CAAT) القيمة الإجمالية لمبيعات الأسلحة البريطانية للسعودية منذ أن بدأت عدوانها على اليمن في عام 2015م بـ 23 مليار جنيه استرليني.
وقالت صحيفة الغارديان البريطانية إن ما لا يقل عن 87 مدنياً قتلوا في اليمن بغارات جوية شنتها قوات التحالف بقيادة السعودية في اليمن باستخدام أسلحة قدمتها المملكة المتحدة والولايات المتحدة بين يناير/ كانون الثاني 2021 وفبراير/ شباط 2022، وفقاً لتحليل جديد لمنظمة أوكسفام.
واتهمت المنظمة الخيرية حكومة المملكة المتحدة بتجاهل “نمط الضرر” الذي يمكن تحديده والناجم عن القصف العشوائي – وتقول إنه يرقى إلى الأسس القانونية لإنهاء بريطانيا لعناصر من تجارة الأسلحة المربحة مع الرياض.
وأوردت أنه في نهاية هذا الشهر، ستستمع المحكمة العليا إلى استئناف جديد من CAAT ضد قرار المملكة المتحدة باستئناف بيع الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية التي يمكن استخدامها في اليمن في عام 2020. وتجادل بأن المملكة المتحدة تتصرف بشكل غير قانوني من خلال تجاهل الحرب المحتملة.
وكانت وزيرة التجارة آنذاك ليز تروس قد أمرت بإعادة التشغيل – توقف لأن CAAT فازت بقضية سابقة في محكمة الاستئناف – بعد مراجعة خلصت إلى أنه لم يكن هناك سوى “حوادث متفرقة” من الضربات الجوية التي انتهكت القانون الإنساني.
قُتل ما مجموعه 8983 مدنيًا منذ بدء الحرب في اليمن في عام 2014، وفقًا لمشروع بيانات اليمن المستقل، لكن أوكسفام سعت إلى التركيز على الحوادث بين عامي 2021 و 22 لإثبات مقتل مدنيين في غارات جوية مؤخرًا.
وُوصفت الصحيفة الصراع المعقد، الذي انخرطت فيه العديد من القوى الإقليمية، بأنه تسبب في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. وانتهت هدنة مدتها ستة أشهر في أكتوبر / تشرين الأول 2022، على الرغم من عدم استئناف الضربات الجوي، يُعتقد على نطاق واسع أن واشنطن ضغطت على الرياض لوقف الهجمات الجوية.
بعد فترة وجيزة من توليه الرئاسة، قال جو بايدن في فبراير 2021 إن الولايات المتحدة ستوقف بيع الأسلحة الهجومية للسعودية بسبب الوضع في اليمن، لكنها سمحت منذ ذلك الحين ببيع أنظمة دفاعية بأكثر من 4 مليارات دولار.
مشيرة إلى توتر العلاقات بين البلدين بشكل ملحوظ هذا الخريف بعد أن وافقت الرياض وأعضاء آخرون في أوبك على خفض إنتاج النفط، وبالتالي رفع السعر ومساعدة روسيا في الواقع على تمويل حربها في أوكرانيا.
على عكس الولايات المتحدة، لم تتخذ المملكة المتحدة أي إجراءات لتقييد المبيعات ما لم تجبر المحاكم على ذلك – على الرغم من أن الوزراء والمسؤولين البريطانيين يقولون إن المملكة المتحدة تأخذ مسؤولياتها التصديرية على محمل الجد.
ويتعين- حسب الصحيفة- على الوزراء أن يأذنوا شخصيًا بتصدير الأسلحة إلى الرياض التي يمكن استخدامها في اليمن، مع استشارة وزير التجارة الدولية وزير الخارجية قبل اتخاذ قرار نهائي.
وتشير الصحيفة إلى احتفاظ مسؤولين بـ “أداة تعقب” – وهو ملف يضم أكثر من 500 حادث يوثق كل غارة جوية حيث يُعتقد أن هناك خطر وقوع إصابات في صفوف المدنيين أو إلحاق أضرار بالبنية التحتية المدنية – لمساعدة الوزراء على تقرير ما إذا كان يتم انتهاك القانون الإنساني على أساس مستدام.
وأكدت وزارة التجارة إن المملكة المتحدة تأخذ مسؤولياتها المتعلقة بترخيص الأسلحة على محمل الجد. وأضاف متحدث باسم DIT: “نحن نأخذ في الاعتبار جميع طلبات التصدير لدينا بدقة مقابل إطار عمل صارم لتقييم المخاطر ونبقي جميع التراخيص قيد المراجعة الدقيقة والمستمرة كمعيار قياسي”.

دعم الانفصال
على الشق السياسي تبدو النظرة شاملة لمستوى الحضور البريطاني وراء ما يسمى اتفاق الرياض، من خلال السفير البريطاني لدى اليمن، والمبعوث الأممي البريطاني الجنسية مارتن غريفيث، ووجودهما القوي في تفاصيل الصراع الحاصل في بين فصائل العدوان سواء الموالية للسعودية أو الإمارات سيدرك خطورة الدور البريطاني، فهي أول دولة تمد يدها لدعاة الانفصال، واحتضنت قيادات منهم كما رعت عدة فعاليات لهم.
أما السفارة البريطانية أثناء تواجدها بصنعاء فدائماً ما كانت قريبة من الفصائل الجنوبية والحركات الداعمة للانفصال.
بقول أحد المراقبين أن نظرة إلى سطحية إلى ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي، منذ نشأته وخطوات تأسيسه تنبئ عن تفاصيل كثيرة للسياسات البريطانية القديمة التي تتكرر بحذافيرها.
وتتفق مصادر تاريخية عدة في طبيعة السياسات البريطانية التي اعتادت على استخدامها في اليمن قديما وحديثاً، حيث كانت تحرص أيام احتلالها لجنوب اليمن على تمزيق أوصال المجتمعات المحلية، وتكريس الكراهية داخل الجنوب، وبين جنوب اليمن وشماله، وتحفيز النزعات الانفصالية، وتغذية الصراعات، وهو ما يتكرر اليوم في أبين والضالع ومن قبلها في عدن وشبوة وحضرموت.

مبرر UKMTO-IO
وبالعودة إلى الهجوم الغامض الذي استهدف سفينة تابعة للبحرية البريطانية قبالة سواحل المهرة شرقي اليمن بحسب المزاعم البريطانية، فيتفق جميع السياسيين بمختلف اتجاهاتهم – باستثناء الانفصاليين- يلتقون عند نقطة أن الحادثة اتت ذريعة أخرى لتكريس التواجد العسكري الأمريكي السعودي في المهرة وسواحلها.
وجاء الرد على هذه المزاعم عبر مشائخ المهرة وعدد من الناشطين بينهم صالح المهري، حيث أكدوا حينها أن السفينة التجارية البريطانية UKMTO-IO لم تتعرض للاعتداء كما نشرت بعض وسائل الإعلام العربية والدولية، مؤكدين حينها أن السفينة كانت قادمة من ميناء جبل علي في الإمارات ودخلت إلى المياه الإقليمية اليمنية التي تسيطر عليها قوات تحالف العدوان دون أي تصريح أو أذن مسبق، ولتتوقف بشكل مريب في 4 ديسمبر 2020م، لتبدأ بتفريغ حمولة مشبوهة يرجح أنها “أسلحة خفيفة ومتوسطة ومخدرات” أعادت الإمارات والسعودية على إدخالها إلى اليمن وذلك باعترافات مسبقة جاءت على لسان وسائل الإعلام المحسوبة على الفار هادي وما يسمى بالمجلس الانتقالي.
ومع تواجد البوارج التابعة لتحالف العدوان في تلك المناطق والتي منعت وتمنع الصيادين من أبناء المهرة واليمن من الدخول إلى المياه الإقليمية إلا أنها لم تتحرك نهائياً مع دخول تلك السفينة وإفراغها لحمولتها لتصدر بلاغاً إلى خفر السواحل في ميناء نشطون والتي وصلت إلى السفينة في تمام الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ليوم (5 ديسمبر 2020) لتطلق طلقات تحذيرية بحسب قوانين الملاحة الدولية، ولكن بعد أن كانت القوارب الصغيرة قد نقلت الشحنة والمواد المشبوهة من السفينة البريطانية UKMTO-IO.
ومما يثير الشبهة أن القوات السعودية المتواجدة في المياه الإقليمية اليمنية لم تتدخل وكان بلاغها للجهات الأمنية اليمنية رغم معرفتها بضعف الإمكانيات لدى خفر السواحل اليمني.
وبعد هذا كله شرعت الصحف البريطانية في نشر الادعاءات عن تعرض السفينة UKMTO-IO للاعتداء، وهو ما تناقلته وسائل الإعلام دون أن يكون هناك رد رسمي من الجهات المختصة في ميناء نشطون.

ذريعة الإرهاب
وكانت بريطانيا زعمت في 17 مايو الماضي تعرض سفينة بريطانية قبالة سواحل المكلا لهجوم وجاء الهجوم بعد تحركات وزيارات قام بها السفير الأمريكي لمحافظة حضرموت.
ما يدلل على وجود مخطط لتكريس الوجود الأجنبي هو ما ذهب اليه السفير الأمريكي بقوله: إنه سيجري التعامل مع الوضع باعتبار ما تعرضت له السفينة البريطانية تهديد لحركة التجارة العالمية، في منطقة تعتبر ممرا تجاريا قريبا من سواحل عمان ومضيق هرمز وهو موقع استراتيجي وممر حيوي دولي للتجارة العالمية ومنها النفط والبضائع الأخرى.
فضلا عن الانتشار المكثف للقوارب العسكرية السعودية في سواحل المهرة، وخصوصا في الساحل الشرقي للمحافظة من قبالة “ميناء نشطون” وصولا إلى ساحل مديرية “حصوين”.
وما يثبت أن أمريكا وبريطانيا وعبر أدواتها السعودية والإمارات أرادوا تعزيز وجودهم في المهرة تحت لافتة محاربة “الإرهاب”، وهو إرهاب مفتعل ولا وجود له على ارض الواقع.
ويدحض افتراءات أمريكا وبريطانيا بمحاربة “الإرهاب” ما كشفته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية العام الماضي أن “قوات الكوماندوز البريطانية تشارك بشكل مباشر في العدوان على اليمن”، مشيرة إلى “جرح عدد من أفرادها في اشتباكات مع الجيش اليمني واللجان الشعبية”.
وأشارت إلى أن “القوات البريطانية تقاتل إلى جانب المليشيات المتشددة والذين تصنفوهم بريطانيا كإرهابيين منهم مجندين تتراوح أعمارهم بين 13 و14 سنة فقط جندهم مشائخ يمنيون لصالح القوات السعودية”، كاشفةً أن “5 آلاف كرتون لزجاجات الماء كانت ممتلئة بالزجاجات التي لم يتم استخدامها بعد جديدة تم إتلافها لإخفاء أي شيء يكشف عن عملية التدريب التي تلقتها مجموعة معارك الدبابات الملكية البريطانية، في عمان في مناخ وتضاريس شبيهة بتلك الموجودة في اليمن”.
وأكدت أنه “تم إصدار تعليمات للقوات البريطانية بتدمير العبوات والكراتين لإخفاء ما حدث وحتى لا يكشف حجم القوات الكبيرة التي تشارك بالقتال المباشر ضد الجيش واللجان الشعبية”، مشيرة إلى أن “المسؤولين بوزارة الدفاع البريطانية تهربوا من الإجابة على هذه الأسئلة المتعلقة بعمليات التدريب السرية في عمان”.

المشاركة في العدوان
وقدمت بريطانيا الدعم العسكري والسياسي لعاصفة الحزم وللتحالف بقيادة السعودية، وعلاوة على أن بريطانيا هي المورد الأساسي للسلاح للمملكة العربية السعودية، فقد قدمت دورات تدريبية وتوجيهات وإرشادات للسعوديين، كما كان لسلاح الجو الملكي البريطاني دور في تدريب السعوديين على الاستهداف، بالإضافة إلى وجود 100 فرد من الأفراد العسكريين البريطانيين متمركزين في السعودية وذلك للدفاع عنهم في أي وقت.
وفي عام 2019 تم توجيه الانتقاد إلى بريطانيا من قبل منظمات الإغاثة الدولية لان السلاح البريطاني التي قامت بدعمه للسعودية تسبب في قتل عدد كبير من المدنيين وخصوصا أن معظم الأسلحة كانت غير مشروعه مثلما أعلنت محكمة الاستئناف في يونيو 2019م.
ظل هدف بريطانيا هو الاستمرار في مكافحة الإرهاب، وذلك من خلال التنسيق مع كل من أمريكا والسعودية والإمارات، وظل التعاون الاستخباراتي بينها وبين السعودية قائم، كما قدمت الدعم للعمليات الإماراتية، ومع استمرار الدعم البريطاني للسعودية.
وحاولت بريطانيا أن تحسن من سمعتها وترد على هذه الانتقادات، فسارعت إلى تسليط الضوء على كونها تأتي في المرتبة الثالثة من المانحين المساعدات الإنسانية لليمن، حيث أشارت إلى أن حكومة انجلترا قامت بالتبرع بقيمة 770مليون جنيه إسترليني لليمن في فبراير 2019.
وفي تصريحات للسفير البريطاني في عام 2021 م أكد أن بريطانيا ترفض استهداف صنعاء مواقع استراتيجية في العمق السعودية، ودعا إلى ضرورة اجتماع موقف المجتمع الدولي مع حل الأزمة وإنهاء الصراع داخل اليمن، وأعلن أن دولته حريصة على تقديم الدعم للسعودية ومواجهة التحديات الاقتصادية والأزمات الإنسانية.

قد يعجبك ايضا