شتان ما بين امرأة وامرأة !

أمة الملك قوارة

 

 

اختلاف شاسع وتباين كبير وفارقٌ يُلقي بمُجمل احتمالات التشابة.. بين من؟ بين من ألقت عليها الحضارة ثقلها، وجرَّدتها من أنوثتها، وأفقدتها رقتها وأزالت عنها حياءها، ورمتها في وحل الاختلاط ومستنقع المسؤولية الزائفة، وألزمتها بثقل العالة، بل وجعلت منها بضاعة تتنقل بين الأيادي وجرعتها أصناف العذاب المحلى بنكهة الحضارة المعاصرة وبين تلك التي حماها دينها بآيات تُتلى وقوانين محكمة وحرم عليها ما يمكن أن يخل بطهارتها أو أن تكون ضمن إطار اللعبة بين يديّ الرجال وحمى لها كرامتها وعفتها وطهارتها بل وألزم الرجل بإعالتها وحمايتها وجعل لها شرعاً محارم لكى لا يفسد عليها الاختلاط زكاءها، فجعلها أميرة مكرمة محفوظة مصانة، وجوهرة مكنونة في بيت عائلها لا تخرج منه إلا برداء يحفظها ضمن حركة الحياة التي أمرها الله بها مغطاة محتشمة وتعاملاتها محكومة بقوانين وأخلاقيات دينها، فأصبحت محمية من أن تتخاطفها الأبصار أو أن تحيطها دوائر الغواية فتقع في مستنقع الفوضى والرذيلة، نعم، شتان ما بين هذه وتلك نقولها بملء الفاه ! وما بين اليوم العالمي للمرأة المسلمة واليوم العالمي للمرأة المتجردة التي تحكمها النظرة المعاصرة، شتان ما بين من استبيحت حرماتها تحت وطأة المسميات والعناوين وبين تلك التي كانت قدوتها هي معيار عيشها وحركتها وتعاملاتها وأي قدوة هي، إنها ابنة قائد عظيم ورسول أمة، من اسماها أم ابيها ..
وحدث أن اغتيلت المرأة المعاصرة بسهم الحضارة، فجعلوا منها دمية يحركونها وفق رغباتهم وشهواتهم، فجعلوا بذلك مجتمعاتهم تعج بالانحرافات الأخلاقية والتجاوزات اللاقيمية، وإنما كانت المرأة هي الضحية الأكثر انتهاكا ، وحينها لم يُراد لذلك الوباء أن يكون محصوراً لدى مجتمعاتهم فقط، فسوقوه إلى المجتمعات الإسلامية بمختلف الأساليب والطرق ولعل أهمها وسائل الإعلام في حربهم الناعمة ومن خلالها وكعنصر مهم من عناصر تلك الحرب أن رمَّزوا نساء خاليات من القيم والأخلاق ومنسلخات عن الحياء كقدوة بحيث تسمح بمزيد من الضياع لمن تتخذها قدوة ووافر من الهلاك لتلك المجتمعات، ولا يخفى أن حققت تلك الحرب مجمل أهدافها، ذلك حدث حين وُجِهت الحرب الناعمة سهامها على أفئدة خالية من الإيمان مفرغة مما قد يحصنها من مثل تلك الخطورة المدمرة، فنجد الأمثال المتعددة على ذلك ضمن المجتمعات العربية من صور الانحلال وفقدان للتوازن الأخلاقي والوازع الديني، مع ذلك هناك مجتمعات عربية أبت إلا أن تكون النموذج الأرقى في الحفاظ على دينها وقدواتها وأن تمثلهم في واقع حياتها، لكن الأعداء مستمرون ولا يزالون يبحثون في حراك دؤوب عن الأساليب التي قد تحقق لهم هدفهم في تلك المجتمعات المحافظة وهذا ما يجب أن نحذر منه ! …
شتان ما بين امرأة غربية تعيش مأساتها وواقع مظلم يحيطها، مع تفكك أسري وضياع كيانها بأكمله ووسائل إعلام توهم الناس بأنها تعيش في سعادة وحرية مطلقة، ونساء عربيات قلدنها فأصبحن في مستنقع مؤلم وحياة ملئية بالآلام والحزن والقهر والضياع، حيث أنهن كل يوم يفقدن شيئاً من شخصيتهن وكينونتهن التي لا تصلح حياتهن إلا بها ويفقدن مع ذلك الأمن والأمان والاستقرار، وبين امرأة اتخذت من الزهراء قدوة لها ومثلتها في مسؤوليتها وطهرها وعفافها وهي بذلك تعيش كجوهرة مصونة وفي ظل حركتها العامة في الحياة تتحرك وفق تعاليم دينها، وافر من الحب والاحترام والهدوء النفسي والاستقرار العاطفي ينالها ضمن نطاق أسرتها والتقدير العام ضمن مجتمعها، ومن هنا لكل امرأة قد أصيبت بداء الحرب الناعمة ونالتها بحر سهامها وأوقعتها في مستنقع من البؤس أن تقارن نفسها بواقع آخر يضمن لها الحياة الطيبة الكريمة وعلى نساء المسلمين أن يعينْ أن السعادة تكمن في تمثل القدوة الصحيحة التي أنشأت أجيالاً متعاقبة من العظماء ومثلت الامرأة التي تجسدت فيها الحكمة والطهر والمسؤولية والرؤية العميقة نحو بناء مجتمعها وأمتها، وهنا نحن لا ندعو المسلمات إلى التزام القدوة ببنت خير خلق الله وأعظم امرأة مثلت جميع جوانب المسؤولية وحفر التاريخ سماتها وقيمها فحسب، بل إننا أيضا ندعو النساء الغربيات لأن يحتذين بقدوة النساء، علّهن يجدن أنفسن ! فإن ذلك هو المخرج لهن مما وقعنّ فيه من ظلم وبؤس وضياع، ولتبحث كل امرأة جهلت فاطمة عن فاطمة الزهراء_ عليها السلام_ فهناك متنفس إلى قدوة عظيمة وحياة تملؤها السعادة الحقيقة والرضا المطلق …

#اتحاد كاتبات اليمن

قد يعجبك ايضا