غروندبرغ.. حتى إشعار آخر

يكتبها اليوم / وديع العبسي

 

 

بعد ظهوره المفاجئ إثر وصول الوفد العماني ثم السعودي إلى صنعاء، أوعز – كما يبدو – المدعو غروندبرغ إلى معاونيه نشر خبر زيارته إلى صنعاء، ليأتيه الرد الصادم من صنعاء بتأجيل الزيارة إلى أجل غير مسمى.. صفعة قوية بحجم البلادة والتي اتسم بها سلوك المبعوث الأممي طوال مهمته كمبعوث للوصول إلى تسوية للعدوان والحصار.
كان واضحا من ظهور غروندبرغ أن الأمم المتحدة بدأت تشعر من جهة أن البساط ينسحب من أسفلها في إحداث أي اختراق لحالة الجمود التي رافقت الهدنة من اللا حرب واللاسلم، ومن حالة عدم الوفاء بالتزامات الهدنة، ومن جهة أخرى الخشية من قرب وصول الأطراف المعنية إلى حل مرضٍ للجميع، وهو الحل الذي يعني تنفيذ مطالب الشعب اليمني، الذي لا ترى فيه الأمم المتحدة – بدفع من أمريكا – يصب في صالحها.
صفعة صنعاء للأمم المتحدة لقيت ترحيباً كبيراً في كل الأوساط الشعبية والرسمية، على خلفية الدور السلبي الذي مارسته الأمم المتحدة تجاه النداءات الإنسانية التي أطلقتها صنعاء، وزد على ذلك عدم وفائها بالتزاماتها كمظلة راعية للمفاوضات للوصول بالمشكلة إلى شواطئ الحلول الدائمة، وفوق هذا وذاك انحياز مجلس الأمن الدولي المستمر لصالح إجراءات العدوان التي نهبت الثروات وسحقت الشعب اليمني في معيشته.
خلال ثمان سنوات كانت الأمم المتحدة بعيدة كل البعد عن الانتصار لمجموعة القيم الإنسانية التي ترفعها في نشاطها حول العالم، ومثلت اليمن أكبر وأوضح اختبار لحقيقة ما تدعيه المنظمة الدولية.
مثلت اليمن نموذجاً صارخاً لكل أشكال الظلم والمصادرة للحقوق، غير أن ما شهدت الأمم المتحدة نفسها بأنه أسوأ كارثة إنسانية لم يكن – كما يبدو – دافع كافياً لها للتحرك والانتصار للحقوق الإنسانية في هذا البلد.
ومنذ المبعوث بنعمر إلى ولد الشيخ مرورا بالجاسوس غريفيث، وصولا إلى البليد غروندبرغ، اختلفت الأسماء والدور واحد، محاولة مستميتة لإبقاء الجرح اليمني نازفا كي يكون لمنظمات الأمم المتحدة – وعلى رأسها الكيان الأمريكي – تحقيق أكبر مكاسب ممكنة وضمان مورد مالي كبير بحجم ما تنهبه من الثروات اليمنية وما تجنيه بابتزاز النظام السعودي.
عقب الضربات التحذيرية التي نفذتها القوات المسلحة لإيقاف مسلسل نهب الثروة اليمنية لم يأت غروندبرغ ليضع حدا لهذا النهب أو يجعل من الضربات فرصة للضغط من أجل تحقيق المطالب الإنسانية لليمنيين وتوجيه عائدات النفط والغاز لصرف مرتبات الموظفين، وإنما على العكس تراجع منسحبا مع ظهور السفير الأمريكي، محاولا بالضغط والتهديد والوعيد فك مسار سفن نهب النفط.
وفي الظهور الأخير لغروندبرغ ولقائه قبل أيام وزير الخارجية العماني في مسقط، ظل ذات الطلب بالسماح لسفن النهب لاستعادة نشاطها هو الشغل الشاغل للمنظمة الأممية، ما يشير إلى أن السلوك العدواني الذي مارسته الأمم المتحدة تجاه اليمنيين لم يتغير، ومن هنا يأتي رفض صنعاء استقبال غروندبرغ نتيجة طبيعية لمواجهة المتاجرين بمعاناة اليمنيين.

قد يعجبك ايضا