مختصون: انحراف الأطفال والتحاقهم في سنّ مبكرة بعالم الجريمة سببه الرئيسي تفكّك العائلات

سلام واستقرار العالم يبدأ من المنزل..الأطفال.. ظروف تدفعهم إلى الانحراف.. كيف نحميهم؟

 

 

تتغير سلوكيات الأطفال مع التطور السريع لوسائل الاتصال ويصبح من الصعب فهم الطفل وتكون التربية الصحيحة اشد صعوبة فعادة ما إن يبكي الطفل الرضيع، تسارع الأم إلى إسكاته عبر القامه الثدي في ردّ فعل عفوي وتلقائي، هذا السلوك الطبيعي من وجهة نظر كثير من اختصاصيي علم النفس الاجتماعي يولّد لدى الطفل شعورا مبكرا بالرضا والأمان.
الأسرة/ خاص

سلام واستقرار هذا العالم مِن حولنا يبدأ من محطّة صغيرة هي البيت، ومنه ينطلق كل شيء إلى الخارج بغثّه وسمينه. ويؤكّد استشاريو التربية الإيجابية أن التجارب والأحداث في كل بقاع الأرض أثبتت أن استقرار البيوت وتماسك الأسر وانتشار أجواء من الحب والتفاهم بين الوالدين أهم لبنة أساسية في تحقيق السلام للمجتمع والعالم.
وتشير الإحصاءات والدراسات العلمية إلى أن انحراف الأطفال والتحاقهم في سنّ مبكرة بعالم الجريمة سببه الرئيسي تفكّك العائلات، ويؤكّد المختصون أن تورط الأطفال والقُصّر في الجرائم الجنائية ازدادت في المجتمعات العربية في السنوات الماضية بصورة مخيفة، وأصبحت تشكّل خطرا على تماسك واستقرار النظام الاجتماعي بشكل عام، والسبب في ذلك خلل واضح في التنشئة الأسرية السليمة واضطراب العلاقات الأسرية.
ويُجمع المختصون على أن ظاهرة ارتفاع جرائم الأطفال مرتبطة بالظروف والمآسي والأحوال الفردية والجماعية، وبالخلل الذي أصاب التنشئة الاجتماعية وجعلت الصغار فرائس سهلة للجماعات المتطرفة كداعش والقاعدة  وعصابات الإجرام.
في دار رعاية الأحداث في صنعاء، هناك عشرات القتلة والمتهمين بارتكاب أعمال جنائية، وهم من الأطفال دون سن الـ18، ومعظم هؤلاء، كما توضح وفاء العَوّامي، وهي اختصاصية نفسية ومستشارة أسرية، والذين كانوا ضحايا للإهمال الأسري والخلل الكبير في التنشئة الاجتماعية، سواء بغياب الوعي السليم من قبل الأبوين في كيفية التربية السليمة، أم بسبب سلوكيات وممارسات غير سوية تعرض لها الأطفال في إطار الأسرة، ناهيك عن عوامل خارجية كالجماعات الإرهابية ، ونتيجة لذلك الواقع، انقاد الصغار إلى الانحراف المبكر، وإذا لم يُصلح هذا الخلل بطرق تربوية صحيحة، فقد تتطور هذه الأمراض لتشمل بآثارها المجتمع بأسره.

تربية إيجابية
توضح آزال الثور – استشارية تحفيز ومدربة تربية إيجابية، أن هذا الخلل الاجتماعي على مستوى البيت الصغير الذي قد يصبح خطرا يهدّد أمن واستقرار المجتمع برمته -يبدأ بأخطاء صغيرة قد لا تبدو مهمة في نظر كثير من الآباء والأمهات، وتشير إلى أن ردود أفعالنا السلبية تجاه سلوكيات أطفالنا السلبية تزيد من حِدة السلوك السلبي عند الأطفال مثل المشاجرة أو ردة الفعل السلبية أو الصراخ والعقاب.
وتضيف الثور في حديثها لـ “الثورة” أن التربية الإيجابية تتطلّب تحلّي أولياء الأمور بقدر كاف من الوعي في التعامل مع سلوكيات الأطفال؛ إذ عليهم التركيز على ردود أفعالهم إزاء أي خطأ يقترفه الأبناء وعدم القيام بأي تصرف إلا بعد الهدوء وتوجيه أسئلة لأنفسهم قبل أطفالهم عن سبب تصرف الطفل، وما الهدف من وراء سلوكه، وما الرسالة التي أراد توجيهها، وكيف يمكن تعليمه من هذا العمل الذي قام به؟ وعند ذلك ستتحول ردود أفعالهم السلبية إلى أفعال واعية مدروسة وتشجيعية تؤدّي بأولياء الأمور إلى فهم أطفالهم والتفكير بعقولهم ودخول عالمهم بكل تفاصيله، وربما نكتشف أن ما ظهر لنا على أنه قلة تهذيب من هذا التصرف أو ذاك إنما كان احتياجا للحب، وأن ما فهمناه عنادا هو حاجة من الطفل للشعور بأنه مهم.
وتنصح مدربة التربية الإيجابية إيناس عبد الحليم جميع الأمهات بتقبل أبنائهن في كل الأحوال والتوقف عن مقارنته بالآخرين، ومحاولة إخراج وتنمية مهاراته وإمكانياته بوسائل تربوية هادفة، وإيصال الأفكار الإيجابية للصغار عن طريق القصص التعليمية وإغداق الحب والحنان على الأطفال ومشاركتهم كل همومهم ومتابعة احتياجاتهم على وفق المراحل العمرية بالاطلاع الدائم على طرق التربية والتنشئة الاجتماعية السليمة؛ لأن هذه التفاصيل الصغيرة هي ما تشكّل وعيه وتحدّد مستقبله ودوره في المجتمع سلبا أو إيجابا.

وسيلة الحوار
يُعدّ الحوار مع الأطفال من أهم المهارات التي تساعد الطفل على تنمية مهارة التفكير والتعاطف وحل المشكلات، كما أنها، حسبما يقول محمد عبد الله – اختصاصي علم النفس التربوي، طريقة متميزة لتعليم الطفل دروسا كثيرة عن الأخلاق والقيم وغيرها من المفاهيم التي لا يدركها الطفل إلا بالممارسة والنقاش أو الوقوع في الخطأ وتعلم الدروس من الخطأ.
وتكمن أهمية الحوار، بحسب الباحث الاجتماعي عبد الله، في أنه يعزّز من ثقة الطفل بنفسه، وأنه قادر على الحديث والنقاش بأمان، فيحسّن من جودة علاقة الطفل بوالديه ومحيطه الأسري، مما يشجعه على الحديث من دون حرج، ومن التعبير عن مشاعره وأفكاره وتطلعاته وبناء علاقة متينة مع أبويه، لتكون أساس الحوار في فترة المراهقة، فتعلمُ الطفل الحوار مع والديه في صغره يجعله قادرا على التحدث معهم في المراهقة بأريحية ومن دون خوف، وبهذه التنشئة السليمة، يتشكّل المدخل الحقيقي لتحقيق السلام في المجتمع وعلى المستوى الوطني حتى العالم كله.

قد يعجبك ايضا