العلاقاتُ الأمريكية المصرية.. ظاهرُها أمن الملاحة وباطنُها استعمار مصر
يكتبها اليوم / علي عبدالرحمن الموشكي
تتجلى الحقائقُ وتتكشف أمام العلن يوماً بعد آخر، إذ يسعى الأمريكي إلى إذلال أنظمة الشعوب العربية بظاهر السلام والأمن الدولي وآخرها إرغام زعماء الدول العربية الأثرى والأكثر غنًى على تطبيع السلام مع إسرائيل، وذلك لكي يسعى العدوّ الصهيوني إلى بسط نفوذه من خلال التبادل الثقافي والانفتاح الفكري من خلال مظاهر التبرج وغيرها من الأعمال التي نرى الدول العربية تتهافت نحو تطبيقها وبشكلٍ سريعٍ جِـدًّا دون تأخر، ومع مرور الوقت نجد التقدم السريع نحو رغبات اليهود والنصارى، يقابله تسارع كبير في فرض السيطرة على الجزر والموانئ البحرية العربية وهذا تمهيد كبير لإنشاء الدولة الإسرائيلية العظمى التي ستحكم ما بين النهرين الفرات والنيل.
يوم كشف الرئيس الراحل العقيد معمر القذافي، عن استراتيجية اليهود من خلال عقد قمة عربية، صرح من خلالها بأن الكيان الصهيوني يسعى للسيطرة وفرض النفوذ على ما بين النهرين وإعادة دولتهم المزعومة في مصر، وأن الهدف الرئيسي ليس دولة فلسطين ولكن لم يجد اليهود أي خيار آخر سوى ادِّعاء هيكل سليمان وأنها أرض الميعاد ومعتقدات صهيونية لغرض إيجاد نواة أَسَاسية لفرض السيطرة وإنشاء قوة ينفذون من خلالها للأُمَّـة العربية وخلخلة الدول العربية وإيجاد فوضى في أوساط الأُمَّــة العربية.. وهو واقع تعيشه اليوم كُـلّ الدول العربية ونستطيع القول إن نسبة ما تم إلى الآن (50 %) من المخطّط الصهيوني في الدول العربية، هذا الرئيس فيما بعد أصبح أضحوكة لدى زعماء الدول العربية وتم نشر الشائعات أنه مجنون..
يقول الشهيد القائد -رضوان الله تعالى عليه-: (ألم يصبح هكذا واقع العرب؟ اهبطْ، عندما تحَرّك (معمر القذافي) بكلمات ومواقف، يقولون: مجنون، مجنون أليس كذلك؟ كيفما كان، ألم يأت بكلام هو نفسه كلام ذلك البدوي الذي كان يرعى الإبل، ويجلس في الصحراء، هو نفسه يقلد هذا المظهر حتى هو: الخيمة، والصحراء، وزيُّه البدوي، ويحاول أن يقول لهؤلاء العرب: على أقل تقدير حاولوا أن نحمل تلك النفوس التي كان يحملُها البدو مِن رعاة الإبل، الذين كانوا يعيشون في الصحراء في خيام كهذه، قالوا: مجنون، وهذا إرهابي، وهذا مغفل “وهذا بَا يكَلِّف علينا، وذا، وذا..” كلهم أصبحوا يَدُسُّون رؤوسهم في التراب، ومَن يأتِي ليتكلم منهم من جديد، ويحاول أن يضع النقاط على الحروف يقول: (لا يصلح آخر هذه الأُمَّــة إلَّا بما صلح به أولها، فتعالوا نَمْشيِ على سيرة السلف الصالح: أبي بكر وعمر وصحابة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- ومن جديد يرجع إلى أن يَدُسَّ رأسه في التراب من جديد).
ما نريد توضيحه أن جمهورية مصر العربية سيلحقها تبعات من الاتّفاقية الأخيرة التي برمتها أمريكا مع النظام المصري، بادِّعاء حماية الممرات الدولية، وسيكون هنالك قواعد وأساطيل بحرية أمريكية ستكون مصر لقمة سهلة لاحتلالها وزعزعة أمنها واستقرارها ومثلما هو معتاد عن المصريين يبحثون عن البقشيش خُصُوصاً واقتصاد مصر أصبح في عجز كبير ويريدون بدافع الغباء رفد ميزانيتهم ببعض الدولارات من الخزائن الخليجية ولكنهم سيقعون في الحفرة التي يحفرونها بأيديهم وسيلحظون فرض قرّارات أمريكية واجبة التنفيذ مستقبلاً.. العقلاء المصريون يدركون ذلك، كيف لا وتاريخهم النضالي في مواجهة الكيان الصهيوني له تجارب كثيرة جِـدًّا ولكنهم اليوم يعيشون حكم العسكر ولن يكونوا أكثرَ ذكاء من الأمريكيين والإسرائيليين في الوقت الحاضر، فالتيه الفكري والثقافي يملأ عقول المطبلين والمسارعين للحضن الأمريكي والإسرائيلي وضاعت وغابت النخوة العربية فهم يتعايشون مع الواقع العربي الذي تعيشه أغلب الدول العربية، يتمسكون بالسلام الزائف وينخرون في الجرح العربي البالغ… وهذه المرة بأيدي ليست إسرائيلية ولا أمريكية وإنما بأياد عربية وسيدفعون ثمن ذلك كَثيراً.. واقعهم المرير الذي يتصورونه سيكون أمر وستتفاقم الأزمة الاقتصادية والسياسية أكثر؛ لأَنَّ عقوبة الله أشد وأنكى..
ماذا عملت أمريكا لدول الخليج وأساطيلها البحرية أمام ضربات الردع اليمنية الإيمَـانية التي جرعتهم كأس الذل والهوان، ألم تكن عاجزة، وهذا العجز هو من الله؛ لأَنَّ بأسَه ووعيده يرافق المؤمنين في كُـلّ تحَرّكهم وفي كُـلّ أعمالهم، لم تستطع أمريكا وإسرائيل سوى تسريع عجلة إفساد شعوب الخليج واستغلال ثرواتهم وتركيعهم، حتى يكونوا أكثرَ ضلالاً وأكثرَ فساداً تهاوت تطلعات دول الخليج الباحثة عن السيادة، وبدلاً من ذلك لحقهم الخزي والذل والانحلال الأخلاقي والقيمي وأصبحوا أضحوكة العالم وقريباً سيكونون لا شيء في المنطقة، فسيصلون- إن لم يكن قد وصلوا- إلى مرحلة “أنتم يا دول الخليج ليس هنالك حَـلٌّ أمامكم سوى الانضمام للكيان الصهيوني حتى تحافظونا على بلدانكم وتصبحون مطيعين أذلاء صاغرين للكيان الصهيوني الذي سيحميكم من محور المقاومة”.
هكذا يقول العقل والمنطق، فكل أنظمة الدول العربية أصبحت بيد الصهيونية العالمية وأصبحوا يوجهون عداوتهم وقوتهم نحو إخوتهم في الدين، فبعد سياسة التفريق والتمزيق وشراء المواقف وكسب الولاءات لتمرير السياسات التمزيقية والتشتيتية، أصبحت أنظمة الدول العربية الخليج ومصر وغيرها من الدول هي الدروع البشرية التي ستكون ضحية؛ مِن أجل بقاء الكيان الصهيوني، وبعد كُـلّ هذه الصراعات ستعزز استراتيجية الدفاع المشترك عن الأهداف الاقتصادية والسياسية والفكرية والقواسم الصهيونية الأمريكية العربية المشتركة في مواجهة الدول العربية التي ما زالت تحمل الإباء والعزة والكرامة والنخوة العربية والهُــوِيَّة الإيمَـانية الأصيلة، مرحلة الانحلال والذوبان الفكري العربي مع إسرائيل أصبح في أعلى ذروته، فما بعد توحيد القوى وتوحيد الجيوش كان آخر الخطوات تجليًّا وظهر للعلن حتى تصل رسالة مفادها أن القوى العربية المنحرفة تتوحد علناً لمواجهة محور المقاومة الذي سيكون الله معه.
ورسالتنا لكل الشعوب العربية أن السياسات والاتّفاقيات وتمرير المخطّطات الأمريكية التي يسارع زعماء دولكم المارقين من الدين والذين أصبحوا أمريكيي الولاء وصهاينة الاتباع، ستكون أكثر خطورة وبالغة الأثر في الواقع العربي وستنالون عقوبة من الله على صمتكم وخضوعكم أمام سياسة زعمائكم الذين لا يهمهم سوى البقاء على كرسي الحكم ولو كانوا يقبّلون أحذية النظام الأمريكي والصهيوني، وستكونون أنتم ضحية الانحراف الفكري والثقافي وستتلطخ أيديكم بالدم العربي وستكونون مشتركين في الدماء العربية التي سفكت في كُـلّ عملية إجرام ارتكبها النظام الأمريكي والإسرائيلي بحق الفلسطينيين واليمنيين وتحت أي مسمى كانت الجرائم، سواءً داعش والقاعدة أو غيرها من المسميات التي هي أَسَاساً منبعها الكونجرس الأمريكي الذي سعى باسم تمرير السياسات الصهيونية في المجتمع العربي.
من كان لديه ذرة إباء ونخوة وكرامة عربية وإيمَـان بالله وتطبيقاً لتوجيهات الله، ليكن لديه وعي ويصحح ويقرأ الواقع العربي بعد تكشف الحقائق ويتحَرّك صارخاً في وجه المتهَوِّدين والمنحرفين، فإما أن نعيش كرماء أو نستشهد في ميادين الحق والـدفاع عن الدين أعزاء.