فرَّطت في استقلال البلاد وارتمت في أحضان المحتل: أحزاب ونخب سياسية يمنية.. عمالة للمستعمر وخيانة لشهداء الـ 30 من نوفمبر
قيادات وناشطون جنوبيون لـ”الثورة”: العدوان على اليمن استخدم الأحزاب والنخب العميلة مطية حتى يبرر للمجتمع الدولي انتهاكه لسيادة اليمن ونهبه للثروات عبر ما يسمى الشرعية
منذ بدء العدوان السعودي الأمريكي على اليمن سارعت أبرز الأحزاب اليمنية والنخب السياسية إلى الارتماء في حضن العدوان بل وشرعنت له احتلال أجزاء كبيرة من الأراضي اليمنية وفرطت في استقلال البلاد في الوقت التي تقوم بالاحتفال بثورة 30 نوفمبر وطرد المحتل البريطاني من جنوب الوطن، وفي الوقت ذاته تناقض نفسها عندما شكلت مع الخائن هادي شرعية مزعومة أبرز إنجازاتها بيع المحافظات اليمنية والجزر والموانئ والموارد النفطية وتقسيمها بين المحتلين السعودي والإماراتي ومن خلفهما الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي الذين أصبح وجودهم في تلك المحافظات حاضراً بقوة ولا يحتاج لدليل، حيت يتجول الأمريكي والبريطاني في حضرموت ويتحكمان في القرار ويلتقيان كذلك المحتل الإماراتي ومعه الإسرائيلي في جزيرة سقطرى ومحافظة عدن وشبوة، كما ذهبت السعودية لاحتلال محافظة المهرة وكل ذلك يحدث بموافقة تلك الأحزاب والنخب السياسية التي تدعي التمسك بأهداف ثورة 30 نوفمبر واستقلال البلاد من المحتلين…
“الثورة” تستعرض موقف تلك الأحزاب والنخب السياسية في شرعنة احتلال البلاد ونهب ثرواتها، كما تلتقي قيادات جنوبية وناشطين لإبراز الدور السلبي لهذه النخب والأحزاب، فإليكم الحصيلة:
الثورة / أحمد السعيدي
أحزاب عتيقة لكنها عميلة
فضح العدوان السعودي الأمريكي على اليمن أبرز الأحزاب السياسية والتي أعتبرها الشعب لسنوات أحزاب وطنية حريصة على مصلحة البلاد والعباد ولم تكن في الحقيقية سوى شريك للعدوان في استهداف الشعب اليمني واحتلال أرضه ونهب ثرواته حيث كانت أحزابنا المعروفة المتمثلة في (المؤتمرـ الإصلاح- الاشتراكي -الناصري) عبارة عن خدعة كبيرة للشعب اليمني وهي من استقدمت العدوان في العام 2015م عبر رئيس المؤتمر الشعبي العام عبدربه منصور هادي وصار الحزب الأكبر في اليمن مقسماً إلى ثلاثة أجنحة، الأول يتبع القيادة السعودية والثاني يتبع القيادة الإماراتية والجناح الثالث هو الجناح الوطني الذي لا حول له ولا قوة في صنعاء، أما حزب الإصلاح فكان أول المرحبين بالعدوان شاكراً له ولم يتوان الحزب في تسليم الأراضي التي يسيطر عليها للعدوان وزوَّده بكل ما يحتاج من فتاوى تجعل الشعب يسلّم بأن العدوان المحتل جاء بأمر الله تعالى والواجب هو الوقوف معه، حزبا الاشتراكي والناصري هما الآخران جمعتهما الشرعية المزعومة والتشكيلات المسلحة التابعة للمحتل الإماراتي واللذان هرعا اليه منذ اليوم الأول للعدوان باستثناء الشرفاء الذين يمارسون دورهم الوطني في صنعاء.
نخب سياسية للارتزاق
خلال سنوات الحرب، ظهر نوع آخر من الكيانات السياسية والنخب والقادة، نوع أكثر رخصا ووقاحة وجرأة على الشعب والوطن والتاريخ، كيانات وشخصيات تقوم بأدوارها على طريقة” تليفزيون الواقع” لا تحتاج إلى تسميات حزبية كسابقاتها، ويكفي أن تشكل كيانا وتعلن نفسك زعيماً أو رئيساً أو سلطاناً وفي مقدمة هذه الكيانات ما يسمى الانتقالي بتشكيلاته المختلفة ( النخبة-الحزام -دفاع شبوة وغيرها) حيث جعلت المحتل الإماراتي هو صاحب الأرض والقرار في المحافظات الجنوبية وكأن القوم أدمنوا العبودية للمحتل من العهد البريطاني وحتى الإماراتي، أما قادة ذلك المجلس أمثال الزبيدي وبن بريك وغيرهما، فقد أعلنوا بكل وضوح استعدادهم التعاون مع إسرائيل لخدمة أجندات كفيلهم، ومن قيادات الانتقالي إلى قيادات في أحزاب أخرى، فالجميع يتذكر القيادي في حزب المؤتمر سلطان البركاني وهو يقول بكل وقاحة “إن اليمن (بشعبها وتاريخها) مجرد حديقة خلفية للسعودية” ولا غرابة في ذلك كون الارتزاق لا علاقة له بالحرية والمحافظة على الأوطان، فالقيادي المحسوب على حزب الإصلاح أيضاً صرح أن لا مشكلة لديه ان يقتل التحالف 24 مليون يمني مقابل أن يبقى مليون مرتزق على أرض الوطن، تلك المواقف أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه الأحزاب والنخب السياسية ليست سوى أدوات للمحتل حتى وان احتفلت بذكرى طرد المحتل البريطاني من جنوب الوطن.
محتل قديم وجديد
وعن سبب تفريط الأحزاب والنخب السياسية باستقلال اليمن واستدعاء المحتلين والغزاة، التقينا قيادات من جنوب الوطن وناشطين ليجيبوا على هذا السؤال؟
الأستاذ طارق سلام -محافظ محافظة عدن المحتلة أجاب قائلاً:
” في البداية نؤكد أنه لا وجه للمقارنة؛ فالمحتل القديم كان قد عرف عنه بأنه الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس لاستحواذه على أغلب الدول والقارات بمستعمراته وما يجري الآن في عدن وبقية المحافظات المحتلة ليس إلا بقايا احتلال يراد منه تحصيل حاصل أو تحقيق غاية ويظن بذلك الأعداء أنهم قد تمكنوا وسيطروا وللأسف أن الأحزاب اليمنية التي كنا نظنها وطنية وحريصة على وحدة البلاد وسلامة أراضيه هي من وفرت غطاءً للعدوان لاحتلال المحافظات الجنوبية وفرض سيطرته على موانئها وشواطئها ونهب ثرواتها النفطية وتحويل شواطئها الساحرة والغنية بالثروة السمكية، لتثبت تلك الأحزاب والنخب السياسية بذلك أنها تسير على خطى ونهج الاحتلال البريطاني الذي صنع السلاطين والمشيخات عام 1900م، حيث أنه بفضل هذه الأدوات الحزبية الرخيصة كان التوجه الجديد للاحتلال الجديد الذي تكشّف خلال العامين الماضيين، يصب في إطار مساعي قوى الاحتلال لبسط السيطرة الكاملة على المحافظات المحتلة وتهيئة الأجواء لاستمرار الاحتلال تحت غطاء أدوات محلية كالكيانات الاجتماعية والسياسية التابعة لها، وما بدا جليا هي أن دول العدوان والاحتلال عملت على استغلال المكانة الاجتماعية لأبناء السلاطين في أوساط القبائل لتمرير أجندتها وحماية مصالحها في المحافظات الجنوبية والشرقية للبلاد مؤخراً”.
الأسباب الحقيقية
بدوره تحدث سمير المسني- قيادي جنوبي ومحلل سياسي -عن أسباب قيام الأحزاب والنخب السياسية ببيع الأراضي اليمنية قائلاً:
ندرك تماما ما هي الأسباب الحقيقية التي أدت إلى قيام بعض الأحزاب والنخب السياسية في المحافظات الجنوبية المحتلة إلى التفريط باستقلال اليمن وسيادته الوطنية، الأمر الذي أدى تبعاً لذلك إلى التخلي عن الانتماء الوطني لليمن والارتهان للإملاءات الخارجية والسقوط في بحر العمالة والارتزاق.
وحتى تكون لطرحنا وتحليلنا المصداقية والشفافية علينا أن نعود بالزمن إلى عام 1994م وتحديدا حرب صيف 94م التي شنت على المحافظات الجنوبية من قبل النظام العفاشي السابق والذي أسس لبناء منظومة إجراءات وممارسات ( إقصاء وتهميش وعمليات سلب ونهب للممتلكات العامة والخاصة في المحافظات الجنوبية) بالإضافة إلى عمليات الاغتيالات التي طالت الكثير من قيادات الحزب الاشتراكي من أبناء المحافظات الجنوبية (ما قبل 94) بالإضافة أيضا إلى السياسة الممنهجة التي تمثلت في عمليات التجهيل وحرف بوصلة الوعي والفكر ،كل تلك الأمور ساعدت بشكل أساسي في تغيير الأنماط السلوكية لمجتمعنا في الداخل وأدت إلى إحداث شرخ في النسيج المجتمعي في تلك المحافظات، الأمر الذي انعكس سلبا على الوحدة الوطنية، وأصبحت جماهيرنا في الداخل تعاني من أزمة فكرية وتداعيات وعي أصابتها في مقتل واصبحنا ندور في حلقة مفرغة وعدنا إلى مربع ما قبل الوحدة اليمنية .
ولغرض استكمال مخطط قوى الاستكبار العالمي ووكلائه الإقليميين في فرض واقع جديد في الجنوب اليمني، عمدت إلى إشاعة الفوضى العبثية على كل المسارات (انفلات أمنى وتدهور في مستوى الخدمات….) وتم تشتيت الجهود الوطنية وإفراغ الوعي من مضمونه الوطني ونجحت بالفعل في ذلك المخطط عبر عملائها في الداخل.
لا نريد أن نسهب أكثر في التحليل وأعتقد أن ما طرحناه كافٍ لتوضيح ما حصل هناك منذ حرب صيف 1994م وحتى الآن ولكن علينا أن نبحث في إمكانية العودة للوعي والفكر الوطني للمجتمع هناك وهذا الأمر لن يتأتى إلا من خلال تدارس الأوضاع وتحليلها من خلال جلوس قيادات من المحافظات الجنوبية والشمالية وتحديد مكامن الإخفاقات والاختلالات الفكرية ومعالجتها على وجه السرعة، لأن الوضع في المحافظات الجنوبية معقد وشائك ويتطلب جهوداً وطنية كبيرة، لذلك نناشد قيادتنا الثورية والسياسية وحكومة صنعاء بأن تعمل على توحيد الصف للقيادات من أبناء المحافظات الجنوبية والمتواجدين في صنعاء والاستفادة من الكوادر والقدرات الفكرية والاقتصادية والأمنية لغرض إحداث نقلة نوعية حقيقية في طريق استعادة كل شبر من أراضينا المغتصبة في الجنوب اليمني من خلال تلازم الفكر والوعي والوصول إلى منعطف تاريخي جديد يتمثل في استقلالنا الثاني ودحر المحتلين وبناء يمن جديد على أسس وطنية ومن خلال فكر إيماني وجهادي متنور”.
مطية للعدوان
أما الناشطة السياسية الجنوبية ميرندا شهاب فقالت:
“إن العدوان على اليمن استخدم الأحزاب والعملاء مطيةً حتى يبرر للمجتمع الدولي انتهاكه لسيادة اليمن ونهبه للثروات عبر ما يسمى الشرعية التي أصبحت مجرد مبرر وقح لتواجد الغزاة والوصول إلى الجزر والموانئ اليمنية وبناء القواعد العسكرية الأمريكية والصهيونية والبريطانية وحتى الفرنسية التي تريد أن تضمن مصالحها من ثروات اليمن النفطية والغازية والثروات السمكية، حيث يقومون بنهب الأسماك، حتى بيض الأسماك يجرفونه مع الشعب المرجانية لتدمير البيئة البحرية وكذلك إخراج ميناء عدن عن الخدمة والذي يتمتع بموقع استراتيجي مهم يجعله يتحكم بالعالم ويتربع على عرش الموانئ الأكثر أهمية في العالم والتي يجعله يدخل مليارات سنويا لصالح البلاد إن هو تحرر من أيدي الإمارات والسعودية ومن خلفهما أمريكا وإسرائيل، حيث أن الأحزاب العميلة ومن كان الشعب يظنها نخب المجتمع للأسف انكشفت وجوهها القبيحة ووطنيتها الزائفة وباعت الوطن أمام أول إغراء قُدّم لقادتها مقابل الفتات الرخيص واشتروا مصالحهم الشخصية وتخلّوا عن مصلحة الوطن كاملاً حتى أصبح وطناً جريحاً ينزف دماً ووجعاً من هؤلاء العملاء الذين لن يرحمهم الله ولن يرحمهم التاريخ ولا الأجيال القادمة”.
خيانة ثورتي أكتوبر ونوفمبر
بينما قال الاستاذ سمير حمُيد-رئيس المركز الإعلامي للمحافظات الجنوبية:
« بالنظر إلى تلك المكونات نجد أن أبطال واحرار ثورة ٣٠ نوفمبر براء منهم ،ولو تابعنا بشكل دقيق من هم أولئك الخونة سنجد انهم احفاد السلاطين وأعداء أكتوبر ونوفمبر ، فليس حراً من يخون مبادئ وأهداف ثورتي أكتوبر ونوفمبر، لذلك من وقف مع العدوان واستدعى الاجنبي وتحول إلى اداة محلية هم من طبقات الخونة الذين ساعدوا بريطانيا في احتلال وطنهم ، وإن كان هناك من وقع في فخ الإغراءات المالية من بعض أحفاد الثوار فان ضعف أولئك امام الإغراءات المالية سيزول عندما يدركون انهم فرطوا في تاريخ اجدادهم الثوار الابطال الذين هزموا إمبراطورية الاحتلال البريطاني وكسروا شوكتها وهزموها شر هزيمة ..
اليوم المحتل يحاول تكرار سيناريو الماضي، ولكن انكشفت كافة مؤامراته واجندته الاستعمارية في المحافظات الجنوبية ، واصبح محاصراً بين وعود قيادتنا الثورية والعسكرية بتحرير كامل الارض اليمنية ودحر الغزاة والمستعمرين من ارجاء اليمن، ارضها وبحارها وجزرها وسمائها ، وبين تصاعد الرفض في الشارع الجنوبي للاحتلال ، ولعل الحراك المناهض للاستعمار الاجنبي الذي تقوده قبائل المهرة خير دليل على صحوة ابناء المحافظات الجنوبية ورفضهم للاحتلال بكافة اشكاله ، وعما قريب سيجد المحتل نفسه منبوذاً في ارض لا تقبل الغزاة والمستعمرين وسيرحل منكسراً كما رحلت بريطانيا منكسرة في الثلاثين من نوفمبر ٧٦ ، كما سترحل مشاريعها الاستعمارية برحيل المستعمر».