في وداع الوزير والثور

يكتبها اليوم / أحمد يحيى الديلمي

أحمد يحيى الديلمي

 

 

* محمد محمد الوزير
الأخ العزيز محمد محمد إبراهيم الوزير من الشخصيات المعروفة والوجاهات الاجتماعية إلى جانب كونه رجل أعمال، فلقد انتقل من مقعد العلم إلى كرسي الغرفة التجارية ليصبح عضواً فيها، ويتعاطى مع هذا القطاع بإحساس مرهف ومسؤولية معروفة، الرجل انتقل إلى رحمة الله تعالى وقد اكتسب معزة خاصة لدى كل من عرفه، والدليل على هذا كثافة الحضور أثناء تشييعه إلى مثواه الأخير، كانت الأفواه تُثني عليه وعلى أدواره طوال الطريق من المسجد إلى مثواه.
في تلك الأثناء تذكرت حادثة مؤلمة حدثت للرجل ونغصت حياته وتجارته، الرجل تقدم – مثله مثل الآخرين – في مناقصة أعلنتها المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي لتوريد كمية من الورق، وهو متمرس في هذا الجانب وتقدم ضمن من تقدم وبعد أن تم فحص المظاريف وجدت الهيئة الفاحصة أن سعره مناسب والمادة التي سيقوم بتوريدها مطابقة للمواصفات فرجحوا أن يكون هو الفائز، عند ذلك قامت قيامة الأخ عبدالوهاب الآنسي، وكان يومها نائباً لرئيس الوزراء في الحكومة الثلاثية، استغل منصبه وبدأ يعصف بمدير عام المؤسسة الأخ عباس أحمد المنصور وأقام الدنيا ولم يُقعدها بحجة أن الرجل تعاطف مع المرحوم لأن الإثنين هاشميان، أوردت هذه القصة ليعرف الناس كيف كانت تُدار الأمور وكيف أن الرجل أراد أن يفرض الجيل الجديد بفارق سعر يصل إلى 80 ألف دولار على الآخرين بحجة أن البائع والمشتري ملكيان، اللطيف أن المرحوم محمد الوزير لقي عبد الوهاب الآنسي وقال ” أنا ثوري منذ أن خرجت من بطن والدتي أين أنت حين قامت الثورة ” فأصبحت نكتة يتداولها الناس للتأكيد على أن الثورة تحولت إلى مطية لدى البعض لخدمة المصالح والمكاسب، وهي العادة السيئة التي لا نزال نشكو منها لأن البعض لا يفرق بين كونه تاجراً أو أنه تقلد منصباً في الدولة يريد أن يسخر المنصب لخدمة مصالحه الذاتية، وهي عاهة خطيرة نرجو الله أن نتخلص منها، رحم الله الأخ محمد الوزير فلقد عاش حياة حافلة بالنشاط وأسكنه فسيح جناته وعزاؤنا لأولاده وذويه .
* عبد الملك حسين الثور
الأخ عبدالملك حسين الثور رجل الأعمال المعروف الذي تدرج في المهنة من منطلق الوراثة، كون أسرة بيت الثور أسرة تجارية معروفة، مع ذلك بدأ حياته العملية كأول موظف في البنك اليمني للإنشاء والتعمير، وظل في البنك حتى أصبح أميناً للصندوق، فأبلى بلاء حسناً في المهنة خاصة أن البنك اليمني للإنشاء والتعمير كان الوحيد آنذاك وكان الناس يتهافتون عليه باعتباره الملاذ الوحيد للتُجار ورجال الأعمال وحتى أصحاب المدخرات، كلهم كانوا يلجأون إلى البنك اليمني، وكان الأخ عبدالملك وجهاً مألوفاً ومعروفاً عند الجميع، حيث كان الكثيرون لا يعدون النقود وعندما يجد زيادة يردها إليه في اليوم التالي، وقد شاهدت ذلك بنفسي، فكان بالفعل رجلاً مؤتمناً، أذكر أن أحدهم وهو من التجار الكبار أراد أن يختبره فتعمد أن يضع زيادة فوق المبلغ المطلوب خمسين ألفاً في تلك الأيام، أوقف الرجل كل شيء بعد عد النقود وذهب إلى منزل المودع ليُعيد له المبلغ، هكذا كان سلوك الكثيرين وهكذا كانت القيم التي ورثها الأخ عبدالملك خاصة والكثير من أمثاله، فالناس كان يردعهم الخوف من الله قبل العقاب من البشر، وحتى حينما تحول إلى مهنة الصرافة بعد أن فُتِحَ المجال أمام البنوك التجارية وأصبح البنك اليمني مجرد منافس لم يعُد يحظى بالرعاية والدعم من الدولة، تحول إلى وكيل لكثير من التجار والشركات وأصحاب الأعمال، وكان أيضاً سخياً يُنفق المال بسخاءٍ ويتعهد الفقراء والمحتاجين بالذات ممن يعرفهم من أهل صنعاء القديمة من الأُسر التي جار عليها الزمن وأصبحت تتكفف بعد أن كانت في وضع مناسب، كان دائماً يُردد حديث الرسول الأعظم – صلى الله عليه وآله وسلم ( ارحموا عزيز قوم ذُل وغني قوم أفتقر )، وهكذا عاش الرجل وودع الحياة بنفس المستوى من النقاء والطُهر، رحم الله الفقيدين وأسكنهم فسيح جناته، والعزاء لكل أبنائهما وأحفادهما وذويهما، إنا لله وإنا إليه راجعون ..

قد يعجبك ايضا