الكشف عن مجزرة سعودية مروعة على الحدود اليمنية
مقبرة جماعية لعشرات الضحايا الأفارقة قضوا على يد حرس الحدود السعودي
الثورة /
في واحدة من جرائم النظام السعودي المخفية، كُشف أمس عن صور تفضح المنهجية الدموية في التعامل مع الآخرين.
الصور كشفت عن مقبرة جماعية تضم عشرات الضحايا الأفارقة ممن قتلهم حرس الحدود السعودي.
وأظهرت مشاهد قناة المسيرة، قيام حرس الحدود السعودي بتصفية عشرات المهاجرين الإثيوبيين، وتصوريهم قبل لحظات من إعدامهم.
الأمر يبلغ مستوى الدموية غير الطبيعية عند معرفة أن تنفيذ هذا الفعل غير الإنساني تعمد البشاعة من جهة، والاستخفاف بالدماء من جهة أخرى وهو ما بينته شهادات بعض الناجين من هذه المجزرة.
إذ أكد أفارقة ناجون من المجزرة قولهم إن الجنود السعوديين تعمدوا صعق عشرات المهاجرين الإثيوبيين بالكهرباء في غرفة جمعوا فيها.
فيما أشار أحد الناجين إلى أن حرس الحدود السعودي كان يطلق النار مباشرة، وغالباً ما يستخدم مدافع الهاون للقضاء على تجمعات المهاجرين.
والأبشع من ذلك أن يتحول القتل وجبة يومية يمارسها الجنود السعوديون بدم بارد بلا وزاع من ضمير، وأكد مهاجرون إثيوبيون أن حرس الحدود السعودي يقتل يومياً قرابة 5 مهاجرين على الحدود ويجرح أضعافهم.
مجزرة الرقو
ولا يزال العالم يتذكر الجريمة النكراء لحرس الحدود السعودي بقتل وتعذيب 25 مواطناً يمنياً في منطقة الرقو بمديرية منبه الحدودية محافظة صعدة في مايو الماضي، حيث أظهرت التقارير الطبية أن سبب وفاة العمال ناجم عن التعذيب بالأسلاك الكهربائية.. وقد أثارت الجريمة ردود فعل غاضبة استنكرت الجريمة التي تعتبر انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان وتضاف لسجل جرائم العدوان بحق الشعب اليمني.. والتي كشفت بشاعة الأساليب المستعملة، وتأسيسها بشكل ممنهج، معتبرة إياها من الجرائم ضد الإنسانية التي تتنافى مع كل الشرائع والقوانين الوضعية، والتي لن تسقط بالتقادم.
كما اعتبرتها انتهاكا جسيما للقانون الدولي والإنساني الذي يجرم الاحتجاز التعسفي والتعذيب.. مستنكرة إمعان العدو السعودي في سفك الدم اليمني بمختلف الوسائل، سواء بالغارات وبالقذائف الصاروخية والمدفعية وكذلك التعذيب حتى الموت.
وحمّلت الأمم المتحدة ومنظماتها مسؤولية الجرائم التي يرتكبها النظام السعودي بحق اليمنيين في ظل صمت دولي مطبق، داعية المنظمات الدولية ومجلس حقوق الإنسان إلى التحرك الجاد وفتح التحقيقات بشأن كافة جرائم العدوان.
وفي سبتمبر الماضي كشف وسائل إعلام موالية لتحالف العدوان مقتل وإصابة العشرات من المهاجرين على يد الجيش السعودي في إحدى المناطق الحدودية أثناء ما كانوا في طريقهم لدخول السعودية.
وذكر المصدر، وهو أحد الناجين أن سبعة أشخاص من المهاجرين قتلوا رميا برصاص أحد الجنود السعوديين. فيما تعرض الآخرون لاعتداءات وعمليات تعذيب مروعة تسببت للبعض منهم بكسور في الأرجل.
وفي احدى أشكال الدموية لدى الجيش السعودي، قال المصدر «أقبل جندي على متن مركبة عسكرية بعد الواحدة فجراً، وقال إنه من قوات الجيش السعودي… وبدأ بإطلاق نار كثيف ناحيتنا، كانت الرصاص تتطاير على مسافة قريبة من أعلى رؤوسنا وبجوارنا ما أسفر عن مقتل اثنين منا بطلقات نارية مباشرة في الرأس”.
وتابع هذا المصدر الناجي الإفادة بأن هذا الجندي طلب بعدها إخراج من أسماهم بـ «المهربين»، ثم «أمر أحدهما برمي الآخر في بئر متوسطة العمق بالقرب من مكان احتجازنا».. ويضيف الناجي «وبعد تنفيذه لعملية الرمي، وكنا نسمع صراخه من داخل البئر، أمر الآخر برمي نفسه بعد زميله، ففعل ذلك. ومن ثم أطلق نار كثيف إلى داخل البئر، لينهي صراخهما”.
وزاد: “بعد ذلك أمرنا هذا الجندي الانتظام في صفين، وقال لنا: أي شخصين غير متقابلين تماما سأقتلهما. وحين لاحظ اثنين ليس في مقابل بعض أطلق النار على أحدهما وأصابه في الفخذ. وتقدم الشخص الآخر الذي مقابل له يتوسل الجندي بعدم قتله كونه العائل الوحيد لأسرته. وبينما هو جاثم على ركبتيه أسفل قدمي الجندي السعودي أطلق عليه ثلاث طلقات نارية أودت بحياته في الحال”.
وقال: إن “الجندي السعودي أمرنا بعد ذلك بالانسداح على بطوننا في الإسفلت، وأمر أحدنا برفع حجر وزنها ما يقارب 50 كيلوا جراما، ولم يستطع رفعها لثقلها، فصوب الجندي سلاحه ناحيته فرفعها إلى مقابل صدره، فأمره برميها على أحد الذين كانوا في مقدمة الصف. غير أنه رفض ذلك”.
واستطرد: “أعاد الجندي السعودي هذا الشخص الذي رفض رمي رفيقه بالحجر إلى مقدمة الطابور وقال له سأقتلك فيما بعد. ومباشرة عرض الجندي على من يستطيع أن يحمل الحجرة ويرمي بها أصحابه في الأرجل بإطلاق سراحه ليعود إلى أهله سالما، غير أن أحداً لم يرد عليه، فاختار المهاجرين غير الشرعيين.
وأضاف: “نفذ هذان الشخصان أوامر الجندي بحمل الحجرة ورميها على مفصل القدم مع الساق، للأشخاص الذين هم في مقدمة الصفوف، وهدد أي شخص سيصرخ بالقتل”.
كما ذكر المصدر، أنه “قبل أن يصلا راميي الحجر إلى منتصف مهمتهما، كان يبدو عليهما التعب فأمرهما الجندي بالانسداح وأوكل المهمة لشخصين آخرين. وعند الانتهاء، أمر الشخص الذي رفض رمي الحجر سابقا برميه على الشخصين الآخرين الذين انتهيا من رمي الحجر، فنفذ ذلك، قبل أن ينفذ الجندي نفسه رمي الحجر عليه”.
وقال: “بعد ذلك أمرنا الجندي أن نستقيم على الرجل المهشمة لمدة خمس دقائق، إلا أن أغلبنا لم يستطع الوقوف. بعدها منحنا دقيقتين للعودة إلى الحدود اليمنية ومن لم يستطيع سيطلق عليه النار. وهو ما أدى إلى تدافعنا وأغلبنا يجري برجل واحدة، باتجاه المنفذ الوحيد الذي دخلنا منه، وهو عبارة عن فتحة في الشبك (الحاجز) الحدودي تتسع لشخص فقط للدخول أو الخروج منها، وأزيز الرصاص فوق رؤوسنا أصيب خلالها واحد منا وحمله اثنان من الأرض إلى الأراضي اليمنية ليفارق الحياة بعد أقل من نصف ساعة جراء النزيف. إضافة إلى المصاب السابق الذي أطلق عليه الجندي رصاصة في الفخذ”.
كما أفاد المصدر، أن الجندي السعودي أمر المهاجرين بأخذ جثث القتلى معهم، وكانوا ثلاثة أشخاص، فحملوهم حتى وصلوا بهم إلى منطقة يمنية على الحدود وفيها توجد مقبرة، فتركوهم هناك، مع الشخصين المصابين اللذين توفيا بسبب النزيف، برفقة بعض الأشخاص الذين يعرفون أسرهم لكي يبلغوهم بمصير أبنائهم ليقرروا إما نقلهم أو دفنهم في تلك المقبرة التي تضم عشرات المهاجرين غير الشرعيين الذين لقوا المصير ذاته.
وأوضح المصدر، أنهم عبروا مشيا على الأقدام من الحدود حتى مدينة صعدة على مدى يومين، وجرى بعدها إسعاف العديد منهم ممن إصاباتهم حرجة إلى مشافي صعدة. فيما آخرين أخذوا مهدئات وواصلوا السفر إلى صنعاء وهناك تلقوا العلاج اللازم في المستشفيات بمساعدة أقاربهم، ويحتاج بعضهم إلى تدخل جراحي وزراعة مسامير وصفائح لتثبيت عظام الساق.
وفي ديسمبر من عام 2019، قتل حرس الحدود السعودي بالرصاص ثلاثة مهاجرين أفارقة وأصيب آخرون، في سوق الرقو بمديرية منبه الحدودية التابعة لمحافظة صعدة.
وكانت هذه الجريمة هي الثانية خلال أسابيع، ففي نوفمبر من نفس العام قتل 10 مهاجرين وأصيب العشرات بهجوم عسكري في ذات المنطقة، جراء قصف مدفعي سعودي بحسب تأكيدات أممية وتقارير إعلامية.
إقرار دولي
هذا وكانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نددت بالجريمة التي ارتكبها حرس الحدود السعوديون بحق المهاجرين الأفارقة وكذا المهاجرين اليمنيين على الحدود اليمنية، واتهمت المفوضية السلطات السعودية باستهدافها المهاجرين الأفارقة بشكل مباشر على الحدود مع اليمن بهدف قتلهم.
وكشفت المنظمة- من خلال تقرير لها- عن قيام فرقها بتسجيل 9 مجازر ارتكبتها السلطات السعودية وأودت بحياة أكثر من 189 مهاجراً وإصابة نحو 535 شخصاً آخر.
وأشارت إلى أن اللاجئين الأفارقة قد تعرضوا شمال صعدة إلى الاستهداف المباشر من قبل حرس الحدود السعودية بالمدفعية والرشاشات الثقيلة. كما رجحت المنظمة أن تكون أعداد الضحايا أكثر بكثير من ذلك، وذلك على الرغم من اتفاق الهدنة إلا أن القوات السعودية واصلت ارتكاب جرائمها خلال الأشهر الماضية، وبينت أن 7 آلاف أسرة يمنية تمثل 43 ألف فرد، نزحت منذ مطلع 2022. وكشفت منظمة إنسان للحقوق والحريات في اليمن عن قتل حرس الحدود في السعودية 7 عمال مهاجرين يمنيين في منفذ الرقو بمدينة صعدة.
وقالت المنظمة في بيان إن وفاة العمال المروعة كانت ناجمة عن التعذيب بأسلاك كهربائية، كما أثبتت تقارير طبية، وذكرت أن اعتداءات المهاجرين باتت من الجرائم المتكررة للنظام في السعودية، مبدية خوفها على آلاف العمال بمراكز الاحتجاز في الرياض.
ولفتت المنظمة في تقريرها إلى تزايد انتهاكات حقوق الانسان من قبل القوات السعودية ضد المهاجرين في اليمن في ظل ارتفاع أعداد المهاجرين الوافدين. وأشارت إلى أنه في العام الماضي ، دخل حوالي 27700 مهاجر أفريقي إلى هذا البلد من شرق اليمن ؛ كان هذا العدد 138 ألف شخص في عام 2019 ، وانخفض بشكل ملحوظ.
و يقوم حرس الحدود السعوديون بفتح النار على المهاجرين الأفارقة ما يسفر عن وقوع قتلى وإصابات بالعشرات. وفي شمال البلاد، أفاد وكلاء المنظمة الدولية للهجرة والمجتمع المحلي بأن أكثر من 1000 مهاجر هذا العام – بمن في ذلك نساء وأطفال – سقطوا بين جريح وقتيل بسبب الهجمات والاستهداف المتعمد على الحدود من قبل قوات الأمن السعودية. ويتلقى المئات من المهاجرين شهرياً العلاج من إصابات أعيرة نارية في مستشفى تدعمه المنظمة الدولية للهجرة بالقرب من مدينة صعدة الحدودية. وبالنسبة للناجين، فقد يفقد البعض أطرافهم ويصاب البعض الآخر بالشلل. وفي مارب – على بعد حوالي 25 كيلومتراً من إحدى خطوط المواجهة – يوجد نحو 4,500 مهاجر تقطعت بهم السبل في المدينة المتضررة من الصراع، وأضحوا غير قادرين على مواصلة رحلتهم أو العودة.
من جانبها عبرت رئيسة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين “كريستا روشينر” عن قلقها في هذا الصدد: “إننا قلقون بشكل متزايد بشأن سلامة الذين يعبرون الأراضي اليمنية، لأن فرقنا تتعامل كل يوم مع المهاجرين المصابين بسبب النزاع أو الذين ضلوا طريقهم في منتصف الرحلة».
و يعاني المهاجرون الأفارقة الهاربون من ظروف صعبة في بلادهم من رحلة محفوفة بالخطر، إذ غالباً ما يعبرون مناطق يحتدم فيها الصراع ويواجهون انتهاكات جسيمة مثل الاحتجاز في ظروف غير إنسانية، والاستغلال، والنقل القسري إلى خارج مناطق السيطرة. و تتعرض الفتيات و النساء غالباً للعنف و سوء المعاملة و الاستغلال على أيدي المهربين و المتاجرين بالبشر.
وكانت منظمة الهجرة الدولية قد أكدت في يوليو الماضي، ارتكاب القوات السعودية تسع مجازر بحق المهاجرين على الحدود اليمنية، أودت بحياة 189 مهاجراً وإصابة 535 آخرين.