لم يأت إعلان الجزائر الذي انبثق عن الدورة الحادية والثلاثين للقمة العربية التي استضافتها الجزائر بأي جديد يبعث على التفاؤل في ظل سواد العروبة الحالك الذي يخيم على المنطقة العربية نتيجة المخططات الأمريكية والصهيونية التي تستهدفها وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، رغم أن الإعلان أفرد لها حيزا من مضامينه، تضمن قرابة ست نقاط توزعت مضامينه بين التأكيد والتشديد والمطالبة والإشادة، غالبيتها تم استهلاكها والتطرق إليها خلال القمم العربية السابقة دون أن ترى النور حيث يتم تكرار التوصيات والمخرجات الإنشائية التي تجف قبل الحبر الذي كتبت به، والغريب في هذه المضامين أنها تجاهلت مؤامرة التطبيع التي تحاك ضد فلسطين والقضية الفلسطينية برعاية أمريكية والتي تديرها السعودية والإمارات وسقطت في وحلها البحرين والسودان والمغرب وسط تحركات مكثفة لجر المزيد من الأنظمة العربية إلى مستنقع التطبيع والتصهين من خلال ما تسمى بـ”بصفقة القرن”.
إعلان قمة الجزائر أكد على ما أسماه مركزية القضية الفلسطينية ودعم حق الشعب الفلسطيني في الحرية وتقرير المصير وتجسيد دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على خطوط 4 حزيران 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية، ودعم العودة للاجئين وتعويضهم وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948م ، وهو ما يتعارض مع مضامين صفقة القرن التي يسعى الأمريكي والسعودي والإماراتي لفرضها كأمر واقع ، كما أكد الإعلان على التمسك بما أسماها مبادرة السلام العربية لعام 2002م بكافة عناصرها وأولوياتها ،والتزامنا بالسلام العادل والشامل كخيار استراتيجي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكافة الأراض ي العربية، بما فيها الجولان السوري ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا اللبنانية، وحل الصراع العربي الإسرائيلي على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام والقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، رغم أنه ثبت عمليا أن الكيان الصهيوني لا يريد السلام وسبق له أن رفض هذه المبادرة غير المنطقية التي تشرعن للاحتلال وتقتطع مساحة واسعة من الأراضي الفلسطينية .
والمضحك في إعلان قمة الجزائر التشديد على ضرورة مواصلة الجهود والمساعي الرامية لحماية مدينة القدس المحتلة ومقدساتها في حين يتم تهويدها بأدوات عربية على مرأى ومسمع العالم أجمع وفي مقدمته الدول العربية ، وما تقوم به السعودية والإمارات والبحرين وبقية أنظمة العمالة والخيانة والتطبيع والتصهين خير شاهد على ذلك ، ومن المضحك في إعلان الجزائر المطالبة برفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة في الوقت الذي تشارك فيه أنظمة عربية في حصار أبناء قطاع غزة وتضييق الخناق عليهم والمشاركة في استهداف عناصر المقاومة الفلسطينية، والغريب في الإعلان التأكيد على دعم توجه دولة فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ودعوة الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين للاعتراف بها، في وقت كان الأحرى أن توجه القمة الدعوة للأنظمة العربية التي أعلنت التطبيع مع العدو الصهيوني للتراجع عن هذه الخطوة وتعليقها، دون الحاجة للتسويف والكلام الإنشائي الذي يندرج في سياق الاستهلاك المحلي والدعاية الإعلامية
آخر تقليعات إعلان قمة الجزائر الإشادة بما أسماها الجهود العربية المبذولة في سبيل توحيد الصف الفلسطيني، ولا أعلم عن أي جهود يتحدث ؟!! وغالبية العرب هم من يعملون على توسيع هوة الخلاف والتباين بين أبناء الشعب الفلسطيني، ولا يزال العديد من قيادات حركة حماس رهن الاعتقال لدى السلطات السعودية، ولا تزال حملة التسريح القسري للفلسطينيين مستمرة من قبل السلطات الإماراتية، ولا تزال السجون والمعتقلات الأردنية تعج بعشرات المعتقلين الفلسطينيين، ولا تزال المؤامرات تتوالى على فلسطين والفلسطينيين الواحدة تلو الأخرى من قبل أبناء جلدتنا الذين فضلوا اليهودة والتصهين على العروبة والإسلام وباتوا يشكلون مصدر خطر عليهما .
بالمختصر المفيد، قمة الجزائر عبارة عن تقليد سنوي يقول فيه العربان ما لا يفعلونه على أرض الواقع، حالهم حال المرجئة، لذا لا تعول الشعوب العربية على هذه القمم ، ولا ترى فيها أي فائدة أو جدوى سوى إهدار المال والوقت فقط، والأمل بعد الله في دول محور المقاومة في الانتصار لفلسطين، الشعب والقضية والمقدسات والمقاومة ولا عزاء للمتخاذلين وأبواق الشقاق والنفاق وعملاء اليهودة والتطبيع والتصهين.
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله.