لعاب الغدر الدامي..!!¿

ملخص ما نشر في الأسبوع الماضي
في ذات اليوم الثاني السبت بعد إجراء المعاينة لمحل الواقعة والجثة بالمستشفى عاد الضابط المكلف العقيد عبدالسلام الحالمي ومساعده زكريا ردمان لمباشرة فتح محاضر جمع الاستدلالات والاستنطاق مع الأشخاص المشتبهين والمرسلين من أمن بني مطر وعددهم ستة أشخاص الأول والثاني منهم هما شقيقان ويدعيان صادق وأمين المغربي والاشتباه فيهما لأن والدهما كان بينه وبين والد المجني عليه خلاف وقضية نزاع على قطعة أرض قائمة ومنظورة لدى المحكمة والمشتبه الثالث منهم والذي يدعى باسم ثم الرابع ويدعى أحمد علي محمد أو المهندس وبعده الخامس واسمه وهبان وكذا السادس ويدعى عبدالملك لاشتباه فيهم لأنهم كانوا متواجدين أو بائتين ليلة الواقعة ويعملون في محلات متقاربة ومجاورة للمحل في السوق وبالأخص منهم المشتبه الرابع المدعو أحمد علي محمد (المهندس) الذي كان يعمل في المحل الثالث التابع لوالد المجني عليه وهو محل لبيع قطع غيار الدراجات النارية والهوائية وكان ينام في المحل الثاني لنفس والد القتيل والذي هو محل لبيع السراميك أو البلاط.. إضافة إلى مشتبه سابع تم إرساله من أمن بني مطر فيما بعد إلى المباحث ويدعى سامي وهذا بسبب تواجه ليلتها بالسوق أيضاٍ.. حيث تم فتح المحاضر مع كل من هؤلاء من قبل الضابط المحقق ومساعده وتم غربلتهم وفرزهم واحداٍ بعد الآخر وتحديد موقف كل منهم من خلال جمع التحريات والمعلومات الدقيقة عنهم بغرض تعيين من تدل عليه القرينة وتضيق الدائرة حوله واستبعاد منهم من تثبت براءته ويتأكد من ليست له علاقة.
وعن طريق ذلك ونتيجة لخبرة الضابط المحقق الحالمي وأسلوبه المتميز والمتمكن في تدوير وطرح الأسئلة على المشتبهين لا سيما في مثل نوعية هذه القضية التي هو بصددها واستنباط المعلومات من دواخلهم استطاع ـ أي الضابط ـ في نهاية المطاف أن يضيق الدائرة ويحصر الاشتباه في واحد من أولئك الأشخاص السبعة وهو المشتبه الرابع منهم والذي يدعى أحمد علي محمد أو ما يطلق عليه (المهندس) أحمد وهذا كان أحد العاملين لدى صاحب المحل والد المجني عليه ويشتغل مهندساٍ ميكانيكياٍ لإصلاح الدراجات النارية والهوائية وبحسب إفادات إخوان الشاب القتيل ووالدهم عنه (أي عن المشتبه المهندس) بأنه ليس من المنطقة ولم يكن يعرفه أحد من قبل وأنه وصل إلى منطقة سوق متنه قبل حوالي شهر ونصف حاملاٍ على كتفه جونية (شوالة) مليئة بمعدات وأدوات تابعة له وهي عدة الشغل وكانت حالته حالة وقال: إنه مهندس متمكن يقوم بإصلاح الدراجات بنوعيهاها النارية والهوائية وأنه يبحث عن عمل وعلى باب الله يسعى لطلب رزقه.. فرثوا لحاله ـ أي صاحب المحل وأولاده ـ وتعاطفوا معه وعرضوا عليه يومها من باب فعل الخير وكسب الثواب فيه أن يعمل لديهم في المحل الثالث التابع لهم والذي هو لبيع قطاع غيار الدراجات لأنهم فكروا ـ وهذا إلى جانب فعل الخير ـ أن يستفيدوا منه فيما لو قبلوه للعمل عندهم كمهندس للدراجات وذلك أن محلهم الثالث هو لبيع قطع الغيار وأنه حينما يأتي زبون (صاحب دراجة) لإصلاح دراجته لديه ـ لدى المهندس الغريب ـ وتحتاج الدراجة لقطع غيار سيلزم الزبون بشراء قطع الغيار من المحل.. وبذلك تتحقق الغايتان غاية فعل الخير وغاية الاستفادة منه كمهندس فكان منذ ذلك اليوم قبل فترة شهر ونصف أن عمل لديهم ـ كشاقي ـ في المحل الثالث وجعلوه ينام في الليل بالمحل الثاني (محل بيع السراميك) وهو المحل المجاور والملاصق لمحل بيع أدوات البناء (مكان الواقعة) وذلك لحراسة المحل من ناحية ومن ناحية أخرى كونه غريب يوفروا له مكاناٍ للمبيت والنوم وقد وثقوا فيه بحيث لم يطلبوا منه حتى بطاقته الشخصية وإبرازها لهم لمعرفة هويته واسمه ومن أي منطقة ومحافظة هو وتعاملوا بحسن ظن وطوية ولم يشكوا فيه يوماٍ ومنهم الشاب/كمال المغدور نفسه والذي كان ماسكاٍ لمحل بيع أدوات البناء “مكان الواقعة” ويقضي فيه معظم الأيام والليالي دون الذهاب للمبيت بالمنزل وكان يتعامل مع العامل “المهندس الغريب” كأنه أحد إخوانه الأكبر منه.. أو هكذا وردت إفادات إخوان المجنى عليه ووالده عن المهندس المدعو/أحمد علي محمد المشتبه الرابع.
وعلى ضوء هذه المعلومات حول المهندس المذكور أنتقل الضابط/عبدالسلام الحالمي وبصحبته مختصي الأدلة الجنائية في اليوم الثالث إلى منطقة متنة لمعاينة محل بيع البلاط “السيراميك” المجاور لمحل الواقعة والذي ينام فيه حسب ما قيل المهندس المشتبه.. ولما وصلوا إلى هناك ودخلوا للمحل “بعد فتحة بغرض معاينته وتفتيشه” كان أول ما وقعت عليه أعينهم بداخله هو وجود مفتاح مواصير حديد من النوع الثقيل كان موضوعاٍ على طاولة “ماسة” بجوار الجدار الغربي للدكانوعلى هذا المفتاح آثار حريق ومخلفات بلاستيكية تبين بفحصه مبدئياٍ وجود عليه أثار دماء فقاموا بتحريزه ثم عثروا على ما طور كهربائي كان محترقاٍ وكذلك على أشياء بلاستيكية محترقة إلى جانب الماطور وهو ما دلهم على أن هذه الأشياء مع الماطور قد أخرجت من محل الواقعة إلى المحل هذا الثاني كما عثر بالإضافة إلى ذلك على آثار وشواهد أخرى جعلت “مع ما سبق” الضابط المحقق يغير من ساعتها مسار التحقيق والرؤية في القضية ويركز بشكل حصري على المدعو/أحمد علي محمد المهندس كمتهم أساسي دون الآخرين بارتكاب الواقعة.. وقد عاد بعد الانتهاء من المعاينة للإدارة ليباشر فتح إعادة المحضر مع المتهم الأنف الذكر ومواجهته بالأشياء والقرائن المستجدة ضده وبطريقة جعلت الأخير يضعف ويصل إلى حد لم يعد قادراٍ على بتحريزه الاستمرار في الثبات ثم ينهار فجأة ويعترف قائلاٍ بما يكشف أنه الفاعل أو مرتكب الجريمة “القاتل” وراح بعد ذلك يسرد أمام الضابط المحقق تفاصيل الواقعة وأحداثها من بدايتها.. وكان مما أورده وأفصح به في اعترافه بآخر محضر أجري معه: أنه في تلك الليلة “ليلة الواقعة” وسوس له الشيطان وبدأ يفكر بالجريمة.. وذلك أنه في مساء ذات اليوم صادف أن حضر أخوة المجنى عليه واجتمعوا مع بعضهم والشاب المجنى عليه من ضمنهم وسمعهم أثناء ذلك يتحدثون عن عزمهم على شراء قاطرة لهم وشراء إطارات “تواير” لقاطرة وكذا شراء مواطير كهرباء وشاهدهم يخرجون “رزماٍ” مبالغ مالية ويقومون بعد تلك الرزم المالية وهي قيمة القاطرة والمواطير والإطارات التي ينوون شراءها فسال لعابة عندما رأى النقود في أيديهم وهم يعدونها وكان لأول مرة يشاهد مثل هذه الرزم والمبالغ المالية الكبيرة في حياته وبالقرب منه أمام عينيه ولم يكن قد رآها من قبل إلا في أفلام السينما أو على شاشات قنوات التليفزيون ولم يقدر على ضبط نفسه..وخيل له أنهم بعد انتهاء اجتماعهم وعدهم للرزم النقود كأنهم أخفوها في درج المحل “محل أدوات البناء” الذي فيه الأخ الأصغر الشاب/كمال وكان جلوسهم واجتماعهم بنفس المحل.. وقد ذهب الأخوة بعد الاجتماع ولم يبق منهم سوى الأخ المجنى عليه في المحل وهو دخل للجلوس المحل المجاور الذي يبيت فيه وعقله مشوش ووساوس إبليس اللعين تتملكه وبدأت تلعب به يميناٍ وشمالاٍ وبفعل هذه الوساوس تماثلت صورة رزم المبالغ المالية أمام ناظريه وأخذ يحلم وتزاحمت الأحلام في مخليته ثم أستغرق بالتفكير فيما لو أنه حصل على تلك الرزم المالية لا شك أنه سيحقق كل أحلامه, وسيحظى بكل ما حرم منه منذ طفولته وطيلة 27 عاماٍ التي مضت من عمره والتي لم يعرف خلالها غير الشقاء والعذاب والفقر المدقع.. تغلغل الشيطان بوساوسه ودغدغته في وجدانه حتى تمكن من التربع على عرش تفكيره وجعله ينقاد للاعتقاد أنه بإمكانه الحصول على ما يريد وتحقيق كل ما يتمناه وعليه فقط اغتنام الفرصة وضرب ضربته في الساعة المواتية لا سيما وأنه محل ثقة مطلقة ولن يشك أحد فيه ولن تتجه العيون إليه بعد التنفيذ واختمرت الفكرة برأسه واستقرت لتمسي قراراٍ نهائياٍ في قرارة نفسه عليه الإسراع بتنفيذه بنفس الليلة.
تم أنتظر حتى بعد وقت منتصف الليل وهو الوقت الذي يبدأ السوق خلاله يخلو من الحركة ويعم السكون فيه ومعظم أصحاب المحلات يذهبون لمنازلهم والبعض الآخر منهم يغلقون على أنفسهم أبواب محلاتهم ويخلدون للنوم بداخلها فخرج من محل السراميك وذهب للمحل المجاور حيث الشاب كمال “ابن صاحب المحل” ومكث يتحدث وإياه إلى أن وجد الفرصة لائحة له لما عزم عليه فسارع إلى أخذ مفتاح مواصير الحديد الذي كان بالقرب منه وفي متناول يده بالمحل وغافل الشاب وهوى يضربه به على رأسة ثلاث ضربات متتابعات وبقوة إلى أن أسقطة في مكانه وجعله ينزف الدماء وساكن الحركة والنفس وكان الشاب المجنى عليه أصغر منه بمقدار ليس أقل من عشر سنوات في عمره وضعيف الجسم والبنية فلم يستطع التحمل والمقاومة وتراءى له خلالها أن الشاب لفظ أنفاسه وصار جثة بلا روح فسارع إلى أخذ المفاتيح التي كانت بحوزته في جيبة ومنها مفتاح الدرج بالمحل وأتجه إلى الدرج لفتحه معتقداٍ أنه سيجد بداخله ما أرتكب فعلته بسببه ولكنه بعد فتحة للدرج لم يجد فيه غير رزمة نقود واحدة تقدر بأقل من مائة ألف ريال وهي من فئات ألف ريال وخمسمائة و250 و100 ريال فأخذها وقد تلطخت أوراق الرزمة بالدماء أثناء ذلك لأن يديه كانت مليئتين بهذه الدماء وهي من المجنى عليه ولم ينتبه هو لذلك.. ثم أعاد المفاتيح بعد إغلاق الدرج إلى جيب المجنى عليه وبعد ذلك قام بسحب ماطور الكهرباء الذي كان بجانب الباب ورفعه إلى فوق الطاولة “الماسة” الخاصة بالدرج وفتح أنبوب البترول الخاص به ليسيل البترول منه إلى أرض المحل وتركه خارجاٍ من المحل بعد إغلاق بابه من الخارج.. وأتجه إلى محل البلاط المجاور الذي ينام فيه وأنتظر هناك أكثر من ساعة ثم عاد للمحل وأشعل النار بداخله وكان سائل البترول المتفرغ من خزان ماطور الكهرباء قد أنتشر على أرض المحل وخرج هو على إثر ذلك مغلقاٍ الباب من الخارج بالهندراب وغرضه بإشعال النار في المحل هو إزاله وإخفاء معالم الجريمة وطمس أدلتها نهائياٍ ومنها الجثة وإحتراقها بالنار وعاد عقب ذلك إلى مكانه محل البلاط المجاور وقد أخذ معه مفتاح المواصير “أداة الجريمة” والذي فكر أن يتخلص منه بدفنه في أي مكان فيما بعد.. وظن بهذا أنه لن يحل ضوء الصباح في اليوم التالي إلا وكل ما بالمحل بالنار المشتعلة بداخله صار متحولاٍ إلى رماد أو إلى سواد فحم وأنه نجا بفعلته التي تغضب الله في علاه ونسي أن الله سبحانه مطلع على كل شيء وليس بغافل جلت عظمته ولن يقبل بالظلم وإزهاق روح بريئة دون كشف قاتلها وعقابه على جرمه.. ونسأل الله السلامة لنا ولأولادنا وشبابنا والهداية لكل ضال ونسأل تعالى حسن الختام والعاقبة المرضية في الدنيا والآخرة..

قد يعجبك ايضا