بدلا من العنف!

حسين محمد ناصر


 - من ليس معي فهو ضدي.. ذلك الشعار القديم الذي جعلته إحدى الدول الكبرى عقب الحرب العالمية الثانية: منهجا لها في تعاملها مع الآخرين ومنذ نهاية الحرب حتى اليوم لا يزال هذا الشعار حيا وباقيا في سياسة الكثيرين دولا وأفرادا.
من ليس معي فهو ضدي.. ذلك الشعار القديم الذي جعلته إحدى الدول الكبرى عقب الحرب العالمية الثانية: منهجا لها في تعاملها مع الآخرين ومنذ نهاية الحرب حتى اليوم لا يزال هذا الشعار حيا وباقيا في سياسة الكثيرين دولا وأفرادا.
وهو شعار يستهدف القضاء على الرأي الآخر وحرية الناس في اختيار المواقف والاتجاهات والأفكار التي يرون فيها قناعاتهم وحقهم الطبيعي في العيش في الحياة بحرية لا يحد منها ولا يوقفها إلا مسها وتطاولها على حرية الآخرين الذين منحهم القانون والدين ممارستها بقناعة تامة بضوابط شرعية واضحة لا يجوز القفز عليها بأي حال من الأحوال.
ونلاحظ اليوم في كثير من حواراتنا وكتاباتنا وبرامجنا الإعلامية أن هناك من لا يؤمن بحقك في إبداء الرأي الذي تريد وعرض القناعة التي ترى والحلول الممكنة لتجاوز هذه المشكلة أو تلك سياسية كانت أو اقتصادية أو ثقافية أو اجتماعية هو لا يريد حتى أن يكون لك نفس ولا حركة بل ولا تقوم لك قائمة.
يريد فقط أن يكون رأيه “أفكاره – اتجاهه” هو السائد في المحيط الذي يعيش بصرف النظر عن ما إذا كان هذا الرأي الفكرة – القناعة صائبة أم لا¿! وهو بهذا أسلوب وبهذه ممارسة يسحق حق الآخرين ليس بمعارضة الرأي فقط.. بل وحقهم أن يكون لهم رأي في الأساس.
وهو لا يأبه بمقولات حكيمة ترى أن الاختلاف سنة الحياة والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية والآيات القرآنية التي تدعو إلى الحوار والمجادلة بالتي هي أحسن..
لقد تعارف الناس والحكماء منهم أن لكل إنسان الحق في امتلاك الموقف والرأي الذي يريد طالما كان مكللا بالسلمية ونبذ العنف.. وهدفه بناء المجتمع المتطور الخالي من كافة أوجه الاستغلال والتمييز والعنصرية والظلم.. وحقه في تجسيد هذا الموقف والرأي بالوسائل المتاحة المحددة بالأنظمة والمنصوص عليها في القوانين والدستور.. وأن من حق الآخر معارضته ومحاورته والعمل على إقناعة وتغيير قناعاته بالرأي والحجة والبرهان ولا شيء غير ذلك.
والرأي الذي يستند إلى وضوح الحقيقة وقوة المنطق وصحة البراهين هو القادر على بلوغ مراميه وأهدافه لا ذاك الذي يعتمد على الترهيب أو الترغيب وسيلة للجم الرأي المغاير وقد أثبتت التجارب أن من يستند إلى القوة بشتى أنواعها وصورها لن يستطيع فرض الرأي والاتجاه الذي يريد له أن يسود المجتمع أو البلد.. حتى وإن استمر بفرضه سنينا ذلك لأن البقاء كما يقولون للأصلح لا للأقوى.
ومن البديهي أن يجد الرأي السليم أو الأكثر قربا إلى الصحة مقاومة شرسة في بداية ظهوره لكن هذه المقاومة سرعان ما تضعف أمام سطوع الرأي السليم “الجديد” ومعرفة الناس بصوابه وأحقيته في الانتشار والشيوع ليدحض أفكارا هنا وممارسة ظالمة هناك.
أما مرجع وأسباب تلك المقاومة لظهور الآراء الجديدة الصائبة فيعود إلى أسباب شتى ولعل أبرزها مؤهلات الناس ومستوياتهم الثقافية والدراسية وأعمارهم وتجاربهم في الحياة.. إضافة إلى الظروف والواقع المعاش وكذلك المصالح التي قد تبدو “أو هي كذلك” مستهدفة من ذيوع وتنامي هذا الفكر الرأي – الإيديولوجية – بين أوساط الناس واقترافهم وقناعتهم بها ومن ثم جعلها ممارسة ونمطا حياتيا يطبعهم بصفته ويصبح عنوانا لاتجاههم السياسي والفكري في المجتمع.
دعونا نتحاور بهدوء ويقبل كل منا الآخر بقناعة ولا بأس أن يقنعنا أحد برأيه إذا ما نثر كنانة أفكاره أمامنا وأفحمنا بمنطقه وأثبت أنه هو الأقرب إلى الصحة والصواب.. نعم نثر كنانة أفكاره لا أطلق أعيرة أسلحته.

قد يعجبك ايضا