سأل الإسكندر الكبير أحد القراصنة الذي وقع أسيراً لدى قواته: كيف تجرؤ على إزعاج البحر؟ كيف تجرؤ على إزعاج العالم بأسره ؟. فأجابه القرصان: لأنني أفعل ذلك بسفينة صغيرة، أُدعى لصاً، وأنت الذي تفعل ذلك بأسطول كبير تُدعى إمبراطوراً.
جواب القرصان يلخص بدقة كبيرة العلاقة الراهنة بين الدول الاستعمارية وعلى رأسها الولايات المتحدة، ومختلف اللاعبين الصغار على مسرح الإرهاب الدولي، كما يلقي الضوء على مفهوم الإرهاب الدولي في الاستعمال الغربي المعاصر .
هكذا قدم المفكر الأميركي نعوم تشومسكي لكتابه “قراصنة وأباطرة ـ الإرهاب الدولي في العالم الحقيقي” .
تتزعم الولايات المتحدة حلفاً من الدول الاستعمارية التي تمارس الإرهاب والقرصنة في مختلف أنحاء العالم، ويعمل هذا الحلف على شرعنة سياساته بأشكال مختلفة، منها توظيفه للمؤسسات الدولية المختلفة .
وما نتعرض له في اليمن، ليس سوى نموذج لسياسات إمبراطوريات الإرهاب والقرصنة واللصوص. ففي الوقت الذي تعتبر فيه قوى العدوان المدعومة من الولايات المتحدة أن دفع مرتبات الموظفين اليمنيين يعد أمراً أو شرطاً مستحيلاً، يعمل هذا الحلف بشتى السبل على نهب ثروات اليمنيين وحرمانهم من الحصول على أبسط احتياجاتهم المعيشية الأساسية .
فقطع مرتبات ملايين الموظفين اليمنيين يتسبب في حرمانهم من عدد من الحقوق الأساسية، فانقطاع المرتب يعني حرمانهم من الحصول على المواد الغذائية وتحويلهم إلى متسولين في انتظار ما تجود به المنظمات الإنسانية من سلال غذائية هي أدنى بكثير من حاجة الناس كماً وكيفاً .
قطع المرتبات يعني حرمان الناس من الحصول على الخدمات الطبية التي يحتاجونها، وحرمانهم من التعليم الذي ينشدونه لأبنائهم، وكذلك حرمانهم من السكن المستقر واللائق، وحقوق أخرى كثيرة مرتبطة بالمرتب .
فإذا كان صرف مرتبات اليمنيين أمراً مستحيلاً في نظر قوى العدوان المدعومة من الولايات المتحدة، فإن استمرار نهب وسرقة ثروات اليمنيين يجب أن يكون أمراً مستحيلاً، وهذا هو القرار الذي اتخذته القيادة اليمنية، وعبّر عنه قائد الثورة في خطابه عشية الذكرى الثامنة لثورة الـ 21 من سبتمبر. وهو القرار الذي استعد الجيش اليمني لتنفيذه على أرض الواقع . وهو يحظى بتأييد كافة اليمنيين في الشمال والجنوب، باستثناء الأدوات المحلية لقوى العدوان .
منع اللصوص من الاستمرار في نهب الثروات اليمنية لا يمكن اعتباره قراراً متهوراً أو متسرعاً، فهو قرار حكيم ومدروس جاء بعد ثماني سنوات من النهب المنظم، ومنح اللصوص فرصة كافية لمراجعة أنفسهم من خلال إطلاق عدد من التحذيرات المتدرجة .
حتى العملية العسكرية التي أعلن عنها ناطق الجيش مساء أمس، لا تزال في إطار التحذيرات المتدرجة، لكنها تبدو «التحذير الأخير»، وقد أعذر من أنذر.
لقد كان الإسكندر الكبير كما وصفه القرصان الأسير، قرصاناً بهيئة إمبراطور، لكنه بالتأكيد أقل بشاعة من قراصنة ولصوص عصرنا الحالي، فقد كان الإسكندر تلميذاً لأرسطو، بينما قراصنة اليوم تلاميذ للشيطان الأكبر.
aassayed@gmail.com