هل خرج العرب من التاريخ ؟!

عبدالله الأحمدي

 

 

التاريخ هو فعل متراكم للإنسان، يقود إلى الأمام. والتوقف، أو العودة إلى الخلف هو تراجع وتخلي عن الفعل والدور الريادي المتقدم.
كان للعرب مشروعهم المحمدي الذي انقلب عليه صبيان قريش، وافرغوه من مضمونه الاجتماعي، وحولوه إلى ملك عضوض، واستبداد غاشم، وجاهلية قبلية رعنا.
استمر هذا الطغيان إلى سقوط بغداد ( ٦٥٦ هجرية ) على يد التتار الذين لم يكن لهم مشروع سوى الغزو والنهب.
بسقوط بغداد خرج العرب من الفاعلية التاريخية، وتحولوا إلى شراذم قبلية وطائفية ومذهبية، يقتل بعضها بعضا.
وجاء الغزو الأوروبي والتقط هذا الخيط الممزق، وعمق الخلاف بين طوائف ومذاهب الأمة التي صنعها الاستبداد.
جرت محاولات لطرد المستعمر من قبل العسكر في منتصف القرن العشرين، ببث روح القومية، ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل، لأن المستعمر الغربي كان لها بالمرصاد.
هناك مشاريع في المنطقة تتنافس لاخضاع العرب وتدميرهم منها: المشروع الصهيوني التابع للغرب المتمثلة بدولة الاحتلال، والمشروع التركي القريب من الغرب أيضا. وهناك المشروع الإسلامي في إيران الذي يتكالب الغرب وأدواته في المنطقة على وأده.
في المشهد العالمي يقال إن الدول التي تفعل في التاريخ والحضارة هي الدول التي تمتلك مشاريع نووية أما تلك التي لا تمتلك مثل هكذا مشروع فقد ولت الأدبار وخرجت من التاريخ.
انظروا لهذا الغرب وأدواته كيف يحاربون أي دولة تريد الدخول في النووي.
العراق وليبيا مثال لذلك. كوريا الشمالية وبعدها جمهورية ايران يكافحان الضغوط الغربية من أجل الإبقاء على مشروعيهما.
العرب بعيدون عن كل مشاريع النهضة التي أساسها النووي.
الكاتب المرحوم محمد حسنين هيكل كان قد قال : ( إن العرب خرجوا من التاريخ مبكرين ) وبذلك اخلوا الساحة لمن هم أجدر بالفعل، وتحولوا إلى توابع للدول الغربية، رغم إمكانيات بعضهم المهولة.
والسبب افتقادهم للإرادة واستقلالية القرار، وعدم امتلاك التكنولوجيا الحديثة والكادر العلمي.
كان المرحوم طه حسين قد شرح حالة التخلف العربي بالقول الذي ينطبق على أمة الأعراب قائلا : ( إن الأمة التي تحارب الفقر بالدعاء، والجهل بالمناهج الدينية، والتخلف بالفتاوى، والفساد بخطب المنابر، وانقسام المجتمع بالمذهبية والتكفير. وتحارب البطالة بالزواج والإنجاب؛ هي أمة ميتة، وإكرام الميت دفنه )
العرب بلغوا قمة الكارثة في وضع مأساوي لا رجعة فيه؛ أرضهم محتلة، وثرواتهم منهوبة وكرامتهم مذلة، ولا صوت لهم إلا خدمة الاستعمار والصهيونية.
أموالهم مودعة، لاسيما أموال النفط في بنوك الغرب الكافر، ولا يستطيعون لها سحبا، حتى وإن احتاجوا لذلك.
أمة جهل وغباء وتطرف، ترهب بعضها بعضا، وتخدم الاستعمار الغربي. وتقدم له ما يريد بطبق من ذهب، حتى أولئك الذين كنا نعتقدهم نخبا ونسميهم طليعة، تشرذموا؛ عادوا إلى الطوائف والقبائل، وتناسوا كل ما كانوا ينادون به !!
أموال النفط في خدمة مشاريع التجزئة والتقسيم وخدمة الاستعمار، وتخريب الأجيال.
أصحاب النفط هم في مقدمة الطابور الذي يخدم أعداء الأمة، ويدفع المال، ويمول كل مشاريع الاستعمار ضد الأمة.
مقدسات الأمة تحت أقدام وهيمنة الاستعمار الغربي وكل ما يزهو به الحكام وحاشيتهم هو من صنع الغرب، ويشتريه العرب بأكثر من أثمانه.
ليس هناك من مؤشر للخروج من هكذا أوضاع مأساوية؛ وربما تمضي حقب كثيرة، حتى تخرج الأمة من هذا الدمار، إن كتب لها البقاء.
أوطان العرب سوق لكل منتجات ومباذل الغرب، ثقافة الغرب المبتذلة والرخيصة تعشعش في أذهان المواطن العربي. يتعمد الغرب تدمير الشباب العربي بنشر المخدرات والدعارة والدعوة للمثلية، وضرب كل قيم العزة والكرامة من أجل إبقاء سيطرته على العرب وثرواتهم واحتلال أوطانهم.
صنع الغرب الإرهاب والصقه بالعرب، ثم راح يطالب بالتعويضات عما أحدثه الإرهاب !!

قد يعجبك ايضا