تحتفل بلادنا مع باقي الدول العربية يوم 14 أكتوبر من كل عام بمناسبة “يوم البيئة العربي” الذي يوافق تاريخ صدور قرارات الاجتماع الأول لمجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة في 14 أكتوبر عام 1987م أي منذ 35 عاماً، وقد اعتمد المجلس في اجتماعه التأسيسي عدداً من البرامج لترجمة الإعلان العربي عن البيئة والتنمية إلى مجالات تعاون مشتركة، من بينها مكافحة التصحر، مكافحة التلوث الصناعي، نشر الوعي البيئي. وقد اتسعت اهتمامات المجلس خلال تلك الفترة لتشمل موضوعات التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر والاقتصاد الدائري وتغير المناخ وغيرها من الموضوعات التي تؤثر على جودة حياة المواطن العربي.
وفي هذا اليوم من كل عام تنظم الدول العربية والمنظمات العربية المتخصصة وشركاء المجلس الندوات والأنشطة والبرامج المختلفة لنشر الوعي البيئي ومناقشة أهم القضايا والتحديات البيئية في المنطقة العربية كما يتم اختيار موضوع رئيسي شعاراً للاحتفالات ، وقد تم اختيار شعار هذا العام بعنوان (معاً للتعافي الأخضر) بهدف إلقاء الضوء على الجهود التي بذلتها وتبذلها الدول العربية للتعافي من أثار جائحة كورونا، مع مراعاة الجوانب البيئية والتركيز على كفاءة استخدام الموارد الطبيعية وعرض الممارسات الأفضل في هذا المجال للاستفادة منها في تبادل ونقل التجارب الناجحة.
إن الاحتفال باليوم العربي للبيئة (14 أكتوبر) يتزامن مع احتفالات بلادنا بالذكرى الـ59 لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، ومن خلال عملي في المجال البيئي خلال ثلاثة عقود منذ تأسيس الهيئة العامة للبيئة في بلادنا فإنه يحز في نفسي تراجع مؤشر الأداء البيئي العربي، وذلك نتيجة عدم الالتزام بالقرارات والتوصيات الناتجة عن المؤتمرات والفعاليات العربية المشتركة.
يمر يوم البيئة العربي هذا العام، في ظل تغيرات بيئية عالمية وعربية، بسبب تغاضي دول عديدة ومنها الدول الصناعية الكبرى عن إعطاء الأولوية للبيئة وحمايتها، وخاصة خلال عملية النمو الاقتصادي الكبير والمتواصل، حيث بدأت دول كثيره تلمس الآثار الكارثية على البيئة، فنفايات المصانع ودخانها والمخلفات العشوائية للبنايات أدت إلى تلوث الهواء والمياه والتربة، حتى بات لا يمكن السير في شوارع في بعض المدن العالمية مثل بكين ودلهي والعربية مثل القاهرة، بدون كمامات، أو شرب المياه إلا معبأة أو باستخدام فلتر، وملاحظة الآثار البيئية والصحية الوخيمة التي أحدثها ويحدثها الاستخدام المكثف للمواد الكيميائية في الزراعة من مبيدات وأسمدة وبلاستيك، تنتشر فيها أمراض السرطان والتشوهات الخلقية بشكل متزايد.
كما يصادف يوم البيئة العربي هذا العام، في ظل ما يشهده العالم هذه الأيام من ظواهر متطرفة أو على الأقل ظواهر غير اعتياديه في حدتها وتوقيتها وصعوبة التعامل معها، وربما نكون قد شهدنا مثل هكذا ظواهر في الماضي، ولكن ليست بنفس الشدة والتكرار والأهم محاولة العلماء والباحثين والمختصين ربطها مع ظواهر مناخية بيئية ساهم الإنسان بشكل مباشر وغير مباشر في الوصول إليها، ومن أهم هذه الظواهر ما بات يعرف بظاهرة ” التغير المناخي”، أو “البيت الزجاجي” وانعكاساتها من خلال ارتفاع درجة الحرارة، وقلة الأمطار والتصحر، والتي ترتبط بشكل مباشر بالتلوث وبالأخص تلوث الهواء في الجو بما تبثه الأنشطة البشرية إلى طبقات الجو، مسببة تراكما لمواد كيميائية لم نشهدها من قبل.
وفي بلادنا أثر العدوان الظالم والحصار الجائر على كافة مناحي الحياة وعمل على تدمير ممنهج للبيئة اليمنية فالحفاظ على البيئة اليمنية من المفترض أن يكون هناك أولوية وطنية في خطط التنمية اليمنية والاقتصادية وفقا للرؤية الوطنية للعام 1444هـ.
وفي ظل هذا الواقع البيئي اليمني، فإننا نحتاج إلى تطبيق حازم للقوانين البيئية المتعلقة بحماية البيئة اليمنية خاصة قانون حماية البيئة للعام 1995م، وغيرها من القوانين ذات العلاقة بالشأن البيئي.
ونحن بحاجة أيضاً إلى تكثيف جهود كافة العاملين في مجال حماية البيئة اليمنية الرسمية أو الأهلية من أجل اتخاذ إجراءات عملية للحد من احتمال وقوع كارثة بيئية وصحية بعيدة المدى، خاصة في المحافظات التي تم استهدافها بقصف متكرر من قبل تحالف العدوان وذلك نتيجة الدمار الهائل للبنية التحتية وتلوث الماء والهواء والتربة واستنزاف الموارد الطبيعية المحدودة في معظم محافظات الجمهورية.
وهناك ضرورة ماسة إلى خطة عمل بيئية وطنية، تعتمد على الحقائق لتحديد متطلبات التدخل، وهذا يعني إجراء الفحوصات لعينات بيئية من كافة المحافظات اليمنية من خلال مختبرات مؤهلة، وإجراء دراسات تقييم علمي وموضوعي للأثر البيئي للمشاريع التنموية، وكذا من خلال تفعيل المراقبة والمتابعة لقضايا بيئية، من خلال تفعيل العلاقة والتواصل مع المواطن اليمني الذي هو الأساس في العمل البيئي.
وبهذه المناسبة، ندعو الجميع إلى العمل على تعزيز السياسات الخضراء في مختلف سلاسل الإنتاج حفاظا على مواردنا الطبيعية، وتعزيز الاستثمار في الموارد المتجددة تحقيقا لاستدامة هذه الموارد في ظل العدوان الظالم والحصار الجائر على بلادنا اليمن، الذي عمد الى استنزافها ونهبها وتلويثها، والوقوف صفا واحدا في وجه العدوان حماية للمشروع الوطني اليمني الحر. والتحرر من الوصاية والعيش في حرية وكرامة وأمن واستقرار.
مدير عام وحدة الإنتاج والوقود الأنظف بالهيئة العامة لحماية البيئة