مثلت الهدنة الإنسانية في اليمن، أول اختراق على مستوى تهدئة الحرب منذ اندلاعها عام 2015، والعدوان على الشعب اليمني، بمعنى يمكن القول إنها قد أسهمت عبر بنودها في تخفيف حدة القتال. هذه حقيقة، من زاوية معينة، لكنها لا تعني أن أطراف العدوان كانت، ملتزمة أو مغتبطة لسريان هذه الهدنة، أو حتى لاستمراريتها، وتمديدها والدليل ما آلت إليه الأمور اليوم، وما سجل خلال الأشهر المنصرمة من عمر الهدنة من غرف العمليات لرصد يومي لخروقات العدوان عبر طائرات التجسس واستحداث تحصينات قتالية، إضافة إلى القصف الصاروخي والمدفعي، وبالأعيرة النارية المختلفة لا غرو أن تعلن الأمم المتحدة، عدم التوصل إلى اتفاق بشأن تمديد الهدنة، ويعترف مبعوثها هانس غروندبرغ بهذا، وكأننا أمام نصف الحقيقة، بمعنى أن وصف الوضع، ولم يحمل أطراف العدوان مسؤولية عدم الوفاء بالالتزامات.
ووصول الهدنة إلى حائط مسدود، أما تأكيد غروندبرغ أن اليمنيين يحتاجون إلى إنهاء الحرب من خلال عملية سياسية شاملة وتسوية تفاوضية، فهذا كلام حق، لكن الممارسات على الأرض لا تشي، بأن أطراف العدوان بوارد أن ترضخ للمطالب المحب للشعب اليمني، أو أن الأمم المتحدة بموقع قوة يمكنها من فرض هذا.. أما ما عدا ذلك فانه لتصدير المواقف الإعلامية ليس إلا.
لقد حمَّل الوفد اليمني الوطني، غير مرة، خلال الأشهر الماضية، دول العدوان مسؤولية الوصول بالتفاهمات إلى طريق مسدود، جراء تعنتهم وتنصلهم من التدابير التي تخفف معاناة الشعب اليمني . ليس هذا فحسب بل أنه مارس أقصى درجات ضبط النفس تجاه، خروقات العدوان وذلك لإعطاء المزيد من الوقت للمداولات والجهود الأممية.
لكن الشيء أن مسار الهدنة، قد خرج عما هو مأمول منه، وتاليا أن عودته إلى مساره الطبيعي يتطلب التطبيق الصحيح لبنود الهدنة وفي مقدمة ذلك وقف العدوان، ورفع الحصار ودفع رواتب الموظفين، وهذه المطالب محقة ومشروعة، تسعى أطراف العدوان إلى الالتفاف على مضامينها، ولم تبدِ أي نية إزاء تنفيذ خطوات بناء الثقة، مع صنعاء.
والحال سواء مددت الهدنة وهذا أمراً مستبعداً، أو بقيت حالة اللاسلم واللاحرب إلى مدة منظورة، فان صنعاء على أتم الاستعداد لمواجهة كل الخيارات، وهي التي قبلت بالهدنة ليس ضعفا وإنما حقنا لدماء الشعب اليمني وتأكيد النية الصادقة نحو السلام، لكن أن يتم التنفيذ بشكل انتقائي فهذا غير قابل للصرف بالمعايير اليمنية الوطنية .
صحافي سوري