إنّ الاحتفال بمولد رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم أمرٌ مُهم وعظيم ومُقدّس، وتعبيرٌ وإظهارٌ وتبيينٌ لعلاقتنا برسول الله؛ التي هي علاقة إيمانية؛ علاقة محبة وإيمان وتعظيم وتوقير واهتداء واتباع واقتداء وفلاح؛ قال تعالى: (فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون)) وقال تعالى: ((لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر)) فالاحتفال بالمولد النبوي يربطنا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واستلهام روحيته وخلقه وجهاده، ومن خلال القرآن الكريم نتعرّف على رسول الله وعلى حياته المعرفة الصحيحة التي تفيدنا في مسيرتنا العملية والحياتية، فالقرآن الكريم هو الذي يعطينا المعرفة الكاملة الموثوقة بحياة رسول الله والمليئة بالدروس والعبر الكثيرة والمهمة، وأيضاً فإنّ الاحتفال بالمولد النبوي يكسبنا الوعي والبصيرة بأعدائنا وأعداء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويذكّرنا بوجوب تمسكنا بما جاء به رسول الله الذي أخرجنا من الظلمات إلى النور، واتباع نهجه القويم، والتزام سنته وسيرته العطرة في مختلف الأزمان والأماكن.
كما أنّ الاحتفال بمولد رسول الله دلالة على الابتهاج والاعتراف بمنّة الله العظيمة وفضله العظيم علينا كمسلمين وعلى العالمين أجمع؛ قال تعالى: ((قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون)) ويقول تعالى : ((وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين)) ، وهو مناسبة للحديث عن الرسول ومبعثه ومنهجه ورسالته والإشادة بذكره ((ورفعنا لك ذكرك))؛ والحديث عن واقع الأمّة وتقييمه، والتعبير عن الولاء لرسول الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله كأساس من أساسيات الإيمان، كما أنّ ذكرى المولد النبوي مناسبة جامعة يمكن أنْ تمثّل أساساً مهماً للوحدة الإسلامية، ومن خلالها يتم التذكير بالأسس الجامعة المهمة التي توحّد وتبني الأمة.
إنّ يمن الإيمان والحكمة بفضل الله تعالى – عبر الأجيال السابقة والحاضرة – يجعل من هذه المناسبة محطة سنوية لاكتساب الوعي، وشحذ الهمم، واقتباس النور، وتعزيز الولاء للرسول والرسالة، والتعبئة المعنوية ضدّ أعداء رسول الله؛ أعداء الحق؛ أعداء البشرية، وبالرغم من الجهود والمساعي والمؤامرات التي يبذلها الأعداء والوهابية والقوى الظلامية في تغيير هذه السجية الطيبة وهذا الانتماء الأصيل ليمن الإيمان والحكمة إلاّ أنهم بفضل الله تعالى ثم بفضل أئمة وأعلام الهدى وحكمة اليمانيين لم يفلحوا في تحقيق مساعيهم ومؤامراتهم الهادفة لإبعادنا وفصلنا عن نهج نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وسنته وسيرته ومبادئه وقيمه وخلقه العظيم؛ بل باءت وستبوء تلك المؤامرات الشيطانية بالفشل والخسران المبين عليهم في الدنيا والآخرة، كما أنّ معاناة شعبنا من العدوان السعو صهيو أمريكي الغاشم لم ولن تثنه عن الاحتفال بهذه الذكرى في كل عام وإلى أنْ تقوم الساعة إنْ شاء الله؛ لأنها مناسبة تربطنا بها وشيجة الإيمان، وتزيد الأحداث والتحديات من أهميتها، وفي هذه المناسبة العظيمة أيضاً نحظى بالاستماع لخطاب السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله؛ فهو يشدّنا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإلى حياته وتجسيد سيرته ومنهجه وجهاده وصبره واهتمامه بالناس؛ ولله در شاعر اليمن الكبير عبدالله البردوني القائل رحمه الله:
نحن اليمانين يا طه تطير بنا ** إلى روابي العلا أرواحُ أنصار