العدوان وفَائِضُ الوقاحَةِ والأكَاذِيب

افتتاحية الثورة

لم يكن ينقص وقاحة منظومة العدوان وهي تسرد مزايا الهدنة التي انتهت وامتيازاتها لليمنيين، إلا فائض الأكاذيب التي أطلقتها المنظومة حول الهدنة وما التزمت به من بنودها، لكأن الناس بلا ذاكرة قد نسوا انقلابات منظومة العدوان وانتهاكاتها وخروقاتها وتنصلاتها من الهدنة الأممية، وكأن الهدنة التي تستعرض المنظومة مزاياها قد نفذتها المنظومة بحذافيرها وبكل بنودها، ولولا المستوى العالي من الصبر وضبط النفس الذي مارسته صنعاء لما استمرت الهدنة عشرة أيام في شهرها الأول، فلم تتوقف منظومة العدوان عن الخروقات الأمنية والعسكرية، ولم تسمح لرحلة واحدة بالإقلاع من مطار صنعاء إلا بعد مرور شهرين، بدأت الرحلات وإلى وجهة واحدة فقط، وأمعنت في قرصنة سفن الوقود وبشكل متكرر.
ولم تعد الدعايات التي تسوقها منظومة العدوان عبر أبواقها ومرتزقتها وعلى ألسنة مبعوثيها وموظفيها ودبلوماسييها، وهي تحاول تضليل اليمنيين بحرصها على السلام وعلى الهدنة وعلى المرتبات، قادرة على إغلاق ما انكشف في مواقفها حين رفضت بشكل قاطع صرف رواتب الموظفين، ورفضت رفع الحصار المفروض على اليمنيين بل وذهبت للتهديد بتشديده كما جاء في البيان البريطاني قبل أيام، ولم تعد قادرة أيضا على تجميل ما انفضح حينما مارست سلوكا انقلابيا على بنود الهدنة التي انتهت يوم أمس الأول، حيث تفيض علينا أبواق منظومة العدوان ومرتزقتها وناطقيها ومبعوثيها وحشد السفراء بأكاذيب لا تنتهي، وتماثلها في ذلك قنواتها الإعلامية أو تسبقها، فيما تبدو قنواتها الدبلوماسية الأكثر تخمة في سلسلة الأكاذيب التي تبتدعها، وهي تطالعنا صباح مساء بسيل من التصريحات والتقارير والأخبار والدعايات، أغلبها ينتهي إلى ذات السرديات الزائفة التي تكشفها الوقائع وتفضحها السلوكيات، وهي تدعي حرصها على السلام وتتحدث عن المرتبات، وتحاول تبرير الحصار بمزاعم كاذبة وزائفة فيما تعمل على خلاف ذلك.
منذ اليوم الأول للهدنة التي بدأت في الثاني من إبريل وتجددت لمرتين متتاليتين لتنتهي يوم أمس الأول، مارست منظومة العدوان انقلابات وانتهاكات لبنود الهدنة رغم تواضع بنودها، ففي الميدان لم تتوقف منظومة العدوان عن الخروقات الأمنية والعسكرية واستمرت في القصف الجوي والتحليق والرصد، واستمرت كذلك في الزحوفات والقصف المدفعي والصاروخي مستهدفة المواطنين والجنود في أكثر من جبهة وعلى وجه أخص في جبهات الحدود.
وعلى نحو متزامن أمعنت سفن الحصار التابعة لمنظومة العدوان في احتجاز سفن الوقود عرض البحر، ومنذ اليوم الأول للهدنة مارست القرصنة والاحتجاز لكافة السفن التي اتجهت نحو الحديدة ضاربة بالهدنة عرض الحائط، بل وذهبت إلى فرض عقوبات على التجار المستوردين للمشتقات النفطية، وحاولت منعهم من استيراد الوقود اللازم للحياة الإنسانية في اليمن.
وفي الوقت نفسه رفضت تسيير الرحلات الجوية من مطار صنعاء، ولم تنفذ في بند الرحلات إلا بنسبة خمسين في المائة أو أقل من ذلك، فقد انتهت الهدنة يوم أمس الأول فيما لم يفتح خط القاهرة إلا لرحلة واحدة وكان من المفترض أن يستقبل أكثر من ثلاثين رحلة، قبل ذلك استمرت الرحلات متوقفة من مطار صنعاء حتى انقضت الفترة الأولى للهدنة حينما عملت منظومة العدوان مجتمعة وباستخدام مرتزقتها على وضع العوائق والتعقيدات من خلال إشهار مشكلة حول الجوازات الصادرة عن المركز الرئيسي للجوازات، مدعية بأن دولاً رفضت التعامل مع جوازات اليمنيين وسوقت تلك الكذبة الزائفة لتبرر تنصلها من تنفيذ بند الرحلات الجوية.
بل وأجبرت شركة الطيران الجيبوتية على التراجع عن تسيير رحلات جوية إلى مطار صنعاء بعد أن قدمت الشركة الجيبوتية طلبا إلى هيئة الطيران اليمنية في صنعاء بالسماح لها بتسيير الرحلات من وإلى صنعاء-جيبوتي، علاوة على إلغاء رحلات وتأجيل أخرى وبشكل متكرر.
وفي موضوع الطرقات مارست منظومة العدوان دجلا وتضليلا وقحا، فقد رفضت النقاش حول فتح الطرقات في عموم المحافظات اليمنية وحاولت حصره في تعز، وعلاوة على ذلك رفضت كل المقترحات والمبادرات التي قدمها الوفد الوطني المفاوض لفتح طرقات آمنة إلى تعز، والهدف من الإعاقة والتعنت والرفض للمبادرات والمقترحات هو إبقاء قضية طرقات تعز ورقة مناورة ومساومة تستثمر فيها منظومة العدوان لإطلاق دعاياتها التضليلية، ولتبرير تنصلها من تنفيذ بنود الهدنة الإنسانية، ووضعها كشماعة علقت عليها منظومة العدوان نكوصها وانقلاباتها على الهدنة، بل وحتى ساومت بقضية الطرقات مقابل ملفات إنسانية واقتصادية أخرى.
انتهت الهدنة يوم أمس الأول بانتهاء مدتها، وفشلت مفاوضات إعلان هدنة جديدة بفعل تعنت منظومة العدوان ورفضها المطلق والقاطع صرف رواتب كافة الموظفين في اليمن ومعاشات المتقاعدين، وبفعل رفضها المطلق رفع الحصار المفروض على موانئ الحديدة بل وإصرارها على محاصرة الشعب اليمني ومنع وصول الوقود والغذاء إليه، علاوة على رفضها توسيع عدد الرحلات الجوية من وإلى مطار صنعاء.

رواتب اليمنيين حقوق أصيلة ومكتسبة وأساسية، وهي لا تنتظر مِنّة ولا صدقة ولا هبات من أحد فهي حق من ثروات اليمن التي تنهبها منظومة العدوان ومرتزقتها يوميا وتذهب عائداتها إلى بنوك السعودية، وفيما كان الوفد الوطني يضع هذا الحق الأصيل لكل اليمنيين على طاولة مفاوضات الهدنة، كانت منظومة العدوان ومرتزقتها يعددون فضائل الهدنة السابقة، رغم أن المرتبات كانت ضمن إطار الاتفاق على تجديد الهدنة في نسختها الثالثة، ومع ذلك رفضت منظومة العدوان رفضا قاطعا صرف رواتب الموظفين، وفي المقابل روجت ادعاءات وأكاذيب وقحة حول المرتبات، لم تخرج عن نطاق الإصرار على الاجترار في الأكاذيب التي تدحضها وتفضحها السلوك والممارسة.
منظومة العدوان تكذب بما يفيض على مقدرتها في تذكر ما تكذب به، فهي وحين تسوق اليوم حرصها على السلام وحرصها على حياة اليمنيين ومرتباتهم، تنكشف بحشد هائل من الحقائق التي شهدها العالم، حينما انتهكت الهدن وانقلبت على بنودها وسعت إلى إعاقة تنفيذها وتنصلت من بنودها واخترقتها عسكريا وأمنيا وبشكل متكرر، ولم تسمح بممارساتها تلك التقدم بخطوة واحدة نحو مفاوضات سلام أو على الأقل لما يهيئ البيئة للتوصل إلى اتفاق سلام.
يكذب العدوان وأبواقه وناطقوه وسفراؤه ومبعوثوه بما يفيض على مقدرة الكاذبين في الأصقاع على الكذب، وعندما تصدمه ذاكرة الشعب اليمني التي يتوهمون قصورها، يتراكضون كالجرذان خلف الشعارات البراقة والزائفة التي يشهرونها، واليوم وهو يحاول إعادة تجميل ما انفضح وانكشف من مواقف بالدعايات الزائفة، كمن يحاول بثياب ممزقة ستر عوراته الفاضحة، رغم اليقين والثقة بأن لا دعايات وأكاذيب ستخفي ما بان وانفضح أمام العالم كله.

قد يعجبك ايضا