معادلة النفط والفقر هي معادلة سائدة في كثيرة من الدول المنتجة للنفط في العالم، وليست حكرا على اليمن والدول العربية وحدها.
المسألة مثيرة للعجب عندما تكون في دولة نفطية وشعبها فقير وجائع ، وليس لديه بنية تحتية قوية.
والمبكي والمؤلم في هذا كله أن تجد أزمة مشتقات نفطية، أو انعدام للغاز في هذه المحافظة، أو تلك من دولة نفطية.
وما هو أكثر إيلاما من هذا كله، أن تجد أسعار البترول والغاز في بلد الإنتاج أكثر بكثير وبأضعاف الأسعار في الداخل من الأسعار في الخارج.
المعادلة معكوسة؛ البلد المنتج يعاني، بينما البلد المستورد ينعم بالأمن والرفاه.
القضية معروفة للكثير من الناس؛ البترول والغاز تسيطر عليه الشركات الغربية العابرة للقارات، ومعها الشركات اليابانية والكورية الجنوبية.
الشركات الغربية هي التي تولت الاكتشافات النفطية، ثم الإنتاج وباتفاقيات مجحفة في حق أصحاب الثروات. معظم المسؤولين في البلدان النفطية سماسرة وعملاء لتلك الشركات المنتجة، يقبضون الرشاوى مقابل بيع الحقوق الوطنية؛ يبيعون ثروات البلاد بالعمولات التي تودع بأسمائهم في حسابات خاصة في البنوك الغربية.
بالمرة مسؤولو الدول المنتجة هم عبارة عن موظفين مطيعين لدى الشركات الغربية التي تقوم باستخراج النفط وتصديره وتكريره؛ والمواطن عليه أن يشم روائح المخلفات، ويكتوي بالملوثات الكميائية التي ترميها هذه الشركات، لتلوث بها الأرض والبيئة والنباتات.
في مملكة بني سعود تولت الشركات الأمريكية اكتشاف واستخراج النفط منذ ثلاثينيات القرن الماضي. والى ما قبل حرب ١٩٧٣م كانت تشتري البرميل بـ ٣ دولار فقط. أي أن هذه الشركات كانت وما زالت تنهب ثروات كثير من الدول بما يشبه المجان.
ما هو خاص بنا في اليمن، فقد قيل إن المهندس الأمريكي ( جون مارلين ) الذي اكتشف النفط في اليمن عاد بعد أربعين عاما إلى اليمن، ولما رأى حالة اليمن واليمنيين وما هم عليه من تخلف وإفقار هز رأسه آسفا وقال : ( ظننت أني سأجد الأرصفة من ذهب ). وضع النفط في اليمن هو أسوأ وضع من حيث الفساد، فقطاع النفط منهوب منذ بدء استخراجه وتصديره من قبل شركة هنت الأمريكية وأسرة عفاش والأسر المشيخية والتجارية المتحالفة مع نظام عفاش، وعلى رأس هذه الأسر؛ الأحمر وأولاده، وعلي محسن، وبيت أبو لحوم.
بعد حرب ٩٤ وسقوط مشروع الوحدة، وإقصاء الجنوب والاشتراكي من الحكم، حدثت فوضى إنتاج في مجال النفط، فقد كانت شركات تقوم بالإنتاج بدون عقود من الحكومة. ولا يعرف عنها أحد. هذه الشركات أدخلها المتنفذون وتعاقدوا معها مباشرة.
في اليمن حسابات النفط والغاز لا تدخل حسابات الحكومة إلا بالقليل. فهناك حسابات خاصة بعفاش وآخرين من المتنفذين، بل إن البلوكات تقاسمها المنتصرون على الشعب في حرب ٩٤.
أما الغاز فقصته عجيبة. توتال الفرنسية والشركة الكورية تشتريان الغاز بسعر التراب؛ المليون وحدة بـ ٣ دولارات.
أما متعهدو التصدير فهم كبار المشايخ وكلاء الشركات، فحميد الأحمر كان يأخذ عمولة دولار واحد على كل برميل يصدر. والحال كذلك لواحد اسمه إبراهيم أبو لحوم.
أما النقل فيتعهده واحد اسمه الحثيلي.
المقاولات من الباطن كان يقوم بها الولد محسن علي محسن، ابن الفاسد الأكبر الذي يتولى مع مليشياته فرض الحماية على الشركات النفطية، مقابل ملايين الدولارات سنويا.
بعد العدوان استولت دول العدوان على النفط اليمني، وباعوه لحساب البنك الأهلي السعودي، وبنك أبو ظبي. وما سقط عن التحالف يلتقطه المرتزقة.
ومؤخرا جاءت قوات الاحتلال الغربي ( بريطانيا، أمريكا ،فرنسا ) لتحتل منابع النفط اليمني، وتستولي عليه لتعوض نقص النفط والغاز الروسي.
وهكذا تذهب ثروات اليمنيين إلى جيوب اللصوص، وشعب اليمن يعاني من الجوع والحصار ونقص الخدمات.