أمريكا تستنزف روسيا أم العكس؟

محمد فؤاد زيد الكيلاني

 

 

العملية الخاصة الروسية في أوكرانيا مستمرة وتجاوزت الستة أشهر منذ بدايتها، لا يوجد منتصر ولا مهزوم في هذه العملية حتى هذه اللحظة، روسيا دولة كبيرة ومصنعة للأسلحة وتصدرها لبعض دول العالم، ومعلوم للجميع بأن روسيا منذ سنوات طويلة لم تخض أي حرب على أيّ دولة قريبة أو بعيدة، بينما أمريكا منذ الحرب العالمية الثانية وهي تخوض الحروب في جميع أنحاء العالم منها العراق وأفغانستان وغيرها الكثير، ربما هي داعمة الإرهاب في العالم من خلال الربيع العربي وغيره من الاضطرابات التي تحصل بين الدول والشرح عنها يطول طبعاً، وأمريكا في نفس الوقت تقوم بتصنيع الأسلحة وبيعها إلى جميع دول العالم.
الولايات المتحدة الأمريكية تقوم بدعم أوكرانيا بأحدث أنواع الأسلحة المتطورة من أجل استنزاف روسيا عسكرياً وبشرياً، وفي نفس الوقت تقوم بدعم أي دولة تشعر بتهديد على حدودها وعلى سبيل المثال لا الحصر الكيان الإسرائيلي، وهذه الاستراتيجية الأمريكية منذ عشرات السنين.
روسيا تعلن من حين إلى آخر بأنها قامت باستهداف مخازن أسلحة مصدرة إلى أوكرانيا قبل أن تقوم الأخيرة باستخدامها، وهذا يعتبر نصراً لروسيا وهزيمة لأوكرانيا وخسارة لأمريكا.
بات الدعم الأمريكي لأوكرانيا يضعف شيئاً فشيئا، فمنذ ستة أشهر من الحرب إلا أنهالم تحقق أي هدف في أوكرانيا كما كانت تعتقد أمريكا وتسعى إليه، ربما باتت هذه الأسلحة غير مفيدة في هذه المرحلة من عدة نواح منها بطء تصنيع الأسلحة، فهناك أسلحة تحتاج إلى أشهر كي يتم إنتاجها، والأسلحة الدقيقة بحاجة أيضاً إلى فترات طويلة لتصنيعها، يرى مراقبون بأن الدعم الأمريكي لأوكرانيا يمكن أن يتوقف في أي لحظة، أو دعم أوكرانيا بالأسلحة يحتاج إلى أقل تقدير لمدة عام ونصف العام، بينما روسيا مستمرة في التصنيع مما يجعلها سيدة الموقف في هذه العملية الخاصة.
تنوي الولايات المتحدة الأمريكية دعم تايوان عسكريا من خلال أسلحة متطورة لمواجهة غزو صيني محتمل، وهذا الأمر يزيد العبء على الخزينة الأمريكية، إذاً في هذه الحالة انتقلت العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا إلى حرب استنزاف بين روسيا وأمريكا على أراضٍ أوكرانية وربما نشهد هذا الموقف بين تايوان والصين، والداعم العسكري لهما واحد وهو أمريكا، باعتقادي بأن هذا الحمل ثقيل جداً على أمريكا التي بدأت تعاني من أزمة اقتصادية كما جاء في وسائل الإعلام الأمريكية.
ربما أي دولة يصبح عندها اضطراب على حدودها وتحتاج إلى أسلحة من أمريكا باعتقادي أنها سوف تعتذر عن تقديم الأسلحة لها لانشغالها بدعم أوكرانيا وتايوان وغيرهم، ولا تريد أن تفتح خطاً جديداً يصعب السيطرة عليه بعد هذه المرحلة غير المسبوقة التي نعيشها هذه الفترة، والذي من شأنه أن يستنزف المخزون الاحتياطي الاستراتيجي لأمريكا من الأسلحة، بعد أن أخذت العملية العسكرية منعطفاً جديداً وهي تجريب واستخدام أسلحة جديدة ومتطورة في الميدان (أوكرانيا مثلاً) كما يرى المراقبون.
هناك دول أوروبية اعتذرت عن تقديم أسلحة إلى أوكرانيا، بما أنها لم تر أي انتصارات أوكرانية على الأرض، وهناك دول أيضاً لم يعد باستطاعتها دعم أي دولة عسكرياً لشعورهم بأن الحرب ستمتد إلى حدودها وتريد الدفاع عن نفسها، خصوصاً بعد الدعم الأمريكي لأوكرانيا دون تحقيق أي هدف.
* كاتب أردني

قد يعجبك ايضا