ديننا يحرم ترويع غير المسلم .. فكيف بإخواننا المسلمين ¿¿
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من بعثه ربي معلماٍ ونسأل الله الهداية والتوفيق والسداد والرشاد وبعـد:
فإن من أجل نعم الله على عباده بعد التوحيد “نعمة الأمن” الأمن على النفس والأهل والعرض والمال فهي نعمة جليلة ومنة كبيرة وهي مطلب كل أمة وغاية كل دولة.
فنعمة الأمن كانت أول دعوة لأبينا الخليل “إبراهيم” عليه السلام حينما قال [رب اجعل هذا بلداٍ آمناٍ وأرزقه أهل من الثمرات] سورة البقرة فانظر رعاك الله كيف قدم خليل الرحمن نعمة الأمن على نعمة الطعام والغذاء لعظمها وخطر زوالها والله إن أشهى المأكولات وأطيب الثمرات لا تْستساغ ولا يكون لها طعم مع ذهاب الأمن ونزول الخوف والهلع.
فلا غنى لأي مخلوق عن الأمن مهما شرق أو غرب ومهما كسب مالاٍ أو عز في الأرض ورب العباد امتن على هذه الأمة المباركة المرحومة بإذنه تعالى “بنعمة الأمن” قال ربنا عز من قائل [واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون] الأنفال:26 وقال تعالى [ أو لم يروا أنا جعلنا حرماٍ آمناٍ ويتخطف الناس من حولهم .. الآية] ا لعنكبوت 67 وقال تعالى [ فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف] سورة قريش قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى [ لإيلاف قريش…..] أمرهم الله تعالى أن يعبدوه فهو رب هذا البيت وكانت لهم رحلة في الشتاء والصيف فلم يكن لهم راحة في شتاء ولا صيف فأطعمهم بعد ذلك من جوع وآمنهم من خوف فكانوا إذا شاءوا ارتحلوا وإذا شاءوا أقاموا فكان ذلك من نعم الله تعالى عليهم وحينما دخل “يعقوب” عليه السلام وأولاده إلى “مصر” قال لهم يوسف عليه السلام [ ادخلوا مصر إنشاء الله آمنين] يسوف: 99 آمنين: لأن الأمن أهم شيء.
ومن صفات الجنة أنها دار أمن يقال لأصحاب الجنة[ ادخلوها بسلام ءامنين] ومن أوصاف أهل الجنة [لا خوف عليهم ولا هم يحزنون] سورة يونس 62 ومن الله على قوم “سبأ” إنهم كانوا يسيرون في أسفارهم سالمين آمنين [سيروا فيها ليالي وأياماٍ آمنين] سبأ: 18.
وعندما يهل الهلال من كل شهر عربي يطالعه المسلم في السماء ويقول: (اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة ربي وربك الله). رواه أحمد (1397) عن طلحة بن عبيد اله وقال مخرجه: حسن لشواهده ورواه الطبراني في الدعاء (903) وعبد بن حميد (103) والدارمي (1688).
فالمسلم كما يبحث عن الإيمان يبحث عن الأمن وكما يبحث المسلم عن الإسلام يبحث عن السلامة وتبيِن صلى الله عليه وسلم أن نعمة الأمن تشكل مع العافية والرزق الملك الحقيقي للدنيا فعن عبدالله بن محصين الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من أصبح منكم ءامناٍ في سربه معافى في جسده عنده قوات يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها). رواه الترمذي وابن ماجه بإسناد حسن وحسنه الألباني في صحيح الجامع (6042) فبين صلى الله عليه وسلم أن الدنيا تجتمع للعبد في ثلاثة أشياء ومنها نعمة الأمن فالخائف كيف يؤدي العبادة وكيف يطمئن على أهله وأولاده ويحرص ماله وأملاكه بل كيف يذهب لأداء عمله.
وضد الأمن: الخوف قال تعالى [يا أيها الذين امنوا ادخلوا في السلم كافة] سورة البقرة: 208. وقال صلى الله عليه وسلم (والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل: من يا رسول الله¿ فقال صلى الله عليه وسلم من لا يأمن جاره بوائقه فالحق تبارك وتعالى دعا الناس جميعاٍ المؤمنين للدخول في السلام والأمن.
ورفع صلى الله عليه وسلم الإيمان عن المسلم الذي لا يأمن جاره أذاه وسوءاته.
وحرم الإسلام ترويع الآمنين بأي سبب من الأسباب في غزوة من الغزوات خفق أحد الصحابة على راحلته أخذته سنة من النوم فأراد أحد الصحابة أن يمازحه وكان معه كنانة فيها سهام فأخذ سهماٍ من كنانته في هدوء وخفية ففزع الرجل من النوم ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الفزعة فقال “لا يحل لرجل أن يروع مسلماٍ” رواه أحمد في مسنده [23064] عن عبدالرحمن بن أبي ليلى بلفظ حدثنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال مخرجوا المسند: إسناده صحيح ورواه أبو داود في سننه [5006] ورواه البيهقي في السند الكبرى [21709].
والحديث صححه الألبان في صحيح الجامع الصغير [13616] فانظروا وفقكم الله ورعاكم هذا الترويع الخفيف الذي هدفه المزاح والمداعبة لا يحل يحرم عليك أن تفزع أخاك تقلقله من نومه.
بل قولوا للدنيا بأسرها للعالم أجمع بأن ديننا الإسلامي يْحرم ترويع غير المسلم الذي لم يحاربنا يقول صلى الله عليه وسلم (المسلم من سلم الناس من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم) رواه الترمذي في الإيمان (2627) وقال حديث حسن صحيح ورواه النسائي في الإيمان (4995) عن أبي هريرة وهو عند البخاري ومسلم (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه” البخاري في الإيمان (10) ومسلم في الإيمان 41 فانظر رحماك الله في الحديث (أمنه الناس) أي كل الناس مهما كان لونه أو أصله أو ريانته. وفي ضوء ما سبق ذكره فإن ما نراه اليوم من تفجير لخطوط أنابيب البترول وشبكات الكهرباء وتفجير مابن تعليمية وملاجئ لليتامى ودور المسنين وتفجير أي مؤسسة أو مبنى حكومي أو ملك لأفراد كل هذا حرام فمن فعل ذلك أليس عنده رحمة أما تألم هؤلاء عندما علموا بتألم مريض الكلى أما تألم هؤلاء لمنظر ورؤية مريض الكبد أما تألم هؤلاء على حال الأطفال في الحضانات عندما تنقطع وتفجر الكهرباء أما تألم هؤلاء لحال كبار السن المرأة العجوز والشيخ الكبير عندما تتعثر أقدامهم في الظلام أما تألم هؤلاء عندما تتحول مدن بأكملها لظلام دامس يقع فيها من حوادث السير ما لا يعلمه إلا الله.
أنسي هؤلاء أنهم بذلك أرهقوا عباد الله الفقراء مادياٍ ومن هنا وفي ضوء ما سبق كله فإن التفجيرات للمنشآت العامة والخاصة حرام أيا كان سبب ذلك ولا تقبل بحال من الأحوال قال تعالى [ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها] سورة الأعراف وقال تعالى [ولا تبغ الفساد في الأرض إنه لا يحب المفسدين] سورة القصص وقال تعالى [والله لا يحب الفساد] سورة البقرة وقال صلى الله عليه وسلم “لا ضرر ولا ضرار” ومن الكليات الخمس أو الضرورات الخمس التي اتفقت جميع الشرائع على حفظها وحمايتها: 1) حفظ الدين. 2) حفظ النفس. 3)حفظ النسل. 4) حفظ العقل. 5) فظ المال. فضلاٍ عن أن هذه التفجيرات فيها استهانة بحرمة الدماء واستهانة بحرمة الأموال واستهانة بحرمة الأمن وفيها ترويع الآمنين وإيذاء للخلق فمن يتحمل ذلك أمام الله ثم بعد ذلك ألا يتذكر هؤلاء الذين يخربون المنشآت بتفجيرها ألا يسمعون لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث “بريدة” رضي الله عنه. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمِر أميراٍ على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراٍ ثم قال: اغزوا باسم الله وفي سبيل الله قاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليداٍ.
وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من قتل صغير أو كبيراٍ أو أحرق نخلاٍ أو قطع شجرة مثمرة لم يرجع كفافاٍ) رواه أحمد وفيه راو لم يسم وابن لهيعة قيد ضعف.
فبين صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بأن من ارتكب فعلا من هذه الأشياء المحرمة لم يسلم من التبعة وقد اقتدى الخلفاء الراشدون بهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدم التعرض للمسنين حتى في الحرب طالما لم يحاربوننا وعدم التعرض للزرع والشجر والنخل طالما يْعق تقدم جيش المسلمين.
هذا والله أعلم
رئيس بعثة الأزهر الشريف بالجمهورية اليمنية