غياب التسويق وقلة خبرة النحالين أبرز المشاكل

في دراسة لسلسلة قيمة العسل البلدي: ضوران- ذمار.. مراعي نحل طبيعية واسعة وواعدة

 

الثورة/
تمتلك اليمن من الخيرات الطبيعية الزراعية والمعدنية والثروة الحيوانية والغطاء النباتي ما يجعلها تحتل مقدمة أكبر الدول إنتاجا وتصنيعا.. لكن ضعف الوعي هو العلة الوحيدة التي تعيق هذا البلد العظيم عن اكتشاف قدراته وإمكاناته الكامنة التي تمكنه من الانطلاق نحو آفاق الإنتاج والاكتفاء وتعزيز الأمن الغذائي.
في هذه الزاوية نسلط الضوء- من خلال عرض مجموعة من الدراسات والبحوث- على دراسة الوضع الراهن، ودراسة سلاسل القيمة بشكل متكامل للتعرف على الفجوات في كل حلقة، من أجل تقديم خدمات التوعية والإرشاد المجتمعي ورفع القدرات المهنية وتجويد عمليات الإنتاج والتسويق على طريق تهيئة لبناء اقتصاد مجتمعي قادر على إدارة عجلة الإنتاج المحلي بكفاءة عالية.
وذلك بغرض تحديد نوع التدخل على مسار أساسي يكفل رفع القدرات لدى المنتجين في مختلف قطاعات الإنتاج النباتي والحيواني، بعد تحديد الفجوات المعرفية لديهم عبر الجمعيات التعاونية، ودراسة السبل الممكنة لتقديم القروض لإنعاش مشاريع الاقتصاد المجتمعي وتحسين مستوى دخل الأسر الأشد فقرا، والعمل على تسويق منتجاتها من خلال التنسيق والتشبيك مع الاتحاد التعاوني الزراعي، لفتح نوافذ الاتفاق مع التجار بتوفير المدخلات والمساندة في عملية الإنتاج مع ضمان عمليات تسويق بأسعار مناسبة تجزي جميع العاملين في سلاسل القيمة والحرص على تقليل منسوب الخسائر بالنسبة للمنتجين، وهذا يسهم في تهيئة أجواء الإبداع والابتكار في صناعة خلًيا، فرازات، تعبئة وتغليف العسل، صناعة أدوية ومواد تجميل من إنتاج وتسويق من شأنه خفض فاتورة الاستيراد للنحل.
في هذه الدراسة التي قام بتنفيذها مجموعة من الباحثين المتطوعين من طلاب الكليات والمعاهد الزراعية وفرسان مجتمعيين ضمن برنامج “المتفكرون” التي تسنده أكاديمية ومؤسسة بنيان التنموية برعاية وإشراف اللجنة الزراعية والسمكية العليا، يتابع الباحثون (عبدالسلام السماوي، مروان جبار، ناجي جسار، حسين الشامي) مراحل تربية النحل في مديرية ضوران ذمار من بداية التغذية والفحص والمتابعة المستمرة إلى قطع أقراص العسل إلى الفرز والتعبئة والتخزين والتسويق.
بدأت الدراسة باستعراض شامل لجغرافيا المنطقة وسكانها والظروف الاجتماعية وسلطاتها وهيكلها الإداري، ثم بالتعرف على طرق تربية النحل الشائعة حيث وجدت أن النحالين لا يزالون يعتمدون على أدوات تقليدية قديمة كالمدر وجذوع الشجر عدا نسبة ضئيلة منهم يعتمدون على خلايا حديثة، وأن الكراسي والطرابيل التي تستخدم لحماية الخلايا من البرد والشمس لا تستخدم في منطقة الدراسة إلا في مناطق بعيدة عن العيادات البيطرية، كما أن المقاطع التي يتم بها قطع أقراص العسل لا تزال عبارة عن سكاكين تقليدية، مما ضاعف من تكاليف تربية النحل.

وتختزل الدراسة أوجه القصور في:
1 – قلة الخبرة لدى مربي النحل نتيجة ضعف التواصل فيما بين المربين أنفسهم وضعف التنسيق بين النحالين وموردي المدخلات، كما أن النحالين في منطقة الدراسة ولا يقومون بفتح خلايا العسل إلا من الموسم إلى الموسم.
2 – نسبة كبيرة من النحالين لا يعتمدون على إضافة السكر بالخالص على مدار السنة والمشكلة التي تواجه مربي النحل فيما يخص التغذية السكرية هي ارتفاع تكاليف السكر، كما أنهم يعتقدون أن إضافة السكر يضعف من جودة العسل.
3 – تتعرض النحل في منطقة الدراسة للإصابة بأمراض أهمها الفاروا (القملة) والإسهال والعثة.
4 – الفرز يتم بطرق يدوية.
5 – 90 % من النحالين في منطقة الدراسة يقومون بتعبئة العسل في علب الماء الفارغة.
وفيما يخص التسويق، صنفت الدراسة عسل المنطقة ضمن أفضل وأجود أنواع العسل اليمني، وأن أهم المواسم التي يعتمد عليها أغلب المربين في إنتاج هي موسم “علان” وهو موسم ينتج فيه أفضل أنواع العسل، وموسم الجحر، وموسم عسل الصيف.
لكنها استدركت بأن الطبيعة هناك غير مستغلة بالشكل المشجع على جلب الاستثمارات الصغيرة والأصغر، إذ أن أكبر نحال ينتج في السنة ما يعادل 50 – 80 كجم، وهي كميات لا تكاد تفي بمتطلبات الاستهلاك الذاتي والبيع المباشر، ويباع الكيلوجرام بـ 30 ألف ريال في موسم “علان”، وفي المواسم الأخرى كالصيف والخريف فيتراوح سعر الكيلوجرام ما بين 20 – 25 ألف ريال، وهي أسعار غير مجزية للمربين.
وأرجع الباحثون إشكالية عدم استغلال أبناء المنطقة لفرص الاستثمار الطبيعية المتوافرة إلى عدم انتظام عملية التسويق في محلات خاصة ببيع العسل لغياب وجود جهات تستثمر في هذا الجانب.
فيما أوضحت الدراسة أن المنطقة تمتلك مقومات كبيرة، وجيدة لمشاريع تربية النحل من أهمها: توفر مراعي التغذية الطبيعية، حيث أوضحت أن مديرية ضوران تشكل معظمها مناطق جبلية وسهول وأودية خصبة يغطيها غطاء نباتي كثيف وأشجار السدر والطلح والسلام والضبه، وأعشاب عطرية وطبية لا حصر لها بالإضافة إلى كونها من أهم روافد وادي سهام ووادي رماع، وتبلغ مساحتها 984كم2، وأوصت لذلك بضرورة تبني الجمعية التعاونية حلولا مناسبة من شأنها الحفاظ سلالة النحل القديم وتكاثرها لما يمتاز به خاصية تحمل التعايش مع ظروف طبيعة المنطقة من خلال:
– رفع القدرات لدى المنتجين مهنيا.
– العمل على توفير مشاريع خاصة توفر مدخلات النحل مثل الخلايا وطوائف النحل والصناديق.
– تشجيع الاستثمار في مدخلات النحل في المنطقة والمساهمة في مجال دعم وابتكار صناعة الخلايا وأدوات النحل وأدوية اللقاح،
– تنظيم ودعم إنتاج العسل وتشبيك النحالين في المنطقة بالتجار، وتفعيل دور التسويق عبر الجمعية التعاونية لما من شأن ذلك العمل على تهيئة أجواء مشجعة على الأقبال على تربية النحل وزيادة الإنتاج.
– استخدام التغذية السكرية تمثل عامل جيد في الاهتمام بالنحل وتحافظ عليه من الانهيار والضعف خصوصا أيام الجفاف، وكذا استعمال العلاجات والأدوية لمكافحة وعلاج الأمراض.
– توفير قروض بيضاء للأسر الأشد فقرا وتوعية وتدريب النحالين في استخدام المدخلات لتحسين جودة العسل.
– تشكيل “مجالس النحالين الإرشادية” من أجل تبادل وتحسين خبرات طرق تربية النحل ومراقبة مشاكله وأمراضه وحمايته من القوارض التي تعتدي عليه واختيار أفضل العلاجات والتغذية المستخدمة لأغراض تنشيط إنتاج خلايا جديدة.

قد يعجبك ايضا