أي مستقبل ينتظر الأجيال في ظل تدهور التعليم الحكومي؟

صولان صالح الصولاني

 

 

العلم يبني بيوتا لا أساس لها
والجهل يهدم بيوت العز والشرف
اعتقد شخصيا أن هذا البيت الشعري واضح المعنى والمغزى منه ولا يحتاج إلى تفسير أو تحليل أو تأويل ومن يدعي فينا عدم سماعه له يتكرر على مسامعه أو عدم رؤيته موثقا في كتب ودواوين الشعر أو مكتوبا بالخط الواضح والعريض على حيطان وجدران بعض المدارس والجامعات فهو أما أصم وأبكم وأعمى في آن معا أو أنه يكون بذلك قد كذب على نفسه أولا ومن ثم على الآخرين .
كما لا يوجد هناك فينا –أيضاً- من يشكِّك في حقيقية نزول سورة من سور القرآن الكريم وبدايتها اللذين وردا بصيغة الأمر “اقرأ”، فما بالك بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الكثيرة التي تحث وتدعو الناس للتزود بالعلم والاغتراف من مناهله، والتي لا يمكن أن ينكرها أو يجهلها إلا جاهل وجاحد وتائه في مهاوي الضياع والفساد .
كذلك الحال إذا سئل أحدنا أو سأل عن السبب الذي جعل الرسول صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله يوصينا بطلب العلم وسلك درب العلم النافع والهدى الذي يصب في صلاح الأمة ونفعها، موضحاً لنا أين هي مصادره ومنابعه الحقيقية وأين ومن هو باب مدينة العلم الذي يجب علينا اتباعه وانتهاجه قولاً وعملاً لنتمكن من الفلاح والفوز في الدنيا والآخرة ؟ وذلك بقوله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله ” أنا مدينة العلم وعلي بابها “، فلا يمكن أن يجيب أي واحد منَّا أو يجاب على ذلك بـ” لما للعلم النافع والهدي الرباني من أهمية في صلاح الفرد والمجتمع والأمة الإسلامية ” التي بوضعها -وهاء الضمير لا تزال عائدة لكلمة ” العلم”- هنا كإجابة تكون قد أعفت السائل والمسؤول ذكر السؤال مرة أخرى .
ولكن من المؤسف جدا في بلادنا وبالرغم من أنه لم يعد حالياً يخفى على المسؤولين في الدولة ومعهم أبناء المجتمع بأن وضع التعليم الحكومي في بلادنا بشكل عام، صار متدنياً وسيئاً للغاية لعدة أسباب يأتي على رأسها وفي مقدمتها الاستهداف الممنهج الذي تعرَّض له من قبل تحالف العدوان السعوصهيوأمريكي ومرتزقته على مدى أكثر من 7 أعوام، والذي يتدهور عادة نحو الأسوأ عاما بعد آخر، إلا أن أحدا لا يتطرَّق للموضوع أو ينظر إليه بعين الاعتبار أو حتى يعير مشكلة التعليم أدنى اهتمام يذكر من باب استشعار وتحمِّل المسؤولية الملقاة على عاتقه أمام الله والوطن والشعب، كون الأمر متعلقاً بمصير ومستقبل وطن وأجيال بكاملها، لتظل مسألة النظر إلى التعليم الحكومي بعين الاعتبار وإعطائه الاهتمام الذي يستحقه من قبل مسؤولينا الكرام، لا تتعدى قيامهم كل على حدة بتجنب آثار وتداعيات مشكلة التدهور المخيف للتعليم الحكومي في بلادنا ولكن في إطار الأسر والأبناء الذين يعولونهم فقط وبما من شأنه أن يكفل ويضمن لأبنائهم وأحفادهم الحصول على بيئة تعليمية مناسبة، فتجدهم لتلافي وقوع فلذات الأكباد ضحايا تعليم فاشل اشتهرت به المدارس والجامعات الحكومية دون منازع، يحرصون على تدريسهم بمدارس أهلية خاصة وعلى نفقتهم الخاصة وبعد أن يتخرجوا من الثانوية العامة يضمنون لهم حق مواصلة التعليم الجامعي في جامعات أهلية خاصة -أيضاً- على نفقتهم الخاصة، وما عدا ذلك فإنهم كمؤثرين في صنع القرار وكمسؤولين عن إدارة شؤون التعليم والأمن والقضاء بل وإدارة شؤون البلاد والعباد ككل، يتعايشون جنبا إلى جنب مع مشاكل التعليم الحكومي التي يكتوي بنارها أجيال المستقبل الّذين يعول عليهم في بناء الوطن والارتقاء به والحفاظ عليه من المؤامرات والأخطار.
وبالتالي فإنه ليس من المعقول والمنطقي أن يركن قادة ومسؤولو الدولة، في دفع مواصلات ونفقات الكادر التعليمي لضمان استمرارية العملية التعليمية، على المساهمات التي تتقاضاها إدارات المدارس الحكومية من الطلاب الذين معظم آبائهم موظفون حكوميون مثلهم مثل الكادر التعليمي “مقطوعة رواتبهم”.
ولا يخفى على أحد من المسؤولين في الدولة، الحرص الشديد الذي يبديه قائد الثورة السيد العلم/ عبدالملك بدرالدين الحوثي –سلام الله عليه- في محاضراته وخطاباته بخصوص الاهتمام بالنشء والشباب واستغلال طاقاتهم وقدراتهم وأوقات فراغهم حتى في أثناء الإجازات الصيفية لئلا يصبحون تائهين في مهاوي الضياع والفساد الأخلاقي، ولكي لا يكونون لقمة سائغة للوقوع في براثن الاستغلال والاستقطاب من قبل القاعدة وداعش وأخواتهما لتنفيذ الأهداف والمخططات الأمريكية والصهيونية الرامية إلى تدمير مجتمعاتنا وشعوبنا العربية والإسلامية واستهدافها في دينها ووحدتها وتماسكها ونهب ثرواتها ومواردها.. وبالتالي يجب أن يستوعب الجميع وزراء ومسؤولين وتجاراً ومشائخ ووجهاء في بلادنا حقيقة أن طلاب وطالبات التعليم الحكومي ومعهم الكادر التعليمي الذي أصبح يقاسي الأمرّين نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة، يشكِّلون جزءاً مهماً منا ومنهم كيمنيين، ويبحرون معنا ومعهم على ظهر سفينة واحدة، هم ربانوها وقادتها، فإما أن يوصلوا هذه السفينة إلى بر الأمان بمن على ظهرها وإما أن يفشلوا في قيادتها ويعرضوها للغرق بنا وبهم وبأبنائنا ومعلميهم وأبنائهم الطلاب في قاع المحيط والعياذ بالله.
وفي الأخير ونحن على أعتاب عام دراسي جديد، يبقى رسم وصياغة وصناعة المستقبل المشرق والمنشود للوطن وأجياله رهناً بانتشال التعليم الحكومي من وضعه السيىء والارتقاء به وبوعي الأجيال الذين يمثلون نصف الحاضر وكل المستقبل، والأمل كل الأمل يظل معقوداً على قادة ومسؤولي الدولة والتجار، في تسخير جانب كبير من اهتماماتهم ودعمهم لـ“التعليم الحكومي”، بما يضمن حصول الأجيال على مجانية التعليم والاهتمام بالكادر التربوي لتأدية دوره المأمول، وبما يصب –أيضاً- في الارتقاء بالتعليم الحكومي وانتشاله من الوضع الخطير الذي وصل إليه جراء ما تعرَّض له من استهداف ممنهج من قبل العدوان ومرتزقته..

قد يعجبك ايضا